إيمانا واعترافا منها بما أسداه بعض المخرجين الأفارقة ارتأت اللجنة المنظمة بالمركز السينمائي المغربي أن تفتتح الدورة التاسعة للمهرجان السينمائي الوطني المنظم للمرة الثالثة بمدينة طنجة في الفترة مابين 18 و 27 أكتوبر 2007، بفيلم " مولادي " من إخراج صمبان عصمان و الذي رحل إلى دار البقاء في يوم :09 يونيو 2007، تاركا وراءه عددا من الأعمال الأدبية والسينمائية المتميزة والتي عالجت في مجملها قضايا المجتمع، جل أفلامه ورواياته هي عبارة عن فضح وتعرية للنخبة الإفريقية الحاكمة التي نشأت بعد الاستعمار، عالج في أفلامه أيضا مشاكل الفساد التي نخرت المجتمع السينغالي . تكريما لروح هذا المخرج المسلم/ المناضل سينمائيا أفردت مجلة " الفن السابع " التونسية التي يديرها ذ مصطفى نقبو، والمختصة بقضايا السينما الإفريقية والعالمية عددها 114 لشهر يوليوز لهاته الشخصية السينمائية التي طبعت كينونة السينما الإفريقية، اعترافا له لما أسداه للسينما السينغالية خصوصا والإفريقية على وجه الخصوص من قوة ونفس في مصاف السينمات العالمية، وللأمانة العلمية سوف نتصرف في بعض ما ورد في هاته المجلة (*) : صمبان عصمان : من حمال بالميناء وبائع للسمك إلى مخرج سينمائي متميز ولد صمبان عصمان في الفاتح من يناير 1923 بقرية " زينغو نشور" من إقليم " كازامانس" بالسنيغال، التحق منذ سن السابعة بالمدرسة القرآنية، انتسب إلى المدارس الفرنسية فضلا عن لغته الأم " الوالوف "، ، لكن سرعان ما هجر مقاعد الدراسة ليسلك منهج التكوين العصامي،...... تم تجنيده في سنة 1943 ضمن الفيلق السينغالي للجيس الاستعماري الفرنسي، سافر خلسة إلى فرنسا سنة 1946، واستقر بمدينة مرسيليا حيث زاول مهنا متعددة لينتهي كحمال في الميناء، قاده العمل النقابي إلى الانتماء للحزب الشيوعي الفرنسي، ناهض بشدة حرب " الهند الصينية " ونادى باستقلال الجزائر، وبذلك كانت جل أفلامه عن المقاومة وعن النضال من أجل غد أفضل وعن فساد المجتمع السينغالي،وعن الهوية الإفريقية ........ في سنة 1956 انطلق في رحلته الإبداعية بإصدار روايته الأولى " حمال الميناء الأسود " ، وهي عبارة عن سيرته الذاتية، أصدر سنة 1957 ثاني أعماله الروائية " بلدي، أيها الشعب الجميل " تلاه سنة 1960 عملا ثالثا عن إضراب عمال السكك الحديدية بداكار وباماكو سنة 1947. عاد صمبان إلى موطنه سنة 1960 إثر حصول السينغال على الاستقلال، زار مالي وغينيا والكونغو، ثم بدأ يهتم بالسينما بعد أن أدرك الحاجة إلى صناعة صورة مغايرة لإفريقيا تعكس واقع القارة بعمقه الثقافي وتنوعه الحضاري ، رحل إلى الاتحاد السوفياتي سنة 1961، ليلتحق بمعهد السينما بموسكو وفي سنة 1966 أخرج شريطه القصير الأول " عربة بوروم " تلاه في سنة 1964 " سوداء فلان " وهو أول عمل سينمائي لمخرج من إفريقيا السوداء، وتوج الفيلم بجائزة التأنيت الذهبي للدورة الأولى لمهرجان قرطاج السينمائية ، كما حاز على جائزة " جونفيغو " ويروي الفيلم قصة فتاة من السينغال تهاجر إلى فرنسا للعمل كخادمة في اليبوت لكن أرباب البيت يعاملونها معاملة العبيد مما دفع بها إلى الانتحار. ويعد فيلم " الحوالة " لسنة 1968 من أفضل الأعمال التي قدمها صمبان للسينما، وقد نال جائزة النقاد الدوليين في مهرجان البندقية، وهو عبارة عن كوميديا لاذعة تفضح ممارسات البرجوازية الجديدة التي ظهرت في السينغال بعد الاستقلال ، وفي سنة 1970 منعت الرقابة في السينغال شريطه " سيدو" بأمر مباشر من الرئيس سنغور ، ويتناول الفيلم وقائع ثورة " السيدو " في نهاية القرن السابع عشر الميلادي، ويهاجم المخرج في هذا الشريط حملات التبشير بالديانتين الكاتوليكية والإسلامية في غرب افريقيا وما أدت إليه من طمس لثقافة السكان الأصليين وسط تواطؤ الأرستقراطية المحلية . عانى صمبان من الرقابة مجددا مع فيلمه " معسكر تيراوي " ولكن هذه المرة في فرنسا ، حيث لم يمنع حصول الفيلم على الجائزة الخاصة للجنة التحكيم في مهرجان البندقية سنة 1988، الرقابة الفرنسية من مصادرة الفيلم الذي يعرض معاناة جنود " الفيلق السينغالي " ضمن الجيش الاستعماري الفرنسي بمعسكر " تيراوي" بافريقيا سنة 1944، وفي سنة 2000 انظلق صمبان في إنجاز ثلاثية تتحدث عن أوجه البطولة في الحياة اليومية، لم ينجز منها إلا شريطين: - الأول بعنوان : " فات كيني " يتمحور حول الأوضاع المزرية للمرأة وتخلفها في المجتمع الإفريقي، في حين يتناول شريط " مولادي " الذي أنجز سنة 2003 موضوعا حساسا لطالما ساد حوله صمت مريب وهو ظاهرة ختان الفتيات المنتشرة بكثر داخل المجتمعات الإفريقية، ويروي فيه صمبان قصة أربع فتيات يهربن خوفا من عادة الختان ويلجأن إلى امرأة تدعى " كولي أردو " والذي شخصته بقوة الممثلة المالية " فطوماتا كولوبالي " والتي تمنحهن حمايتها ورعايتها رغما عن معارضة زوجها الشديدة وضغوطات أهالي القرية ، شارك عصمان بهذا الفيلم ضمن فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان السينما الإفريقية بمدينة خريبكة بالمغرب الذي نظم في الفترة ما بين 3 و 10 يونيو 2006، وقد حاز هذا الشريط على جائزة النقاد في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فضلا عن جائزة " نظرة ما بمهرجان كان " الفرنسي والجائزة الخاصة للجنة التحكيم في مهرجان مراكش بالمغرب وهي جوائز تنضاف إلى مسيرة حافلة لمخرج حاز في سنة 2001 على جائزة جامعة هارفرد الأمريكية، كما نال سنة 2006 وسام الشرف للجمهورية الفرنسية، ناضل من أجل قضية الثقافة الإفريقية، عصمان صمبان الرجل الثمانيني كان مايزال يحتفظ بشبابه، ومازالت إفريقيا العاهرة على حد قوله يحبها ويعشقها فهي قلب العالم بالنسبة له، لأنها – كما كان يصفها – قارته الفاسدة المليئة بالمرض والفقر والتخلف . .توفي صمبان عصمان في منزله بمدينة " يوف" يوم السبت 9 يونيو 2007 عن سن تناهز 84 سنة، تاركا وراءه زخما من الأعمال المتميزة والتي جعلت بعض النقاد يصفه بالأب الحقيقي للسينما الإفريقية ومؤسس دعائمها . من أهم أعماله السينمائية : 1963 : عربة بوروم وهو فيلم قصير 1964 : مملكة صوغاي 1966 : سوداء فلان 1968 : الحوالة 1974 : قزالا 1976 : سيدو 1987 : معسكر تيراوي 1992 : غليوار 2000 : فات كيتي 2003 : مولادي بطاقة تقنية للفيلم " مولادي" : فيلم مولادي 35 ملم 120 دقيقة . إخراج : صمبان عصمان سيناريو : صمبان عصمان إنتاج : عصمان صمبان و تييري لنوفيل تشخيص : فاطوماتا كوليبالبي، سيمونة إيلين ديارا، سليماتا تراوري، ماح كومباري، دومينيك زايدة ملخص الفيلم : " كولي كلو اردوسي" أم تخلص ابنتها الوحيدة من طقوس الختان المنظمة كل سبعة سنوات، خلال هاته السنوات تتمكن أربع فتيات من الهرب من القرية حتى لا تخضعن لتلك العملية، وتبحثن عن ملجأ " مولادي" عند كولي، هذا الحادث جعل القرية في حالة هيجان نتيجة تعارض مبدأين : مبدأ الحق في الحماية ومبدأ الخضوع لعادة الختان . هامش : (*) مجلة الفن السابع عدد خاص عن المخرج : عصمان صمبان : عدد رقم 114 شهر يوليوز 2007 المدير المسؤول : مصطفى نقبو ( تونس ) : بتصرف . حسن مجتهد ( مهتم بالسينما) الدارالبيضاء - المغرب