بداية العد التنازلي لنهاية العالم في 21/12/2012 :أسطورة نهاية العالم تعزز الحجوزات السياحية في مناطق المايا المكسيكية ! حسب حسابات قدماء المايا سيتم البدء بتصفير الزمن كمؤشر لنهاية البشرية ! فهل سيتحقق ذلك فعلا ؟ كان هناك دائما توقعات بنهاية العالم طبقا لتوقعات ثقافات متعددة ضمنها سكان أمريكا الأصليين ، قدماء المصريين ، الصينيين وحتى الايرلنديين ن ولكن نبؤه قدماء المايا تبدو الأكثر ترويجا وشعبية هذه المرة ....ما السبب في ذلك ؟ يقال أن حضارة المايا التي وصلت لأوجها ما بين 300 و900 سنة بعد الميلاد كانت ذات موهبة خاصة في علم الفلك ، كما تم تطوير الرياضيات لإنشاء روزنامة زمنية دقيقة نسبيا . توقع المايا حدثا جللا يكرس نهاية العالم مثل تغيير شمسي درامي أو تحرك مؤثر في مدار كوكب الزهرة يتبعه زلازل عنيفة مدمرة . وقد بدأت توقعاتهم الزمنية في العام 3114 قبل الميلاد ، مقسمين الزمن إلى 394 دورة زمنية تسمى الواحدة "باكتون " ، وحيث كما في معظم الحضارات الغربية والقديمة كان الرقم 13 مميزا ومخيفا وذا دلالة ، حيث توصلوا وكتبوا أن الباكتون رقم 13 سينتهي في 21/12/ 2012 ( وبداعي الفضول فقد قمت بإجراء حسبة ووجدت هنا فرقا مداه أربع سنوات !) . نشأت نظرية يوم القيامة من اكتشاف منحوتات حجرية أثرية في ستينات القرن الماضي ، وقد وجدت في منطقة تسمى تاباسكو الواقعة في خليج المكسيك ، حيث وصفت عودة آلهة المايا مع نهاية الفترة الثالثة عشر ! يعتبر المايا من قبل الباحثين الغربيين شعب غريب أسطوري حافل بالدلالات والألغاز والأسرار والمعارف الخاصة ، حيث يقول عالم المايا الاسترالي "سفن جرونماير " أن ما يحدث هو نوع من التطابق الغريب ما بين توقعاتنا ومخاوفنا من جهة وبين تواريخ روزنامة المايا من جهة أخرى ! ويقارن هذا العالم (من جامعة لاتروبي ) توقعات المايا مع التوقعات التي سادت عند انتهاء حقبة الألفين ( ما كان يسمى : واي 2 كا ) ، عندما دبت المخاوف عالميا مع توقع انهيار أنظمة الحاسوب في بداية العام 2000 ، ولكن شيئا من هذه التوقعات لم يحدث ودخلنا للعقد الأول من القرن الحادي والعشرين بلا مشاكل حاسوبية أو حياتية ، كما أضاف جرونماير ان البشر ومنذ البدء انجذبوا لفكرة النهاية الكارثية والتوقعات المتشائمة ! ونلاحظ بالفعل العديد من المواقع الالكترونية التي تتحدث بإسهاب حول نفس الموضوع ، ويبدو أن هوليود كعادتها قد قامت بالتمهيد لهذا الحدث بفيلمها الشهير الذي أطلقته في العام 2009 بعنوان " يوم القيامة 2012 " . فانتازيا خيالية لا يمكن تصديقها ! يتحدث فيلم يوم القيامة 2012 الذي كلف إنتاجه 200 مليون دولار عن حدوث نهاية العالم في الحادي والعشرين من كانون أول 2012 ، وهي نهاية التقويم الخاص بشعب المايا ، وذلك كنتيجة حدوث سلسلة من الكوارث الطبيعية المخيفة الناتجة عن زيادة حرارة نواة الأرض بتأثير جسيمات النيوترينو ، التي وصلت للأرض حسب ادعاء الفيلم بواسطة توهجات شمسية عارمة ! الفيلم الحافل بالمؤثرات السينمائية المبهرة يوضح في لقطة معبرة كيفية ضرب التسونامي الهائل لمرتفعات الهيملايا ، حيث يحاول الناجون من الكارثة بناء حياة جديدة ، ويحمل الفيلم مؤشرات سياسية تم إقحامها بغرض إظهار مسؤولية والتزام أمريكا الأخلاقي تجاه الكوارث العالمية ، ومدى اهتمامها باستمرار حضارة بشرية انتقائية ( وهذا ما لم نلمسه في مواقف أمريكا والغرب عموما تجاه مشاكل الاحتباس الحراري والبيئة كما ظهر جليا في مؤتمرات كيوتو ودوربان ، والتي اتسمت بالأنانية وقصر النظر !) . حيث يقوم الرئيس الأمريكي الأسود ( هل هذه مجرد صدفة ؟) واسمه في الفيلم توماس ويلسن في العام 2010 (أدى الدور باقتدار الممثل داني جلوفر ) ، يقوم بالمبادرة بمشروع غربي هائل للمحافظة على ديمومة البشرية ، وتم تمويل المشروع بواسطة بيع التذاكر للأثرياء الراغبين في النجاة بأنفسهم وعائلاتهم ، مقابل بليون دولار للشخص الواحد ! وفي العام 2011 تم نقل الكنوز والمقتنيات القيمة لمرتفعات الهيملايا لحمايتها من هجوم إرهابي ..... الطريف في هذا الشريط المبهر تقنيا هو أنه بعد الزلازل المدمرة والفيضانات العارمة والتسونامي المخيف الذي ضرب معظم القارات وأباد المليارات ، لم تنجو إلا أفريقيا وبعض اليابسة من المصير المحتوم ، حيث تسافر مركبة " الآرك " لرأس الرجاء الصالح ، كما تبدو مرتفعات " داركنز بيرغ " الأفريقية الأعلى في العالم بعد اكتساح وتدمير كافة المرتفعات الأخرى ! فهل تم اختيار إفريقيا لتصبح قارة النجاة ربما لأنه تم اكتشاف بقايا الإنسان الأول فيها ؟ أما فكرة اختيار ناجين وطريقة تمويل المشروع وتصميم وإنشاء مركبة " الآرك " المذهلة فربما تمثل أفكارا قابلة للتطبيق مستقبلا ، وتسجل كايجابيات لهذا الخيال العلمي الجامح ! تطرح أفيشه الفيلم الترويجية سؤالا ساذجا يتعلق بترتيبات حكومات العالم تجاه الكارثة المتوقعة ، فماذا تستطيع حكومات العالم أن تفعل وقائيا تجاه كوارث طبيعية ماحقة كهذه ؟ وقد عهدنا تجارب مريرة كالتسونامي الأخير الذي ضرب جزر اليابان بعد زلزال مدمر ، وما نتج عنه من كوارث توجها تدمير محطة الطاقة النووية " فوكوشيما " والتسريبات الإشعاعية الخطيرة وتحديات التعامل معها . موقف وكالة الناسا : الفيلم الأكثر سخافة ! وصف خبراء من وكالة الفضاء الامريكية ( ناسا) هذا الفيلم بأنه اسوأ أفلام الخيال العلمي وأكثرها سخافة ، نظرا لما يحتويه من أخطاء علمية فادحة ، ولما أثاره من مخاوف وقلق عند الكثيرين من سكان العالم ، حيث تصدر قائمة أسوأ افلام الخيال العلمي ، نظرا لأن جسيمات النيوترينو لا يمكنها عمليا التفاعل مع المواد الملموسة كما ظهر في الفيلم ، وانه من المستحيل أن تسبب تلك الجسيمات المحمولة الى الأرض بفعل عواصف الوهج الشمسي ارتفاعا كبيرا في حرارة نواة الأرض او أن تسبب الأعاصير والزلازل وموجات التسونامي الهائلة التي يمكنها اغراق قمة أفريست كما عرض الفيلم ( بشكل مبهر ) ، وقد تلقت الوكالة أعدادا هائلة من الرسائل والاستفسارات ، وأنشأت على غير عادتها موقعا الكترونيا خاصا لدحض وانكار احتمالية حدوث ذلك ، لقد كان بامكان المخرج الكبير وكاتب القصة رولاند ايمرش ان يحق فيلما متميزا ، لو استند لقصة وسيناريو علمي رصين كما في العديد من الأفلام المشابهة التي اكتسبت رضى النقاد والناس على حد سواء بسبب معالجتها المنطقية لهذا الموضوع الحساس ، ومنها على سبيل المثال فيلم " آرميغادون " الذي تناول قصة انقاذ الأرض من نيزك ضخم جرى تفجيره بواسطة قنبلة نووية ! نوسترداموس ونهاية العالم ! توقع نوسترداموس نهاية العالم كنتيجة للحرب العالمية الثالثة ، أو من خلال محاذاة الكواكب ، علمابأنه يوجد احتمال لحدوث محاذاة كوكبية نادرة جدا في التاريخ المذكور ، وهذا التوافق النادر لن يحدث الا مرة كل 25000 سنة ، وقد يتسبب في تدمير كوني واسع النطاق ، علما بأن ادخال هذا الجسم الكوكبي نيبيرو لنظامنا الكوكبي قد يسبب اضطرابات هائلة في مدارات كل من المشتري واورانوس والزهرة والأرض ، كذلك قد تصل ذروة التوهجات الشمسية لأقصى مداها مع نهاية عام 2012 ، ويعتقد أن يتزامن ذلك مع دورة كوكب نيبيرو الاصطفافية ، التي قد تلحق بالأرض أضرارا ليس لها مثيل ، ولكن كل هذه السيناريوهات الكارثية تبدو كتكهنات افتراضية يصعب الاقتناع بها ، وتبقى القيامة في المنظور الاسلامي حدثا غيبيا لا يعلمه الا الله عز وجل ( ويسئلونك عن الساعة قل علمها عند ربي ) . أما سيناريو الحرب العالمية الثالثة فيبقى قائما طالما بقي عالمنا احاديا مليئا بالظلم والعدوان والاحتقان ، وتسيطر عليه الرأسمالية المتوحشة بامكاناتها اللامحدودة وغطرسة القوة والتعالي ، ومع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل ، وطغيان التعصب والكراهية والهيمنة والعرقية والطائفية والعنصرية والأساطير الدينية لبني اسرائيل ، التي تسيطر على دول العالم الكبرى من خلال اللوبيات والأموال والمافيات الاجرامية ! كذلك لن ننسى احتمال انفجار القنبلة البيئية الموقوتة ، اذا ما بقيت عناصر اللامبالاة والاهمال وقلة الوعي هي المهيمنة على نمط التفكير البشري ، والتي ينتج عنها الاحتباس الحراري وانفتاح ثقب الاوزون ، والذي قد تتبعه ارتفاعات غير مسبوقة في درجة الحرارة وامكانية ذوبان الثلوج في القطبين ، وقد ينتهي ذلك بسيناريو " سينمائي " كارثي تكتسح فيه الفياضانات سواحل ومدن العالم ! طقوس احتفالية وكبسولة زمنية ! هناك في جنوبالمكسيك (قلب حضارة المايا) تم التخطيط لإجراء احتفال يستمر لعام كامل ( لموعد القيامة الافتراضي !) ، وتتوقع وكالة السياحة المكسيكية جذب حوالي 52 مليون زائر للعام القادم ، لزيارة مواقع الحضارة البائدة في كل من " شيابس ، بوكانان ، كوينتانا ، روو تابسكو ، وكاميشي " ، حيث نفس المواقع لم تستضف سوى 22 مليون زائر في العام العادي . يعتقد معظم العلماء بأن نهاية العام 2012 ستكون مؤشرا لانتهاء دورة زمنية هامة في روزنامة المايا : إنها رسالة للأمل والتأمل ، يكمن مغزاها في التفكير الايجابي بكيفية قضاء السنة الأخيرة على وجه البسيطة (وخاصة بالنسبة للمؤمنين )! والبعض يعتقد بأن النهاية الحقيقية ستكون خلال الخمسين أو المئة عام القادمة ، أما علماء الناسا فلا يعترفون بهذه النهايات الأسطورية ، كما أنهم يتجاهلون اقتراب كويكب نيبيرو ( أو ما يسمى الكوكب اكس أو ايريس ) ، ويدعون انه لو كان هذا الكويكب المزعوم يقترب حقا من الأرض ، لكان علماء الفلك قد قاموا برصده ومتابعة مساره قبل فوات الأوان وخلال العقد الماضي .....ولكان أصبح مرئيا بالعين المجردة ، ولكنه حسب زعم هؤلاء العلماء مجرد كويكب بعيد يشبه بلوتو ، ويدور بعيدا في الفضاء الشمسي ، وأقرب مسافة يمكن أن يقربها من الأرض تزيد عن الأربعة بلايين ميل ! أما الطريف في الأمر فهو أن كهنة موقع " ايزابا " سيحرقون البخور وسيقيمون صلوات دينية ، وستقام طقوس داخل أدغال " كينتانارو " يتم خلالها وضع رسائل وصور داخل كبسولة زمنية ليتم دفنها لخمسين سنة قادمة ، حيث سيقوم كهنة المايا وراقصون هنود بإقامة احتفال راقص حول موقع الكبسولة الزمنية ، كما ستحتفل " يوكاتان " بإكمال متحف المايا مع نهاية الصيف القادم ! مهند النابلسي كاتب وباحث / عضو رابطة الكتاب والاتحاد العربي لكتاب الانترنت خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة