نظم متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، مساء اليوم الإثنين، لقاء خصص لعرض العمل الرئيسي للنحات السنغالي أوسمان سو بعنوان "محارب الماساي لأوسمان سو بالرباط .. إشعاع إفريقي عالمي"، وذلك تكريما للإبداع الإفريقي في شقه الفني. وأبرز المشاركون في هذا اللقاء، المنظم من قبل المؤسسة الوطنية للمتاحف بشراكة مع أكاديمية المملكة المغربية، الدور الذي لعبه الفنان السينغالي أوسمان سو في الترويج للقارة الإفريقية على الصعيد العالمي، وذلك من خلال منحوتاته الهامة التي جابت أهم المعارض العالمية، إلى جانب تمسكه الدائم بجذوره الإفريقية. وفي هذا الصدد، قال السيد عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة، في تصريح خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، إن أوسمان سو استقبل لأول مرة في المغرب خلال الدورة الأولى لمهرجان موازين 2002، حيث أقيم له معرض كبير في "باب الكبير" آنذاك، والذي لقي نجاحا كبيرا، مشيرا إلى أن أعماله تحمل في عمقها رسالة قوية تتمثل في إمكانية "اكتشاف القارة الإفريقية والتعريف بها من خلال ما تصنعه تربتها". وأضاف السيد لحجمري، أن بقاء تمثال "محارب الماساي" في قلب الرباط إلى الأبد، يحمل في طياته دلالات رمزية عميقة، تتمثل في الروح الإفريقية الراسخة بالمغرب من خلال تجذره في القارة، مؤكدا على أن "وقوف هذا الماساي العظيم، يجسد في الواقع وقوف قارة إفريقية قوية اليوم". وفي تصريح مماثل، أبرز السيد المهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، أن انضمام تمثال أوسمان سو إلى مجموعات متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، منذ شهر غشت الماضي، يعد إضافة نوعية للمتحف وترويجا للدبلوماسية الثقافية للمملكة داخل وخارج الوطن، موضحا أن المغرب كان سباقا في استقبال عرض العمل الرئيسي للنحات السنغالي العالمي "حتى قبل باريس المقرر عرض منحوتات أوسمان بها في مارس المقبل"، مضيفا أنه "لا يوجد اليوم أفضل من فن النحت للتحدث والمحاورة، باعتباره رسالة نبيلة". وأكد السيد القطبي أن عرض "محارب الماساي" في مدخل المتحف يشكل "إشارة قوية نود أن نبعثها إلى العالم حول جذورنا الإفريقية"، معتبرا أن هذا الحدث يكرس مصداقية المتحف عبر العالم. من جهته، قال اللاعب الفرنسي السابق لكرة القدم ليليان تورام، ورئيس مؤسسة "ليليان تورام للتربية من أجل المساواة ومحاربة العنصرية"، والذي كانت تجمعه صداقة قوية بالنحات السنغالي، إن عمل "محارب الماساي"، يجسد الهدوء والعطاء والسلام الإفريقي من جهة، وقوة الإبداع الفني الإفريقي من جهة أخرى، مشيدا بمبادرة المغرب استقبال هذا التمثال الذي "وجد مكانه" باعتباره يمثل رمزا إفريقيا حقيقيا وتحفة فنية تمتع الناظرين وزوار المتحف. كما تم خلال هذا اللقاء، عرض فيلم قصير عن حياة أوسمان سو الفنية، من إخراج بياتريس سولي زوجته ورفيقة دربه وبحضور ابنته نديي سو، والذي تطرق لقصة حب الرجل ومنحوتاته، وقصته مع الإنسانية والعائلة. وولد أوسمان سو في دكار سنة 1935 واتجه نحو النحت متأخرا، ليفرض نفسه كأحد رموز النحت بالقارة. حيث عرف أوسمان سو بمنحوتات مخصصة للإثنيات الإفريقية، وكذا للهنود الأمريكيين. وتوفي سو في 1 دجنبر 2016، قبل بضعة أشهر من معرض "إشعاع إفريقيا من العاصمة" الذي نظم بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، إذ كانت تحذوه رغبة قوية للمشاركة في هذه التظاهرة الثقافية، حيث أعطى الفنان قبل وفاته موافقته للمؤسسة الوطنية للمتاحف من أجل تنظيم معرض لأعماله تعبيرا منه لحبه للمغرب.