ان المتامل في الموقع الجغرافي/الاقتصادي لمدينة خريبكة من شانه ان يستخلص مجموعة من الملاحظات يمكن تجميعها في المكانة المتميزة التي تحتلها هذه المدينة المغربية /الفوسفاطية ....مدينة تتموقع بالقرب من مدينة البيضاء /حوالى 120كلم /مدينة عمالية لها امتدادات تاريخية مرتبطة بفترة المستعمر الفرنسي الذي جعل منها مدينة مزودة له وللعديد من دول العالم بالفوسفاط ....مما جعل هذا المستعمر يرهنها ببنية اجتماعية تتساير وهذه الوظيفة الاقتصادية حيث بنى فيها المرافق ذات البعد الترفيهي /الاجتماعي نذكر على سبيل التمثيل لا الحصر /قاعة الافراح التي شهدت تكوين اقدم ناد سينمائي ومسابح مفيئة حسب نوعية الاطار الفوسفاطي وكنيسة وثلاثة احياء سكنية مفيئة هي الاخرى حسب الاطار الفوسفاطي 1/ حي خاص بالمهندسين 2/ حي خاص بالاطر 3/ حي خاص بالعمال هذا التفيئ ساهم في خلق بنيات اجتماعية/تربوية تتساير وطبيعة هذا التفيئ ....ان الغاية من هذا التفيئ هو التحكم في المسار الاداري والانتاجي لاهم مكون اقتصادي انذاك في المدينة وفي المغرب ككل وهو الفوسفاط ....وقد ولد هذا التفيئ خلا ل فترة الاستعمار الفرنسي بنية اجتماعية منقسمة الى قسمين 1/ الحي الفوسفطي /الفيلاج حي النصارى/. 2/الحي الشعبي/حي بقية السكان . هذا التقسيم الاستعماري الفرنسي لم تكن العيطة المغربية الاصيلة بعيدة عنه بل دونته بنوع دال اذ تقول احدى الحبات /من القنطرة لهيه كولشي راشق ليه/حيث كانت القنطرة تفصل بين الحيين ببنيتهما المتحدث عنها سابقا .... لماذا هذا التاطير اذن ....ان الغاية واضحة هنا وتتغيا مساعدة البعيد عن المدينة من معرفة بعض خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعيةخلال الاستعمار الفرنسي ....والتي بدات تتراجع للعديد من العوامل في افق تداخل بنيات ومكونات المدينة في ضوء مجموعة من التحولات السوسيو اقتصادية ...ونخص بالذكر البعد الاجتماعي الذي بدا يميز المدينة وتحديدا الهجرة بنوعيها القانونية وغيرها ناهيك عن كون المدينة تميزت في العديد من مراحلها الادارية والاقتصادية بكونها كانت فضاء مفتوحا لتفاعل العديد من الفئات المجتمعية المغربية الوافدة.... منها العنصر الامازيغي السوسي/والمشرقي الوجدي....لاسباب ترتبط بكون هذه العناصر كانت تمتلك ثقافة العمل المعدني المحتاجة من طرف الادارة الفوسفاطية الاستعمارية ....مما جعل العديد من الاسر تستقر بالقرى المنجمية العمالية والتي تفاعلت واغنت العنصر البدوي الذي كانت بنيته السوسيو اقتصادية مرتبطة بماهو رعوي على وجه الخصوص ...كل ذلك ساهم في غنى وتنوع التجارب والعادات والتقاليد ....ناهيك عن كون المدينة ونظرا لنموها الديموغرافي ....استقطبت العديد من الاطر والموظفين من كل الفئات والدرجات خصوصا المجال التعليمي/التربوي ....مما جعل المدينة تعرف حركية نقابية وجمعوية واجتماعية وثقافية مفتوحة ...شكل فيها النادي السينمائي على المستوى السينمائي المجال الخصب الذي تفاعلت وتلاقحت فيه العديد من الافكار والتجارب والتيارات ...والقراءات كانت في معظمها ذات بعد ايديولوجي....تسايرت والحرب الباردة التي كانت تميز العالم ككل .....ومن رحم النادي السينمائي والجامعة الوطنية للاندية السينمائية التي كانت تتميز بخصوبة اطرها والفاعلين فيها وبعض الفعاليات الاخرى ....ولد المهرجان السينمائي الافريقي الذي اطفا شمعته 12 خلال شهر يوليوز المنصرم بعدما تحول من بعده الجمعوي الى بعده المؤسساتي ....ناهيك عن حركة مسرحية متميزة عرفتها المدينة والقرى المنجمية المحيطة بها بالاضافة الى مدينة المقاومة والشهداء مدينة وادي زم ....حيث كانت دور الشباب المجال الخصب للتعبير عن الذوات المكلومة والراغبة في البوح بكل اشكال الامال من اجل غد اخر ...فتداخل البعد الوطني بالبعد القومي ....مما جعل منها تيمات مسرحية وفنية بشكل عام ودائما كانت الرؤية تتم من خلال ثنائية العالم الموزع بين معسكرين متصارعين /الغرب والشرق /.... وحركية رياضية اخرى غنية في بعدها التنوعي /كرة القدم وكرة اليد وسباق الدراجات ..... هذه بعض الاجواء المميزة لمدينة خريبكة في الماضي والحاضر....والتي من رحم نقاشاتها وفعلها الجمعوي ومساهمة بعض نقادها في العديد من المحطات السينمائية الوطنية والدولية والاعلامية ....ولد مهرجان الفيلم الوثائقي ...مهرجان يسعى ان يضيف لمسة فنية وثقافية الى المدينة على مستوى ثقافة الصورة كثقافة شرطية اليوم ان نحن اردنا ان نعرف ذواتنا وكيف يتصورها الاخر .....فكان الاعداد لهذا المهرجان الهادف وببساطة الى الانخراط في نشر ثقافة الفيلم الوثائقي كثقافة اصبحت تحتل مكانة استعجالية في خريطة اهتماماتنا السمعية /البصرية ....فكانت في البداية اسئلة بناء مهرجان وطني او عربي او دولي ...تم طرح كل التصورات وكل الابعاد الهادفة الى لفت الانتباه الى الفيلم الوثائقي في كل ابعاده التكوينية والتربوية والثقافية والفنية والجمالية والتاريخية وكان لابد من ضرورة الانفتاح على ما وصل اليه الاخر....بل كان من الضروري ان نعرف مدى انشغال المغربي بالفيلم الوثائقي في ضوء بعض التجارب العربية والاجنبية.... من هنا كان الحلم بمهرجان دولي مهتم بالفيلم الوثائقي ....فكان الحلم في بداية بداياتها .....طرحت من خلالها العديد من الاسئلة والتوقعات والانتظارات وطرح الصعوبات ....وكيفية البحث عن امكانات تمويلية قانونية ونزيهة وشفافة ....فكانت القطرة الاولى التي لن ننكر ابدا فضلها النوعي والتشجيعي القطرة الاولى التي وضعتنا فوق سكة تحويل الحلم الى بداية الفعل ونقصد هنا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بخريبكة التي قبلت ملفنا من اجل الحصول على الدعم لانه بني بطريقة ادارية وقانونية وعلمية وثقافية هادفة ....ثم كانت النقطة الثانية الاتية من المركز السينمائي المغربي....فبدات الكاس تمتلئ ....في انتظار قطرات اخرى نتمنى ان تاتي من مرافق عمومية مهمة كالمكتب الشريف للفوسفاط والمجلس البلدي للمدينة ومكونات اخرى.... كما لا يمكن انكار دور العديد من وسائل الاعلام الوطنية المكتوبة والسمعية والبصرية...ناهيك عن دور العديد من المنابر الاعلامية العربية والاجنبية المكتوبة والالكترونية ....وها نحن نسير ونحن كلنا امل في ان تدعم الفكرة ....بل من اجل ان يجد المولود الجديد مناخه الطبيعي من اجل الولادة الطبيعية من اجل الحياة ....من اجل الجمال ....من اجل ان ترفرف العديد من رايات البلدان العربية والاجنبية ....بمدينة خريبكة معلنة بداية مهرجانها الاول ايام 1و2و3 اكتوبرمن نفس السنة الجارية والى ذلكم الحين نقول بكل صدق..... الود والعطر لكل من ساهم و سيساهم في ولادة هذا المولود الجديد . الدكتور الحبيب ناصري /ناقد وباحث ''الفوانيس السينمائية''