الجيلالي فرحاتي مخرج عصامي تحكي أفلامه قصصا اجتماعية بسيطة في الغالب لكن معالجتها السينمائية، على مستويات السيناريو والإخراج والتشخيص، فيها مجهود ملحوظ ودرجة كبيرة من الإبداعية والتمكن من أدوات التعبير بالصورة المتحركة وتوابعها. إنه واحد من المخرجين المغاربة القلائل الذين فرضوا احترامهم على عشاق السينما وثقافتها وذلك بفضل عمق أعماله ومخاطبتها لذكاء المتلقي وبفضل أسلوبه السينمائي المتميز الذي ظل وفيا له منذ انطلاقة مسيرته كمخرج سينمائي في سبعينات القرن الماضي إلى الآن . لقد تلقى تكوينا رصينا في اللغة و الأدب الفرنسيين وفي علم الاجتماع بالجامعة الفرنسية وانخرط كممثل ومؤلف في حركة مسرح الهواة بطنجة وتعزز هذا الانخراط بمشاركته في أنشطة الجامعة الدولية للمسرح بباريس كممثل ومخرج ، كما انفتح على عوالم السينما من خلال مشاهدات روائع الأفلام وممارسة السينما كهواية في بداية الأمر، قبل أن يقرر الدخول إلى عالم الإبداع السينمائي من بابه الواسع واحتراف التمثيل وكتابة السيناريو والإخراج والإنتاج، خصوصا بعد عودته إلى المغرب واستقراره بمدينة طنجة العزيزة على قلبه والتي تحضر أجواؤها وفضاء اتها الجميلة في جل أفلامه . تجدر الإشارة إلى أن فترة العشر سنوات التي قضاها الجيلالي فرحاتي بفرنسا قد لعبت دورا كبيرا في تكوينه الثقافي (أدب وعلوم إنسانية بالأساس) وصقل مواهبه الفنية (مسرح، سينما، تشكيل، موسيقى...)، الشيء الذي أهله لينطلق بثبات في مسيرة سينمائية إخراجية موفقة ليصبح أحد كبار ممثلي سينما المؤلف بالمغرب والعالم العربي. وما يشهد على مكانته المتميزة في حقل الإبداع السينمائي الجوائز العديدة التي حصدتها أفلامه في مختلف المهرجانات السينمائية الوطنية والعربية والدولية واختياره ليترأس العديد من لجن تحكيم مسابقات الأفلام في الداخل والخارج أو ينضم إلى عضويتها . كما يشهد عليها حضوره اللافت في وسائط الإعلام المختلفة عبر حوارات معه أو عبر كتابات نقدية وصحافية تتمحور حول أعماله السينمائية وتجربته الفنية عموما . وما حلقة 2010 من سلسلة «سينمائيون ونقاد» المنظمة من طرف الجمعية المغربية لنقاد السينما حول تجربته السينمائية أيام 26 و27 و28 نونبر الجاري إلا جزء من هذا الحضور الإعلامي والنقدي ، سيتمخض عنها كتاب، كما كان الأمر مع المخرجين عبد القادر لقطع وسعد الشرايبي وفريدة بليزيد ، ينضاف إلى الكتاب الذي صدر هذه السنة بعنوان « نظرات في سينما الجيلالي فرحاتي « بمبادرة من مهرجان مرتيل السينمائي وبمشاركة النقاد محمد صوف ومحمد باكريم ومحمد كلاوي ومبارك حسني ومحمد اشويكة وفريد الزاهي والراحل نور الدين كشطي ، بالإضافة إلى المخرج لطيف لحلو والأستاذ الباحث رشيد برهون. وفيما يلي البرنامج العام لتظاهرة «سينمائيون ونقاد» حول التجربة السينمائية للجيلالي فرحاتي بقاعة سينما باريس والمركز الثقافي ابن خلدون بطنجة: يقام حفل الإفتتاح ابتداء من السابعة مساء بسينما باريس ويتضمن كلمات الجهات المنظمة والداعمة وشهادات في حق الجيلالي فرحاتي يقدمها نور الدين الصايل وحميد العيدوني وليلى التريكي وهدى الريحاني ، بالإضافة إلى كلمة المخرج المحتفى به وعرض فيلمه الأخير «عند الفجر» ويشتمل برنامج اليوم الثاني جلستين دراسيتين حول تجربة المخرج فرحاتي بالمركز الثقافي ابن خلدون ، الأولى في العاشرة صباحا تلقى فيها مداخلات النقاد أحمد سيجلماسي ومحمد صوف وعمر بلخمار وعبد النبي دشين وبوشتى فرقزايد ورشدي المانيرا ، متبوعة بردود الجيلالي فرحاتي، والثانية في الرابعة زوالا تقدم فيها مداخلات النقاد حمادي كيروم ونور الدين محقق وسعيد شملال وفاطمة إيغودان وأحمد فرتات ومولاي إدريس الجعيدي ، متبوعة بردود المخرج . ويختتم هذا اليوم بعرض فيلم « ذاكرة معتقلة « (2004) في السابعة مساء بسينما باريس ويتضمن برنامج اليوم الأخير تقديما لكتاب سينمائي جديد حول الجيلالي فرحاتي وسينماه بعنوان « سينما المكلومين» من تأليف الناقد بوبكر الحيحي ابتداء من العاشرة صباحا بالمركز الثقافي ابن خلدون ، متبوعا بمائدة مستديرة حول أعمال المخرج ونقاش مفتوح معه ثم اختتام التظاهرة