"هناك شيء ما فاسد في مملكة الدانمارك" هكذا تحدثت شخصية مرسيلوس في مسرحية "هاملت" لشكسبير. هذا القول ينطبق أيضا على المركز السينمائي المغربي الذي ما فتئ كل مرة يفاجئ الجمهور المغربي خاصة السينمائي بتصرفات غير منطقية. وإلا كيف يمكن تفسير حصول شريط "شقوق" لمخرجه هشام عيوش على الدعم(30 مليون) وهو شريط ضعيف ورديء فنيا، سواء من ناحية الإخراج أو التصوير فضلا عن الغياب التام للسيناريو. فالشريط لا يرقى إلى أن نسميه عملا سينمائيا بشهادة كل من شاهده خلال مهرجان مراكش في دورته الأخيرة. هذا إذا أضفنا عدم تطرقه إلى أي موضوع يعالج قضية ما، إلا ما كان من الإباحية الجنسية واللغوية إذا صح التعبير. فلغة الحوار ساقطة وسافلة لا يتصورها العقل ومشاهده صادمة بكل المقاييس. لكن أن يقدم المركز السينمائي(في شخص لجنته الموقرة) الدعم لهذا الشريط، حتى ولو كان بعض دريهمات لان الإشكال ليس في المبلغ ولكن في التصرف، فهذا تصرف لا عقلاني ولا سينمائي ويأتي في وقت لم تحصل فيه مجموعة من المشاريع بل وعدة أشرطة قصيرة متميزة على الدعم. ألان المخرج من عائلة عيوش؟ فهو الأخ الأصغر لنبيل عيوش. أم لان شركة الإنتاج التي أنتجت الفيلم هي فيديوراما؟ إن حصول شريط "شقوق" على الدعم (وأشرطة أخرى مثله) يعني التشجيع على الرذالة والانحطاط وليس على الفن الحقيقي والجمالية والإبداع. إن على لجنة الدعم كما على المركز السينمائي مسؤولية تاريخية وفكرية أمام المتلقي المغربي حول ما تصدره من قرارات تخص الإبداع السينمائي ببلادنا.وهي لا محالة ستسال عن ذلك إن عاجلا أو آجلا، من طرف الجميع سيما من طرف الأجيال المقبلة التي ستكتشف مدى إسهام هذه اللجنة(أو سابقاتها) في تردي أوضاع السينما المغربية، وان كان مستوى الإنتاج قد حقق طفرة مهمة. فالمقياس في الإبداع الفني ليس بالكم وإنما بالكيف. فكم من مخرجين لم ينتجوا أفلاما عديدة لكنهم بعمل واحد أو اثنين خلدوا أسمائهم في عالم السينما. فمثلا المخرج المصري شادي عبد السلام لم ينجز إلا فيلما واحدا وهو "المومياء" لكنه اعتبر من أروع ما أنتجته السينما المصرية منذ بدايتها إلى اليوم. فمن المؤسف أن نرى منذ سنين المركز السينمائي الذي يعتبر مؤسسة وطنية، والذي يضم كفاءات مشهود لها في ميدان السينما على المستوى الوطني، أن يسقط في فخ الكم على حساب الجودة و الإبداع و التطلع إلى المنافسة العربية إن لم نقل العالمية. وان يقدم الدعم لأعمال تشوه بسمعة المغرب و بسمعة السينمائيين الحقيقيين فيه، لان أصحابها ينتمون إلى عائلا ذات نفوذ وقرار. إن ما شاهدناه في مهرجان مراكش من أفلام مغربية ك"شقوق" أو "الرجل الذي باع العالم" للأخوين نوري( وان كان موضوع الشريط البحث عن السعادة ذو أهمية) إضافة إلى "«أقدار متقاطعة» لإدريس شويكا، لا يبشر بخير بحيث أبانت تلك الأشرطة عن أن السينما المغربية دخلت في نفق مظلم بل في التيه و العبث، وأصبح هاجس من يصادقون أو يؤشرون عليها أن يشجعوا من يتسابق من المخرجين في إبراز مشاهد الجنس والسكر والعربدة عوض المعالجة البناءة والجمالية التي هي أساس الصورة السينمائية. مصطفى الطالب ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر عند الاستفادة