بدأ الأفغان يدلون بأصواتهم السبت لاختيار رئيسهم في الدورة الأولى من انتخابات تجري تحت تهديد الاعتداءات وعمليات التزوير والمقاطعة، وشهدت اعتداء أوقع 15 جريحا في جنوب البلاد. ويخوض 18 مرشحا هذه الانتخابات للفوز بولاية رئاسية من خمس سنوات، وتشتد المنافسة بصورة خاصة بين المرشحين الأوفر حظا الرئيس الحالي أشرف غني ورئيس الحكومة عبدالله عبدالله. وتجري عملية الاقتراع في وقت وصلت محادثات السلام بين الأميركيين وحركة طالبان إلى طريق مسدود، مبددة الأمل في قيام حوار بين الحكومة الأفغانية والمتمردين يفضي إلى إحلال السلام في البلد. وضاعف طالبان التحذيرات للناخبين البالغ عددهم حوالى 9,6 ملايين لردعهم عن المشاركة في الانتخابات، وتوعدوا الخميس بأنهم يستهدفون "مكاتب ومراكز (الاقتراع) التي تستضيف هذه المهزلة". وأدى اعتداء وقع قبل الظهر قرب مركز اقتراع في قندهار بجنوبأفغانستان إلى وقوع 15 جريحا، فيما أفاد مسؤولون محليون عن عدة هجمات بقنابل وقنابل يدوية لم تسفر عن ضحايا. وأعلنت وزارة الداخلية نشر 72 ألف عنصر لحراسة حوالى خمسة آلاف مركز اقتراع في البلاد، فتحت أبوابها في الساعة 7,00 (2,30 ت غ) على أن تغلق في الساعة 15,00 (10,30 ت غ). كما ح ظر منذ مساء الأربعاء دخول جميع الشاحنات والشاحنات الصغيرة إلى العاصمة خشية استخدامها في اعتداءات بآليات مفخخة. وقال المتحدث باسم اللجنة الانتخابية ذبيح الله سعدات في الصباح "إننا مسرورون لوقوف الناس منذ الآن في صفوف انتظار طويلة أمام مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الصناديق". وبدأت الحملة الانتخابية في أواخر أيلول باعتداء أوقع عشرين قتيل. كما قتل بعد ذلك أكثر من مئة شخص آخرين في اعتداءات تبنتها حركة طالبان. من جهة أخرى، ثمة مخاوف من وقوع هجمات ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية بعدما أعلن مسؤوليته عن اعتداء أوقع 80 قتيلا خلال حفل زفاف في آب/أغسطس. وقال الناخب محي الدين (55 عاما) لوكالة فرانس برس في كابول "أنا هنا للتصويت. أعلم أن هناك تهديدات، لكن القنابل والهجمات جزء من يومي اتنا" مضيفا "لست خائفا. علينا التصويت إذا اردنا أن نكون قادرين على تغيير حياتنا". وأعرب سيد نور أحمد (31 عاما) الموظف في إحدى مدارس العاصمة عن "قلق كبير بشأن الأمن، لكن لا خيار أمامنا سوى التصويت واختيار زعيمنا". وهي رابع انتخابات رئاسية في تاريخ أفغانستان، وجرت الأولى عام 2004. وصرح الرئيس الافغاني بعد الإدلاء بصوته أن "هذه الانتخابات ستمهد الطريق حتى نسير في اتجاه السلام بشرعية حقيقية". ويأمل غني في الفوز بولاية ثانية، ما سيفرضه في موقع محاور لا يمكن تجاوزه للتفاوض مع طالبان. غير أن المتمردين يعتبرونه "دمية" وينكرون له أي صفة شرعية. وسبق أن تواجه غني وعبدالله عام 2014 في انتخابات شهدت مخالفات خطيرة إلى حد أن الولاياتالمتحدة فرضت على كابول إنشاء منصب رئيس الحكومة لعبد وقالت سونافبار ميرزاي (23 عاما) الموظفة في شركة خاصة في كابول "إنني سعيدة جدا للمشاركة في الانتخابات" متمنية أن "تضمن اللجنة الانتخابية شفافية الاقتراع لأن العديدين فقدوا الثقة في الانتخابات السابقة". وأكدت السلطات الأفغانية أنها اتخذت جميع التدابير لمنع وقوع عمليات تزوير، فنشرت خصوصا مجموعة من الوسائل التقنية بينها أجهزة بيومترية لكشف البيانات. ويتوقع صدور النتائج الأولية في 19 تشرين الأول/أكتوبر على أن تعلن النتائج النهائية في 7 تشرين الثاني/نوفمبر. وستكون نسبة المقاطعة في هذه الانتخابات تحت المجهر إذ يتوقع بمعزل عن الخوف من الاعتداءات أو من عمليات التزوير، أن يلزم العديد من الناخبين منازلهم بعدما فقدوا الأمل في أن يعمل قادتهم على تحسين ظروفهم المعيشية. وسيتولى الرئيس المقبل مقاليد السلطة في بلد يعاني حربا، وكان 55% من سكانه يعيشون بأقل من دولارين في اليوم عام 2017، وبلغت فيه حصيلة النزاع مع طالبان في النصف الأول من 2019 أكثر من 1300 قتيلا من المدنيين بحسب ارقام الأممالمتحدة. وإن كانت الانتخابات مقررة منذ وقت طويل، الا أنها بدت مرهونة بنتائج المحادثات الأخيرة بين الولاياتالمتحدة وطالبان حول تسوية سلمية تشهد انسحاب القوات الأميركية مقابل ضمانات أمنية من المتمردين. غير أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن بشكل مفاجئ في مطلع أيلول/سبتمبر وقف المفاوضات في وقت بدا اتفاق وشيكا، وكان العديد من المراقبين يتوقعون تعليق الانتخابات من أجل تطبيق خطة الانسحاب. وكان الاتفاق الذي تم التفاوض عليه بدون مشاركة حكومة غني، ينص على بدء حوار بين الأطراف الأفغان.