في خطوة جريئة نحو تعزيز موقعه على الساحة الدولية، أعلن المغرب عن اهتمامه بالحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في مسعى لتمثيل قارة إفريقيا بشكل أكثر فعالية في أروقة القرار العالمي. هذا الطموح، الذي أعلنه رسمياً عمر هلال، سفير المغرب لدى الأممالمتحدة، يضع المملكة في منافسة مع عدة دول أخرى تسعى إلى نفس الهدف، لكنه في الوقت ذاته يعكس استراتيجية المغرب الطموحة للعب دور محوري في القضايا الدولية. من خلال تصريحاته، أكد هلال أن المغرب "مؤهل" ليكون عضواً دائماً في مجلس الأمن، موضحاً أن المعيار الأساسي للعضوية الدائمة هو المساهمة في حفظ السلام والأمن الدوليين. ومنذ سنوات، يظهر المغرب التزاماً واضحاً بالسلام الإقليمي والدولي، حيث يشارك بنشاط في عمليات حفظ السلام، لا سيما في إفريقيا. وهذه المشاركة الفعالة لا تقتصر فقط على الجهود العسكرية، بل تشمل أيضا الدبلوماسية والتعاون في حل النزاعات. على سبيل المثال، لعب المغرب دوراً مهماً في المفاوضات المتعلقة بالصراع الليبي، بالإضافة إلى دوره في دعم الاستقرار في منطقة الساحل. كما أن المملكة تتمتع بشبكة تحالفات استراتيجية مع قوى عالمية مثل الولاياتالمتحدة وروسيا والصين، وهي علاقات تعزز من قدرتها على التأثير في القرارات الدولية. وتحسنت العلاقات المغربية الفرنسية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وهو ما يعزز من موقف المملكة في مواجهة التحديات العالمية. من جهة أخرى، يعد التقارب المتزايد مع إسرائيل، في إطار اتفاقات أبراهام، أحد العوامل التي قد توفر دعماً إضافياً لطموحات المغرب في هذا السياق. إلى جانب التحالفات السياسية، يمتلك المغرب عناصر قوية على الصعيد الاقتصادي أيضاً. حيث أصبح المغرب أحد اللاعبين الرئيسيين في إفريقيا، بفضل استثماراته الكبرى في البنية التحتية والطاقة، وعلاقاته التجارية المزدهرة مع العديد من دول القارة. يعود ذلك جزئياً إلى العودة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي في 2017، وهو ما عزز موقع المملكة كداعم رئيسي للاستقرار والتنمية في القارة. على الصعيد الإقليمي، يعتبر المغرب نموذجاً للاستقرار السياسي والاقتصادي مقارنة بالعديد من جيرانه في شمال إفريقيا، مما يجعله مؤهلاً أكثر من غيره لتمثيل القارة الإفريقية في مجلس الأمن. هذا الاستقرار يتجسد في نظامه السياسي القائم على الملكية الدستورية، إضافة إلى دوره في تعزيز التنسيق بين الدول العربية والإفريقية. ومع ذلك، فإن الطريق نحو مقعد دائم في مجلس الأمن ليس مفروشاً بالورود. فالمنافسة من دول إفريقية أخرى مثل جنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا تظل قائمة. هذه الدول تمتلك هي الأخرى مقومات قوية مثل الوزن السكاني والسياسي، بالإضافة إلى تاريخ طويل في السياسة الدولية. ولكن تظل المنافسة على المقعد الدائم أكثر تعقيداً بالنظر إلى الانقسامات داخل الاتحاد الإفريقي، التي قد تعيق توافق القارة على دعم مرشح واحد. من ناحية أخرى، فإن الإصلاحات المؤسسية في مجلس الأمن، والتي تتطلب موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين على توسيع العضوية الدائمة، ما تزال في مرحلة جدلية. إن التحديات المتعلقة بتغيير النظام الحالي للمجلس قد تجعل الطموحات المغربية تواجه صعوبة في تحقيقها في الوقت القريب. في نهاية المطاف، يعكس الطموح المغربي للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تعزيز مكانته الدولية كداعم للاستقرار والسلام في العالم. ورغم التحديات التي قد تواجهها المملكة في طريقها، فإن هذه الخطوة تمثل نقطة تحول في سياستها الخارجية، التي تسعى إلى جعل المغرب لاعباً أساسياً على الساحة العالمية. وإذا تم تحقيق هذا الهدف، فإن ذلك سيعزز من قدرة المملكة على التأثير في القرارات الدولية المتعلقة بالقضايا العالمية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية.