يتضمن برنامج الدورة الثانية للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة لقاء مفتوحا مع الوفد السوري حول التجربة السينمائية السورية ، فيما يي إطلالة مركزة على هذه التجربة : 1 المراهنة على الكيف ما يلاحظ على التجربة السينمائية السورية حاليا هو إفرازها لأفلام قليلة كما لكنها متميزة نوعا ، فالأفلام الأخيرة لمخرجين أمثال محمد ملص ( باب المقام ) وريمون بطرس ( حسيبة / ملامح دمشقية) وحاتم علي ( الليل الطويل / سيلينا) و عبد اللطيف عبد الحميد ( أيام الضجر ) وغيرهم ، ذات قيمة إبداعية وفكرية من حيث كتابتها السينمائية ومضامينها الإنسانية ، إنها أفلام جدية لا مكان فيها للإبتدال ، تركز على الهم الإنساني وتطرح أسئلة هادفة تهم حياة الفرد والمجتمع . ما يؤكد هذه الملاحظة هو الجوائز التي تحصدها هذه الأفلام في المحافل السينمائية العربية والدولية 0 2 تجربة عمرها مائة سنة علاقة المجتمع السوري بالسينما تعود تاريخيا إلى بداية القرن الماضي ، فالعروض السينمائية الأولى نظمت بمدينتي حلب سنة 1908 ودمشق سنة 1912 ، وأول قاعة سينمائية افتتحت سنة 1916 ، وأول فيلم سوري روائي طويل صامت تم إنتاجه سنة 1928 بعنوان " المتهم البريء " من طرف هواة شباب متحمسين من بينهم رشيد جلال وأيوب بدري ، لقي نجاحا عند عرضه في سورية ولبنان 0 بعد ذلك ظهرت الشركات وتوالت إنتاجات الأفلام الروائية والتسجيلية والوثائقية القصيرة و الطويلة وتم بناء العديد من دور السينما بمختلف المدن السورية تجاوز عددها 120دارا سنة 1963 . وبعد الإستقلال أولت الدولة اهتماما خاصا بالسينما حيث أحدثت سنة 1951 قسما خاصا يهتم بأمور السينما المحلية ويوفر لها وسائل العمل ، وأطلقت جريدة سينمائية مصورة أسبوعية ، وفي أواخر الخمسينات من القرن الماضي تم إنشاء أقسام للسينما بعدد من الوزارات ، الشيء الذي ترتب عنه زيادة في إنتاج الأفلام وظهور شركات جديدة 0 في سنة 1963 أحدثت المؤسسة العامة للسينما ، التي أولت الصناعة السينمائية اهتماما خاصا ، ووضعت خططا عملية لتكوين الأطر في المعاهد السينمائية بالخارج استعدادا للبدء في إنتاج الأفلام ، وبالفعل كانت الإنطلاقة بإنتاج أفلام قصيرة ذات طبيعة اجتماعية وتحسيسية ... وتلتها أفلام روائية طويلة . إلى جانب القطاع العام ظل القطاع الخاص ينتج الأفلام التي تراهن بالأساس على شباك التذاكر ، ويمكن اعتبار عقدي الستينات والسبعينات بمثابة عصر ذهبي للحركة السينمائية السورية كما كان عليه الأمر في بقية البلدان . بعد ذلك بدأت وثيرة الإنتاج السينمائي تتراجع تدريجيا بسبب توجه شركات القطاع الخاص إلى إنتاج الدراما التلفزيونية التي حققت نجاحات ملحوظة واكتسحت جل الفضائيات العربية ، وظلت المؤسسة العامة للسينما تنتج الأفلام السينمائية لكن بمعدل متواضع لا يتجاوز في الغالب فيلمين روائيين طويلين في السنة 0الملاحظ أنه في مختلف مراحل التجربة السينمائية السورية ظهرت شركات إنتاج خاصة كثيرة ساهمت في دوران عجلة الإنتاج والتوزيع الإستغلال ، منها ما اندثر ومنها ما لا زال مستمرا ، والحصيلة هي فيلموغرافيا تتكون من حوالي 400 فيلم روائي طويل ومئات من الأفلام القصيرة والوثائقية والتسجيلية 0 3 في انتظار الصناعة السينمائية لا يمكن الحديث عن صناعة سينمائية قائمة بذاتها في سورية كما هو الشأن مثلا في مصر أو الهند أو الولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها ، وإنما يمكن الحديث عن تجربة سينمائية عرفت مدا وجزرا وأفرزت كما فيلموغرافيا فيه الغث والسمين مثلها في ذلك مثل تجارب أخرى كالتجربة المغربية على سبيل المثال . وإذا كانت الدراما التلفزيونية قد حققت في السنوات العشر الأخيرة ما لم تستطع تحقيقه التجربة السينمائية السورية ، رغم تاريخها الطويل ، من نجاح داخلي واكتساح للأسواق الخارجية ، فإن مقومات الصناعة السينمائية متوفرة بسورية إذا تظافرت الجهود وتم وضع استرايجية متكاملة وشمولية يشارك فيها القطاعان العام والخاص بإمكانياتهما وخبراتهما مع الإنفتاح على مكونات المجتمع الأخرى التي يمكنها أن تساهم بدورها في هذا المشروع أحمد سيجلماسي ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر عند الاستفادة