اخترع العلماء خلايا عصبية صناعية يمكن زرعها في المخ لإصلاح الأضرار الناجمة عن مرض ألزهايمر أو غيرها من حالات التنكس العصبي. ففي تقرير نشرته صحيفة التلغراف البريطانية قالت الكاتبة سارة كنابتون إن الخلايا الإلكترونية التي طورتها فرق في جامعة باث وفريق من المتعاونين الدوليين توضع على شريحة سيليكون وتحاكي استجابات الخلايا العصبية البيولوجية عندما يتم تشغيلها بواسطة الجهاز العصبي. وأوضحت الكاتبة أن الخلايا العصبية هي خلايا متخصصة مسؤولة عن نقل نبضات الأعصاب، مما يسمح لأجزاء الجسم بالتواصل، وتمثل هذه الخلايا المكونات الأساسية للدماغ والحبل الشوكي والجهاز العصبي، كما أنها موجودة حول القلب. وحاول الباحثون إنشاء خلايا دماغية صناعية لعقود من الزمن، لكن هذه العملية كانت صعبة لأن الطريقة التي تستجيب بها الخلايا العصبية للإشارات غالبا ما تكون معقدة وغير متوقعة، ولكن بالاعتماد على النمذجة الحاسوبية تمكن العلماء من تطوير معادلات تشرح كيفية استجابة الخلايا عند تلقي الإشارات الكهربائية من أعصاب معينة وإنشاء رقائق سيليكون تعكس هذه الاستجابة. وقال البروفيسور آلان نوغاريت من قسم الفيزياء في جامعة باث والمسؤول عن قيادة المشروع إن “الخلايا العصبية كانت حتى الآن مثل الصناديق السوداء، لكننا تمكنا من فتح الصندوق الأسود والنظر داخله”. ويعتقد الفريق أن هذا الاختراع يمكن أن يبشر بعهد جديد من عمليات الزرع القادرة على معالجة الأمراض المزمنة، مثل قصور القلب ومرض ألزهايمر وأمراض التنكس العصبي الأخرى. وفي حالة فشل القلب -على سبيل المثال- لا تستجيب الخلايا العصبية الموجودة في قاعدة الدماغ بشكل صحيح لتعليقات الجهاز العصبي، ولا ترسل بدورها الإشارات الصحيحة إلى القلب، ونتيجة لذلك لا يضخ القلب الدم بالقوة اللازمة. وأوردت الكاتبة أن الفريق يستعمل بالفعل الخلايا العصبية لتطوير أجهزة تنظيم ضربات القلب الذكية التي تستجيب في الوقت الفعلي للطلبات المفروضة على القلب، تماما مثل القلب السليم، وذلك بدلا من الحفاظ على الإيقاع الثابت للأجهزة التقليدية. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تساعد هذه الخلايا العصبية على إصلاح إصابة الحبل الشوكي التي وقع خلالها قطع الاتصال العصبي تماما، أو حيث ماتت خلايا الدماغ تماما كما هو الحال في مرض ألزهايمر. وأشارت الكاتبة إلى أن الخلايا الصناعية لا تحتاج إلا إلى مليار واحد من قوة المعالج الدقيق، أي حوالي 140 نانو واطا، مما يجعلها مثالية للزرع الطبي. من جهته، أفاد البروفيسور نوغاريت بأنه من شأن المشروع أن يغير النموذج المعتمد، لأنه يوفر طريقة متينة لإعادة إنتاج الخصائص الكهربائية للخلايا العصبية الحقيقية بتفاصيل دقيقة. وأضاف نوغاريت أن الخلايا العصبية البيولوجية تتميز بسلوك معقد للغاية، وكل ما قمنا به هو تطوير تقنيات لنقل سلوك الخلايا العصبية البيولوجية إلى قطعة من السيليكون، وتمثل الخلايا العصبية جزءا من الدماغ وجزءا من الجهاز العصبي المركزي، وبعض الأمراض ناجمة عن تحلل هذه الخلايا العصبية وفقدانها وظائفها وعدم تجددها. لذلك من المهم أن تمتلك هذه الخلايا العصبية الفاشلة دوائر حيوية بإمكانها أن تحل محلها لاستعادة الوظيفة الحيوية في حالات مثل مرض ألزهايمر ومرض الخلايا العصبية الحركية وفشل القلب. وأوردت الكاتبة أن الباحثين أثبتوا أنهم قادرون على تكرار إنتاج الخلايا العصبية في منطقة الحصين من الدماغ والجهاز التنفسي لدى الفئران، وذلك عندما قدمت لهم مجموعة واسعة من المحفزات من أعصاب مختلفة. وقال مؤلف مشارك آخر هو البروفيسور جوليان باتون إن تكرار استجابة الخلايا العصبية في الجهاز التنفسي في الإلكترونيات الحيوية التي يمكن تصغيرها وزرعها يعد أمرا مثيرا للغاية، كما أنه يفتح فرصا هائلة لاستعمال الأدوية الطبية الأكثر ذكاء والتي تشجع مناهج الطب الشخصي لعلاج مجموعة من الأمراض والإعاقات. وأضاف البروفيسور جياكومو إنديفيري -وهو مؤلف مشارك في الدراسة من جامعة زيورخ- إن “هذا العمل يفتح آفاقا جديدة”. المصدر : الصحافة البريطانية