مقدمة: فكرة الانتماء إلى عالم خال من الصور يبدو من غير المعقول اليوم دون شك. كل مكان من حياتنا اليومية تظهر الصورة في أشكال متعددة الدعائم الإعلامية: الفيديو والوسائط المتعددة والسينما والتصوير الفوتوغرافي. الصورة هي أيضا الوسيلة ذاتها التي نفكر وننظم ذاكرتنا بواسطة التمثيل العقلي. ظلت الصورة دائما مؤثرة بعمق على العقليات، أكثر مما يمكن سماعه ، أو إحساسه وقوله. تلعب الصورة دورا في تصميم البية والكون الذي نتواجد فيه، وفي علاقتنا بالعالم . من وجهة النظر هذه فإنه من المشروع اعتبار المكانة التي أعطيت للصورة أمرا أساسيا في علاقتها بالتاريخ والأحداث. فقد كشفت أحداث 11 من سبتمبر النقاب عن قدرة الآلة الإعلامية ومدى مؤازرتها للأجندة السياسية بكل تفاصيلها الدقيقة، فتتشكّل المادة الإعلامية بمختلف أدواتها مع متطلبات القرار السيواستراتيجي؛ بمعنى يكون الفعل الإعلامي حسب الاقتضاء السياسي. وأعتقد بان متابعة حادثة ارتطام الطائرتين ببرجي مركز التجارة العالمي وانهيارهما بتفاصيلها الدقيقة عبر بث الصورة وتكرارها لا يخرج عمّا خُطط له من قبل الإدارة الأمريكية والمنظومة الإعلاميّة، وبالتالي هذا اليوم بالنسبة للأمريكيين كان لابدّ من أن يوصف باليوم الذي غيّر وجه التأريخ، بحيث لن تكون الحياة القادمة كما كانت عليه، وإذا بالحقيقة السياسية لا تقبل الوقوف عند الإدانة أو الاستنكار بل ذهبت إلى أقصى من ذلك، أي قرار الحرب. الدعاية السينمائية وحمى الوطنية: لقد أجريت دراسة عن الرقابة والدعاية في الولاياتالمتحدة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001. في هذا التحليل الأول وجد أن هناك ظاهرتين مزعجتين جدا للديمقراطية الأمريكية؛ فبعد أن أصيبوا بحمى الوطنية مارس المواطنون الرقابة حيث أصبحوا لا يترددون في إدانة أولئك الذين يتجرؤون على انتقاد حكومتهم. من جانبها تحولت وسائل الإعلام إلى أجهزة الدعاية، الصحافيون الآن على استعداد للقتال، وهكذا فإن المذيع الشهير دان راذر Dan Rather من قناة سي بي اس CBS وضع نفسه تحت أوامر الرئيس بوش Bush دون تحفظ : ((أود أن انضم للصفوف، فقط عليه أن يقول لي أين صرح)). زرعت الرقابة والدعاية بقوة في المشهد السياسي والإعلامي لصالح الجمهوريين والرئيس بوش الذي قدم على أنه بطل قومي. وفي طبعة خاصة من مجلة كانت قد خًصصت له جاء العنوان كالآتي“George W. Bush : The Making of a Wartime President "جورج دبليو. بوش صناعة رئيس زمن الحرب ". وكمقدمة يمكن قراءة الآتي: ((سوف تعيشون هذه الأيام من التحدي والخوف والانتصار كما ترونها من خلال عيون قائدنا العام، فاليوم الذي غير أمريكا هو أيضا اليوم الذي غير الرئيس. وفي مثل هذا السياق، كيف نتجرأ على انتقاد رجل شجاع، الذي هو قائدنا على مسؤولياته الخاصة)). و يبقى الممثل الشهير روبرت ريدفورد Robert Redford واحدا من القليلين الذي نددوا بمثل هذه التجاوزات هذا النوع من الوطنية: . ((البلاد تحتاج [بعد 11 سبتمبر 2001] إلى وطنية معينة، و إلى الالتفاف حول رمزية العلم. إلى هنا هذا يروق لي، وكأنها وسيلة للشفاء. ولكن عندما يكون الناس الذين يطرحون الأسئلة، ويبحثون عن تفسيرات أو حتى ينتقدون ينظر إليهم على أنهم يفتقرون إلى الحس الوطني، يصبح هذا أمرا خطيرا، إنه تهديد ضد مبدأ الديمقراطية وحرية التعبير بينما في الواقع، نحن نقاتل لحماية هذه الحرية)). هذه الكلمات تلخص بشكل جيد الروح التي سادت منذ 11 سبتمبر 2001 والتي كانت مصدر قلق في الأوساط الإعلامية وأيضا الثقافية. في هذه المقاربة سنحاول تحليل الدعاية الهوليودية والوطنية. الدعاية الهوليودية: في 11 نوفمبر 2001 بعد شهرين بالضبط من الأحداث المأساوية جرى بفندق في بيفرلي هيلز Beverly Hills لقاء جمع كارل روف Karl Rove, مبعوث البيت الأبيض بأرباب العمل في هوليوود. لقد جاء روف ليناقش مساهمة صناعة السينما في الحرب ضد الإرهاب. وبعد الاجتماع أكد جاك فالنتيJack Valent ممثل الاستوديوهات، أنه لا وجود لمسألة الرقابة أو الدعاية، وأن الأمر يكمن في الاعتماد على الخيال الخلاق، ومهارات الإقناع التي يمكن أن تساعد هذا المجهود الحربي حتى يستطيع الأمريكيون مرة أخرى العيش في حياة طبيعية. هل هي دعاية أم لا؟ التعريف الذي يورده القاموس الفرنسي روبير الصغير le Petit Robert لمصطلح الدعاية واضح مع ذلك: فعل ممارس على الرأي العام لحمله على بعض الأفكار السياسية والاجتماعية، لدعم سياسة حكومة، ممثل" أو فعل " تمجيد مزايا فكرة، نظرية، لرجل [...] من أجل الحصول على عضوية، أو على دعم. هذا التعاون لم تفاجئ المخرج المصري يوسف شاهين الذي يرى وجود علاقة قوية بين هوليوود والبيت الأبيض: [...]سوف تدعم هوليوود دائما البيت الأبيض. فالصناعة السينماتوغرافية محمية ومدافع عنها من طرف واشنطن ، وهذا أمر طبيعي. جميع الرؤساء طالبوا ، و-باسم مبدأ التجارة الحرة- ، بالحق في هيمنة السينما الأميركية. وحتى بيل كلينتون Bill Clinton كان من المتحمسين لهذه الفكرة. البيت الأبيض يدافع عن مصالح هوليوود، وهوليوود تعرف ذلك جيدا وبالتالي فإن مصيرهما أصبح أكثر ارتباطا عن ذي قبل. في الواقع يجري الهجوم الهوليوودي على ثلاث جبهات؛ أولا يجب على صناعة السينما أن تظهر دعمها لهذه القوات على الارض. الممثلون والممثلات يقومون بزيارة للقوات وحضور العروض الأولى لبعض الأفلام. فيلم المحيط الحادي عشر Ocean Eleven قدم إلى مشاة البحرية المتمركزة في تركيا الذين استطاعوا الالتقاء في نفس المناسبة بالممثلين؛ جوليا روبرتس Julia Roberts براد بيت Brad Pitt وجورج كلوني George Clooney ومات ديمون, Matt Damon وأندي غارسيا Andy Garcia. وبالمثل شاهد البحارة العاملون على متن حاملة الطائرات يو اس اس كارل فنسون USS Carl Vinson في الخليج الفارسي فيلم (وراء خطوط العدو) Behind Enemy Lines واجتمعوا بطاقم الفيلم الذي كان متواجدا معهم. والجبهة الثانية هي التلفزيون، حيث تم وبسرعة تمرير رسائل عيد الميلاد لصالح الجنود، وقد اضطلع بقراءتها نجوم المسلسلات، وأدرجت الولاياتالمتحدة ضمن مسلسل [القاضي المحامي العام] JAG [Judge Advocate General] الذي بث على شبكة سي بي اس CBS سيناريوهات تذاع مباشرة من العمليات العسكرية في أفغانستان. بفضل التلفزيون ترك الواقع مكانه للترفيه في غضون بضعة أيام، كما لو أنه محاولة لتبرير الحرب بسرعة، حتى أن حلقة من القاضي المحامي العام ذهبت إلى حد محاكمة أحد الإرهابيين من تنظيم القاعدة، وهذا الأمر يدخل في إطار إظهار عمل المحاكم العسكرية التي شكلتها إدارة الرئيس جورج بوش. بطبيعة الحال فالبنتاغون يدعم بقوة عمل هوليوود. وحسب نيويورك تايمز New York Times "، فإن البنتاغون كان قلقا[...] لأن الجيش ينظر إلى ما يسميه المحللون في التلفزيون" militainment "باعتبارها واحدة من أكثر الطرق فعالية لتمرير رسائلهم. كما بثت شبكة سي بي اس السلسلة الأمريكية الطيارون المقاتلون American Fighter Pilots حيث أظهرت تكوين طياري المقاتلات، ومنذ البداية ربطت بين أحداث 11 سبتمبر 2001 ودور الطيران في مكافحة الإرهاب. وحسب الأميرال كريغ ر.كويغلي Craig R. Quigley المتحدث باسم القيادة المركزية المنظمة المسؤولة عن العمليات العسكرية في أفغانستان، ((هناك طرق متعددة لتوفير المعلومة للشعب الأميركي وهذه من بين أفضلها )). قد أصبح مفهوما الآن سر ولع وزارة الدفاع الأمريكية بتلك البرامج التلفزيونية، لأن أولئك الذين ينتجون هم تحت رحمة العسكريين الذين يمارسون بعض التأثير على المحتوى. أخيرا الجبهة الثالثة هي للسينما، فالأفلام الدعائية التي أنتجت كانت من طراز (بلاك هوك داون Black Hawk Down) الفيلم الذي يحكي معركة 3 أكتوبر 1993 في مقديشو بالصومال. كتب سامويل بلومفيلد Samuel Blumenfeld عن الفيلم بأن (( إيديولوجيته التي هي محل نقاش تأخذنا أيضا إلى أسوأ لحظات سينما الدعاية الأميركية من مثل فيلم القبعات الخضراء Green Berets لجون واين John Wayne الذي قاد حملة لصالح تورط أمريكا في فيتنام)). ويضيف قائلا: ((من المفروض أن يتم إظهار كل شيء من موقع القتال، غير أن فيلم سقوط الصقر الأسود يخفي الكثير بدءا من الصور الأكثر شهرة التي بثت في العالم كله من قبل سي إن إن CNN، تلك التي تظهر جثة الطيار الأمريكي في شوارع مقديشو يجرها الصوماليون المنتشون بالنصر. يمكن لصورة واحدة تغيير كل شيء. وكان وجودها في الفيلم سيحمل المشاهد على التساؤل عن معنى المعركة. [...]وفي النهاية، يظهر الفيلم الجنود الأميركيين وقد استنفدت قواهم ولكنهم انتصروا ، مصدومين غير أنهم مقتنعين بقيمة مهمتهم العليا واثقين بأنفسهم بأنهم أصبحوا المهيمنين، هم الآن بحجم يسمح بمواجهة قوى الشر من "محور الشر" الذي حدده الرئيس جورج دبليو بوش الذي يهدد أميركا ما بعد 11 سبتمبر)). كنا جنودا We Were Soldiers فيلم يقدم وجها آخر من الحرب القذرة في فيتنام. وسائل الإعلام الأمريكية jصف الفيلم بأنه النجاح الذي يركز في المقام الأول على شجاعة الجنود في معركة رهيبة. كتب جيمس إ. كاتشافو James E. Caccavo في لوس أنجلوس تايمز Los Angeles Times التعليقات الآتية : وهذا هو سبب نجاح النسخة السينمائية (كنا جنودا) في حين فشلت أفلام أخرى كثيرة حول حرب فيتنام. هذه القصة لا تأتي من منتج سينمائي في هوليوود بأجندة سياسية -وكثير منهم قد تمكن من تجنب الخدمة العسكرية خلال سنوات الحرب- ولكن مباشرة من نفوس الرجال الذين كانوا هناك. استطاعت أميركا أن تلقي نظرة سريعة على صمودهم في 11 سبتمبر مع رجال الإطفاء وضباط الشرطة ومسؤول أمني اسمه ريك رسكورلا Rick Rescorla [...] الذي بقي في مركز التجارة العالمي لإنقاذ الأرواح ليخسر روحه. وكان رسكولا مقاتل الأشعة السينية في ساحة Drang [ المكان حيث دارت المعركة التي قدمت في فيلم]. هذه التصريحات هي محيرة، فكاتشافو Caccavo يتجاهل السياق السياسي في ذلك الوقت من حرب فيتنام للتنديد أفضل بأولئك الذين حاولوا الفرار. إنه يحاول الربط بين أحداث 11 سبتمبر 2001 وحرب فيتنام، مما يتلاءم تماما مع جهود الدعاية الهوليوودية. وأخيرا ينسى كاتشافو أن فيلم (كنا جنودا) هو فيلم بأجندة سياسية. كشفت آنا كوينكا Anna Cuenca من وكالة فرانس برس l'Agence France-Press، إن الفيلم كان من الأولى أن يخرج في الصيف ، ولكن حسب نائب رئيس شركة "باراماونت " روب فريدمان Rob Friedman ((البلد يعيش في مناخ وطني للغاية )) الأمر الذي سيكون له تأثير للتعجيل بخروجه في شهر مارس. وقد صرح الممثل ميل جيبسون Mel Gibson أنه ((خلال حرب في فيتنام ارتكبت فظائع، ولكن اعتقد أنها كانت الاستثناء لا القاعدة. هذه محاولة لإظهار صورة أكثر واقعية من خلال عيونهم )). يمكن مقابلة هذا البيان بذلك الذي ينسب للمصور فيليب جونز غريفيث Philip Jones Griffiths. في عام 1971 نشر غريفيث Vietnam Inc الذي أعيد طبعه بعد ثلاثين عاما. عن سؤال: ((ماذا شاهدت؟ )) الذي طرح من قبل ميشال قورين Michel Guerrin من جريدة "لوموند" الفرنسية ، فأجاب : ((لقد شهدت إبادة جماعية. رأيت الأطفال دون رؤوس، وعمليات الإعدام، وقرى تم "تطهيرها"، مصابين بحروق "النابالم"، وجهاز راديو لامرأة حامل مع رصاصة استقرت في رأس الطفل [...]صوري الأكثر صعوبة هي لضحايا قنابل "النابالم". أنا عملت هذه الصور، اعتقادا أنها سوف تستخدم لإجراء محاكمة نورمبرغ للحرب في فيتنام. في الطبعة الأولى من الكتاب، أكد هنري كارتييه بريسون Henri Cartier-Bresson أنه ((يمثل أفضل وصف لحالة حرب منذ غوي Goya)). وحسب قورين Guerrin ، فإنه كتاب رائع حيث ((حقق تكاملا نادرا بين جودة الصورة ودقة الكلمات، بين وجهة النظر والمعلومة. كتاب جيد في الحقيقية)). تعقّد الحرب لا يمكن أن تلخّصه الصورة التي تقدمها صناعة السينما في هوليوود والتي لم تتردد أيضا في تأخير إخراج أو تعديل محتويات ثمانين فيلما بعد 11سبتمبر 2001. عقب اجتماع 11 نوفمبر 2001 الذي ذكرناه سابقا ، صرح جاك فالنتي Jack Valenti أن الأمر لا يتعلق برقابة أو دعاية لأنه "لم يكن هناك مسألة محتوى الأفلام. من جانبه قال كارل روف Karl Rove أن (( الصناعة السنيماتوغرافية هي التي تقرر ما ستفعله، متى ستفعله)). وأنه ((على عكس ما يظن الناس أن الحكومة لم توجه صناعة السينما خلال الحرب العالمية الثانية. هذه التأكيدات مضللة، يبدو أنه قد تكون هناك رقابة ودعاية دون رقابة مباشرة من المحتوى. يكفي ببساطة أن يكون هناك تعاون. وحسب لانيت ليفي ويلارد Annette Lévy-Willard من جريدة تحرير Libération, فإن هناك عدة اجتماعات عمل جرت بين جاك فالنتي ومستشاري البيت الأبيض. هؤلاء المستشارون هم كارل روف ، الذي كان كبير الخبراء الاستراتيجيين في حملة جورج بوش بوش ومارك ماكينون Mark McKinnon ، الذي كان مسؤولا عن الحملة الاعلامية لبوش في الانتخابات. هؤلاء ليسوا موظفين يتفاوضون مع الصناعة السينماتوغرافية ، ولكنهم مستشارو الرئيس الذين لا يترددون في استخدام أحداث 11 سبتمبر 2001 لأغراض سياسية. الحالة هذه تذكرنا بدور مكتب المعلومات الحربية Office of War Information ، تنظيم وكلت له الدعاية في الولاياتالمتحدة خلال الحرب العالمية الثانية. قام الكونغرس الأمريكي وخوفا من أن يشجع OWI الرئيس روزفلت وسياسة الصفقة الجديدة بوضع حد لأنشطة الفرع المحلي للمنظمة من خلال غلق ستا وأربعين مكتبا جهويا . وسائل الإعلام الوطنية: في مقال لها بعنوان "أمريكا في حرب" نشرفي صحيفة لوموند Le Monde ، ركزت سيلفي كوفمان Sylvie Kauffmann على التوافق الوطني داخل المجتمع الأميركي، وأكدت أنه بناء على طلب من كوندوليزا رايس Condoleezza Rice لرؤساء خمس قنوات رئيسية بمنع بث شرائط أسامة بن لادن وقد صرح روبيرت مردوخ Rupert Murdochالذي يشرف على فوكس نيوز Fox News : ((إننا سوف نقوم بواجبنا الوطني)). وتبين كوفمان أن النقاش حول الرقابة أمر عفا عنه الزمن. صرخة للرقابة أو حتى الرقابة الذاتية يبدو التناقض هنا ؛ الأمور الآن مختلفة، الوطنية تجتاح كل شيء. ((وسائل الإعلام جندت في المجهود الحربي)). تعترف صحفية من التلفزيون، على غرار الآخرين، أنها تفضل عدم رؤية اسمها مذكورا [...]المرجعية الآن لم تعد فيتنام أو حرب الخليج، ولكن الحرب العالمية الثانية. في الواقع ، فإن الدعاية الحالية تشبه الى حد كبير تلك التي كانت في الحرب العالمية الثانية. وباسم الوطنية صحفيون ووسائل إعلام قدموا الصراع بطريقة تزيل الانتقادات والقضايا الأخلاقية. فلنأخذ مثلا الضحايا يوم 5 ديسمبر 2001 قتل ثلاثة جنود أمريكيين بعد خطأ من تسديدة B52. ووفقا لباتريك جارو Patrick Jarreau من صحيفة العالم، لم تنتقد وسائل الإعلام هذه الخسائر البشرية : (( وقد تمت الإشادة بالضحايا دون انتظار [...]. وأعربت أسر الضحايا لفترة وجيزة، على شاشة التلفزيون عن حزنها في الوقت نفسه عن اعتزازها لشجاعة أبنائهم. لم يكن هناك نقاش في وسائل الإعلام، حول مبررات هذه الخسائر)). من جانبه يبدي الصحفي جون كروز Jan Krauze مساندته بأن على جبهة المعلومة كل شيء حصل في غاية الجودة: في البداية وضعت وزارة الدفاع مراقبة مشددة على المعلومة، أكثر بكثير مما كانت عليه في النزاعات السابقة. والصور- النادرة – قد تم اختيارها بعناية شديدة، والوصول إلى مسرح العمليات أضحى من المستحيل تماما على الأقل من الجانب الامريكى. وقد تسبب هذا في بعض التذمر، وكان آخرها صحيفة واشنطن بوست Washington Post التي دعت إلى ضرورة الانفتاح للحصول على المعلومات. غير أنه تم اتخاذ إجراءات؛ ففي البنتاجون تخلى الصحفيون عن الأسئلة التي يعرفون أنها ستظل دون إجابة، وأن رؤسائهم، وخاصة الجمهور لا يريدون سماعها. تعليمات رئيس سي إن إن CNN ، والتر أيزاكسون Walter Isaacson – تؤكد بأنه لا ينبغي الإلحاح على الخسائر في صفوف المدنيين الأفغان ، ويذكر في كل مرة بالتأكيد على حصيلة الهجمات على نيويورك – وهذه التعليمات تم تقديرها واحترامها. وبالتأكيد فقد وصلت مشاهد الرعب من ميدان الحرب على صفحات الصحف والمجلات، ولكن هي لجثث طالبان الذين قتلوا ، وأعدموا في بعض الأحيان من قبل جنود من قوات التحالف الشمالي لأسباب مختلفة، بما في ذلك التقنية، أما الصور المتعلقة بضحايا القصف فهي قليلة أو لا أثر لها. لاحظ توماس سانكتون Thomas Sancton الرئيس السابق لمجلة تايم Time مكتب باريس، أيضا أن "الطاعة" للحكومة وعلى النقيض من ذلك مع فيتنام ، فإن الصحافة الأميركية أبدت في الوضع الحالي كثيرا من التساهل، حتى الانصياع تجاه الحكومة. البعض يظهر حماسة مفاجئة في دعمهم للخط الرسمي. في الواقع الرقابة التي تمارس ناتجة من التقاء المصالح بين المجموعات الثلاثة الرئيسية الفاعلة: الجيش، وسائل الإعلام والجمهور. وقد لخص جون كروزJean krauze هذا الوضع المعقد في بضعة أسطر مبرزا مصير الضحايا المدنيين في أفغانستان : ((أما بالنسبة للخسائر بين المدنيين، فإن وزارة الدفاع لم تقدم أي تقدير عن أعدادهم. و إذا كانت نادرا ما يقر بها، فليس معنى ذلك أنه لا توضع في الحسبان. ولكن على أي حال فستظل افتراضية لدى الرأي العام الأميركي ، [...]. الجمهور يؤيد هذه الرقابة، بينما تتهم الصحف التي تنشر صورا لضحايا الحرب من المدنيين أو تحوز تصريحات يعتقد أنها قد تساعد أعداء الولاياتالمتحدة بالافتقار للوطنية. خلاصة: في الختام ، ينبغي التتذكير بأن استخدام الرقابة والدعاية في أوقات النزاع يمنع الديمقراطية أن تعمل بشكل جيد. يؤكد باسكال ريتشي Pascal Riché من صحيفة ليبراسيون Libération: (( في حين تلتزم حملة لانتخابات التجديد النصفي ، فإن إدارة بوش وجدت أن من صالحها اللجوء إلى تصلب خطابها وتبسيطه بصيغ مثل "محور الشر". وعلى خلفية الركود الاقتصادي، فإن الورقة الرابحة الوحيدة للجمهوريين في مواجهة الديموقراطيين هي ارتفاع شعبية الرئيس، التي حصل عليها تحت قبعته بصفته القائد العام، و بالتالي فإن إطالة مناخ الحرب بالنسبة لهم يعد أفضل طريقة للفوز في نوفمبر. ففي اجتماع لقيادة الحزب الجمهوري، شهر جافني في أوستن (تكساس)، نصح مستشار بوش السياسي كارل روف، صراحة المرشحين للعب هذا الحبل )). الذي حدث في الولاياتالمتحدة يدفع للتفكير. في غضون أشهر فرض الصقور في الولاياتالمتحدةالأمريكية (الرئيس الامريكي جورج بوش ونائبه ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول وولفويتز، رئيس السياسة الدفاعية، ريتشارد بيرل، ومستشارة لأمن القومي كوندوليزا رايس) حملتهم الصليبية في جميع أنحاء العالم ضد صدام حسين. بعض الأفراد ، استغلوا الظرف لتعزيز مصالحهم في العالم باستخدام القوة العسكرية ،كما استغلوا الحرب ضد الارهاب لشرعنة حربهم ضد العراق. الانتخابات الأمريكية لا تتلخص إلا في هذه الحرب ضد العراق.كان على الرئيس بوش أن يفتح نقاشا حول الفساد في الشركات مثل انرون Enron أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، العدد المتزايد من الأميركيين من دون تأمين صحي أو زيادة الفقر في بلاده. في الوقت نفسه ، سوف لن يعارض الديمقراطيون الرئيس لأنهم "يخشون أن يكونوا على الجانب الخطأ من الحرب" ، وهذا يعني أن ينظر إليهم باعتبارهم وكلاء يعملون على تعزيز لعبة الإرهابيين. وسائل الإعلام، ليس لها من عمل سوى تكرار تصريحات السياسيين في السلطة دون أن تدفع الاستجواب بعيدا. الدكتور سليم بتقة خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة الهوامش: 1-Commemorative Issue, George W. Bush : The Making of a Wartime President, American Media Inc., 2001, p. 1. 2- Claudine Mulard (propos recueillis par), “ “Hollywood ne doit pas être un instrument de propagande de Washington” ”, Le Monde, 14 décembre 2001 3- Ibid. 4- Le Petit Robert, 2000. 5- Ibid. 6- Ibid. Voir aussi Olivier Seguret, “ Hollywood étendard ”, Libération, 20 mars 2002, Internet, www.liberation.fr. 7- Annette Lévy-Willard, “ Hollywood va-t-en-guerre ”, Libération, 10 décembre 2001, Internet, www.liberation.fr. 8- Ibid. 9- Katharine Q. Seelye, “ Pentago Plays Role In TV Tribunal Drama ”, The New York Times, 7-8 avril 2002, [Le Monde]. 10- Elizabeth Jensen, “ "Reality" TV Eagerly Marches Off to War ”, Los Angeles Times, 22 février 2002, Internet, www.latimes.com. 11- Ibid 12- Samuel Blumenfeld, “ Sous l'oeil du Pentagone, Ridley Scott remet au goût du jour le film de propagande ”, Le Monde, 20 février 2002. 13- Ibid. Voir aussi : Anne-Lise Clément, “ 10 000 secondes de sang : Pis après ? ”, Le Droit, 12 janvier 2002; 14- Christophe Ayad, “ L'opération Somalie revue et arrangée ”, Libération, 20 février 2002, Internet, www.liberation.fr. 15- Voir : Claudine Mulard, “ Hollywood s'en va-t-en guerre sur les écrans ”, Le Monde, 20 février 2002; Annie 16- Lise Clément, “ D'autres héros ”, Le Droit, 2 mars 2002; Marc André Lussier, “ Un merdier nommé Vietnam ”, 17-- James E. Caccavo (Special to the Times), “ Knee-Deep in the Blood, Sweat and Soul of Vietnam ”, Los Angeles Times, 4 mars 2002, Internet, www.latimes.com. 18- Anna Cuenca (Agence France-Presse, Los Angeles), “ Hollywood déploie ses films de guerre ”, Internet, www.cyberpresse.ca, 29 novembre 2001. 19- Heidi Mae Bratt, “ War is Mel ”, The Boston Globe, 24 février 2002, Internet, www.boston.com. 20- Michel Guerrin (propos recueillis par), “ Philip Jones Griffiths, photographe : “Je veux que le lecteur ne ferme jamais les yeux” ”, Le Monde, 11 décembre 2001.