"براق" مفتكر يحلق في سماء المهرجان نظمت مابين 10و17 يوليوز الجاري بمدينة خريبكة فعاليات الدورة 13 لمهرجان السينما الإفريقية. والذي تنافس على جوائزه الثمانية ، إثنى عشرفيلما من عشر دول إفريقية. حيث فاز فيلم "براق" للمخرج المغربي محمد مفتكر بالجائزة الكبرى(جائزةعصمان سامبين) وجائزة أفضل ثاني دور نسائي لماجدولين الإدريسي، وقد اعتبر مفتكر أثناء تسلمه للجائزة مهرجان خريبكة مهرجانا للنقد، مؤكا أنه تعلم السينما من الكتابات النقدية. وعادت جائزة لجنة التحكيم مناصفة لفيلمي "شيرلي أدامس" للمخرج أوليفيي هيرمنيس من جنوب إفريقيا، و"فينك أليام" للمخرج إدريس شويكة من المغرب. فيما حصل المخرج المصري سامح عبد العزيز على جائزة الإخراج، و نالت مواطنته مريم ناعوم جائزة السيناريو، أما الممثل البوركينابي سيرج أونري فحصل على جائزة أفضل دور رجالي عن دوره في فيلم "إمرأة ليست كالأخريات"، ونالت الممثلة الجنوب إفريقية دنيس يومن جائزة أحسن دور نسائي عن دورها في الفيلم المتميز "شيرلي أدامس". إصدارات سينمائية وقد عرفت هذه الدورة تقديم وتوقيع تسع إصدارات سينمائية، إذ كان للمهتمين والجمهور موعد خلال الفترة الصباحية، التي تسبق نقاش الأفلام ، مع النقاد السينمائيين المغاربة لمناقشتهم في آخر إصداراتهم، والتي انقسمت إلى صنفين كتب فردية،وهي "أفلام وأفلام" لعبد اللطيف البازي و"الصورة عند رولان بارت " لبوشتى فرق زايد و"كتابات في السينما، قراءات في أفلام مغربية وعالمية" لعبد الكريم واكريم و"في السينما العربية" لمومن السميحي و"خطاب الصورة: المتخيل والواقع" لفؤاد زويرق و "السينما والمجتمع" لمولاي إدريس جعايدي. وأخرى جماعية هي "أسئلة النقد السينمائي المغربي" الصادرعن مشورات نادي إيموزار للسينما، و "التجربة السينمائية للمخرجة فريدة بليزيد" للجمعية المغربية لنقاد السينما، و"سينما مومن السميحي ، قلق التجريب وفاعلية التأسيس النظري" الذي أصدرته جمعية القبس للسينما والثقافة بزاكورة، و "سؤال الهجرة في الإعلام والسينما" لكل من د.الحبيب ناصري وعبد الرحمان مسحت وصالح العروصي. وقد كانت جلسات تقديم الإصدارات مناسبة لمناقشة ومحاولة تحديد مفهوم النقد السينمائي حيث تعددت الرؤى في هذا الإطار. وفي نفس السياق دعى المنظر والمخرج السينمائي المغربي مومن السميحي إلى تحديد المفاهيم النقدية معلنا عن إطلاق موقع إلكتروني بهذا الخصوص،على أن يكون الاشتغال فيه جماعيا من طرف النقاد والمهتمين، مشيرا إلى أن كثيرا من المصطلحات النقدية يتم استخامها بشكل اعتباطي وغير محدد، كمصطلح"النقد الأكاديمي" الذي يطلق في فرنسا، على سبيل المثال، على النقد الرديء فيما النقاد المغاربة يفتخرون بكونهم "أكاديميون" في نقدهم!، ومصطلح "الميلودراما" الذي يستعمل تارة كنعت محايد لصنف(genre) من الأفلام، وتارة لوصف نوعية رديئة من الأفلام. وعلى العموم يمكن الجزم أن مهرجان خريبكة،هوالمهرجان السينمائي المغربي الوحيد الذي يهتم بالإصدارات السينمائية، بعد أن تخلى المهرجان الوطني عن هذا الدور، إذ يعتبرها قيمة مضافة ويخصص لها فضاء ووقتا مهما من زمن انعقاده. ندوة المهرجان(السينما الإفريقية والتعاون جنوب جنوب) وعرف المهرجان أيضا تنظيم ندوة حول موضوع "السينما الإفريقية والتعاون جنوب جنوب" والتي شارك فيها كل من مدير المركزالسينمائي المغربي نور الدين الصايل وميشال أودراوكو المندوب العام لمهرجان واكادوكو للسينما الإفريقية(فيسباكو) والمخرج المالي عبدولاي سكوفاري باعتبارهم ثلاث أصوات –نماذج للتعاون جنوب جنوب على حسب تعبير نور الدين الصايل. وفضل ميشال ودراوكو الحديث عن التعاون الإفريقي-إفريقي عوض الجنوب جنوبي، مذكرا بأن تاريخ السينما الإفريقية عرف عدة نماذج لهذا التعاون إما على شكل تعاون رسمي بين الدول أو بشكل فردي، مشيرا إلى أن من يمول ويدعم المنتوج الفيلمي هو من يتحكم في نوعية الأفلام المنتجة ومن بينها جهات أوروبية ، ونظرا لهذه الخلفيات فإن السينمائيين الأفارقة أصبحوا يلحون على ضرورة دعمهم من طرف حكومات دولهم حتى يتمتعوا بنوع من الاستقلالية، معتبرا أن المغرب يتميز بكونه الدولة الوحيدة إفريقيا التي تدعم السينما بل هي تتعدى حدودها الوطنية داعمة الأفلام الإفريقية بحيث أصبح مختبر المركز السينمائي المغربي في خدمة المخرجين الأفارقة وأفلامهم، ضاربا المثل للتعاون الإفريقي- إفريقي الجيد بفيلم "مولادي" لأوسمان سامبين . لكن المخرج المالي أبدولاي سكوفاري خالف المتدخل الأول الرأي مؤكدا أن السينمائيين الفارقة غير قادرين على الاستغناء عن الدعم الأوروبي، لكنه استدرك قائلا أنه استفاد بدوره من إيجابيات التعاون جنوب-جنوب خصوصا مع المغرب مؤكدا أن فيلمه الثاني الذي مازال لم يرالنوربعد استفاد من خدمات المركز السينمائي المغربي. أما نورالدين الصايل فقد اعتبر تجربة فيلم"مولادي" للمخرج السينغالي الكبير أوسمان سامبين تجربة جيدة يجب أن تحتذى للتعاون جنوب-جنوب..منتقلا للحديث عن أزمة السينما بإفريقيا والتي من بين أسبابها شبه انعدام قاعات السينما. أما بخصوص التعاون والإنتاج المشترك المغربي الإفريقي فقد وصل حسب الصايل إلى 27فيلما لحد الآن، مؤكدا أنه ليس للبلدان الإفريقية سوى اقتسام كفاءاتها مع بعضها البعض حتى تتواجد فقط وليس لكي تنافس أوروبا، إذ ليس بالإمكان لبلد إفريقي أن ينقذ نفسه وحيدا، فالسينما ماتت في السينغال التي كانت رائدة إفريقيا، وهي تحتضر في مصر، أما جنوب إفريقيا فلا تستطيع إيجاد سوق أخرى خارج أراضيها، وحسب الصايل فالبلد الوحيد الذي استطاع خلق الاستثناء هو المغرب، وذلك بأفلام حققت أرقاما جد جيدة في شباك التذاكر، منافسة أفلاما أمريكية ومتفوقة عليها كفيلم "كازا نيكرا" وفيلم "حجاب الحب". وفي تدخل للمخرج والناقد التونسي فريد بوغدير، الذي التحق بالمنصة، أشار بدوره إلى استثاء اسمه أوسمان سامبين، الذي كان يرفض أثناء حضوه مهرجان كان بدون فيلم في المسابقة الرسمية أن يقيم على حساب المهرجان مفضلا الإقامة على نفقته الخاصة في فندق صغير، مشيرا بذلك إلى رفضه للسطوة والإملاءات الأوروبية التي ترافق دعم الأفلام..لكن بوغدير استدرك بعد ذلك مؤكدا أنه هو شخصيا "يحب" المال الأوروبي.