منذ عام 1975، كانت قضية الصحراء المغربية محطًا لتحديات سياسية ودبلوماسية شاقة على مختلف الأصعدة. في تلك الحقبة، ومع الاتفاقيات التي أسفرت عن استعادة الساقية الحمراء من الاستعمار الإسباني، تم التنازل عن وادي الذهب لصالح موريتانيا، وهو ما شكل لحظة فارقة في تاريخ النزاع. في ذلك الوقت، كان المغرب يواجه ضغوطًا دولية كبيرة، حيث كانت 84 دولة تعترف بما يسمى ب"الجمهورية الصحراوية" المزعومة، وكان مجلس الأمن الدولي يدعم فكرة الاستفتاء لتقرير المصير كحل وحيد لهذا النزاع المستمر. لكن السنوات التي تلت هذه الحقبة شهدت تحولات كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي. بدأ المجتمع الدولي يدرك أن الحل الواقعي والعملي هو مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب، وهو ما لاقى دعمًا متزايدًا من دول كبرى، بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا، اللتين دعمتا بشكل صريح سيادة المغرب على صحرائه. لم يقتصر هذا الدعم على التصريحات الدبلوماسية فحسب، بل ترجمه الواقع إلى خطوات ملموسة على الأرض. اليوم، يبرز في المشهد الدولي تحول بارز في المواقف، حيث بلغ عدد الدول الداعمة للمبادرة المغربية للحكم الذاتي 113 دولة. وهذا التوسع في الاعتراف الدولي يعكس قوة الموقف المغربي في مواجهة خصومه. بالإضافة إلى ذلك، شهدت مدينتا العيون والداخلة افتتاح 29 قنصلية من دول شقيقة وصديقة، مما يعزز من شرعية مغربية الصحراء على المستوى العالمي ويظهر التزام الدول بمواقفها الثابتة في دعم الحل السلمي لهذه القضية. ورغم هذه المكاسب الكبيرة، ما زال البعض يحاول التقليل من شأن هذه الإنجازات، مستندين إلى أحداث ثانوية مثل عدم حصول المغرب على منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي. لكن هذه المحاولات لا تعكس واقع المسار الاستراتيجي الذي يتبعه المغرب في تعزيز سيادته على صحرائه. فالمملكة تمكنت من تثبيت مكانتها الدولية، وأثبتت قدرة فائقة على تحقيق تقدم في سياستها الخارجية والداخلية، في وقت أصبح فيه الوضع الدولي أكثر تفاعلًا مع قضيتها. على الصعيد الداخلي، يعكف المغرب على تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة في المناطق الجنوبية، ما يعكس التزامه بتطوير هذه الأقاليم وتعزيز استقرارها الاجتماعي والاقتصادي. هذه المشاريع تشمل تحسين البنية التحتية، وتوفير فرص العمل، ودعم القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة، مما يجعل من الأقاليم الجنوبية نموذجًا حيًا للتنمية المستدامة في المنطقة. تبقى قضية الصحراء المغربية أكثر من مجرد نزاع إقليمي؛ فهي قضية تستند إلى الحقائق التاريخية والجغرافية، وتستمر في مواجهة تحديات جديدة في السياسة الدولية. ومع المكاسب الدبلوماسية المتواصلة والمشاريع التنموية الكبيرة، يواصل المغرب تحقيق نجاحات كبيرة على جميع الأصعدة، مؤكدًا أن سيادته على صحرائه ستظل أمرًا لا رجعة فيه.