لن يكون التشويق السياسي مستبعدا بعد العيد، وسينتظر المغاربة من حكومة سعد الدين العثماني أن تفعّل مضامين الخطاب الملكي، بتجديد دماء الحكومة للخروج من حالة شبه الشلل الذي تعاني منه حاليا، والتي كادت أن تجعل منها مجرد حكومة "الأمر الواقع" منها إلى حكومة فعالة. ولن يتعب العثماني في اختيار الوزراء الذين سيغادرون سفينة الحكومة، على اعتبار أن الخطاب الملكي الأخير ركز على الكفاءة وليس على المحاصصة الحزبية، لكن العثماني سيتعب بالتأكيد في رسم خارطة طريق محفوفة بالألغام بسبب الوضع الهش لحكومته التي أنها، بتعديل أو من دونه، ستبقى عرضة للسقوط في أي وقت. وربما يفكر رئيس الحكومة فيما يمكن أن يصيبه من "نيران صديقة" داخل حزبه أكثر مما يمكن أن يأتيه من سهام من خارجه، خصوصا في ظل الوضع الهش الذي يعيشه حزب "العدالة والتنمية" حاليا، بعد أن صار على حافة الانشقاق بسبب الحروب الداخلية بين قياداته بسبب "القانون الإطار"، مع توابع أخرى تخص صراعات الأجنحة والإيديولوجيات والولاءات وتوابع الفضائح الأخلاقية داخل الحزب. وقد يحاول العثماني تسليم "جمرة التعديل" إلى جهات أخرى، لكي يفلت من سهام النقد التي ستصيبه في كل الحالات، لأنه مهما كانت طبيعة التعديلات فإن "الطبيب النفسي" سيكون في حاجة إلى "مرافقة نفسية" تنجيه من تبعات ما يمكن أن يسفر عنه التعديل الحكومي من اتهامات بالخيانة والمحاباة، وأيضا، اتهامات "الخروج عن المنهجية الديمقراطية" في حال "اختار" العثماني وزراء محايدين غير منتمين لأحزاب ما يسمى "الأغلبية". رئيس الحكومة، الذي بدا مؤخرا وهو يتثاءب في صلاة العيد، سافر أغلب وزرائه إلى منتجعات داخل الوطن، ولم يجرؤ أحد منهم على مغادرة التراب الوطني، ليس تشجيعا للسياحة الداخلية، بقدر ما هو الحرص على البقاء قريبا من كرة النار التي تدور، ويمكن أن تحرق في طريقها الكثير من الأسماء الحكومية، حتى تلك التي كانت تعتبر نفسها شبه محصنة، بفعل المحاصصة الحزبية أو بالاعتماد على لوبيات سياسية أو اقتصادية، ما دام أن الخطاب الملكي الأخير كان واضحا جدا بخصوص التعديلات المرتقبة، وهي أن تحمل إلى الحكومة "كفاءات وطنية عالية المستوى، على أساس الكفاءة والاستحقاق". قد تكون المهمة يسيرة أمام العثماني في حال اعتمد على مسألة الكفاءات، مع ضرورة عدم الالتفات إلى الوراء، وقد تكون مهمته صعبة للغاية في حال ظل يفكر في إرضاء هذا ومحاباة ذاك.