في خطاب حمل انبثاق جيل جديد من المشاريع التنموية المهيكلة، أعلن جلالة الملك محمد السادس، مساء أمس الاثنين ضمن خطاب إلى الأمة بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، عن رؤية تنموية في أقاليم المغرب الجنوبية، لمواصلة مسيرات التنمية والتحديث والبناء من أجل تكريم المواطن المغربي وحسن استثمار المؤهلات التي تزخر بها البلاد، وخاصة بالصحراء المغربية. مقاربة تنموية تمكن ردا قويا على خصوم الوحدة الترابية للمملكة؛ و على مناوراتهم البئيسة التي تكرس مقاربة التخريب لدى جبهة البوليساريو و حاضنتها النظام العسكري الجزائري. و إذا كانت الآلة الدبلوماسية للمغرب قد تمكنت من حشر الكيان الوهمي في الزاوية، و تعميق عزلته الدولية، و فضح الاعيب النظام العسكري الجزائري، فإن المقاربة التنموية بالصحراء المغربية قد مكنت بالمقابل من حشد التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، و كذا تعزيز البعد الأطلسي للمملكة. كما مكنت تعبئة الدبلوماسية الوطنية، يقول جلالة الملك في خطاب أمس الإثنين، " من تقوية موقف المغرب، وتزايد الدعم الدولي لوحدته الترابية، والتصدي لمناورات الخصوم، المكشوفين والخفيين". التنمية في الأقاليم الجنوبية لا يريدها المغرب مقتصرة على هذه الأقاليم فحسب، بل قاطرة تجر بلدان الساحل الإفريقي نحو التنمية؛ حيث أكد الجالس على العرش على أنه " إذا كانت الواجهة المتوسطية تعد صلة وصل بين المغرب وأوروبا، فإن الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو إفريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي". الرؤية الملكية للعمل التنموي باقاليمنا الجنوبية منبثقه من حرص جلالة الملك على جعل الصحراء المغربية قاطرة حقيقة للتنمية؛ حيث عبر جلالته في هذا الإطار، عن الحرص على استكمال المشاريع الكبرى التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، وتوفير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية، وكذا تسهيل الربط بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك، بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافسي. هذه الدينامية التنموية سيكون عمادها، كما أكد على ذلك الجالس على العرش، إقامة اقتصاد بحري يساهم في تنمية المنطقة، ويكون في خدمة الساكنة، "اقتصاد متكامل قوامه تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر، ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري، وتحلية مياه البحر لتشجيع الأنشطة الفلاحية، والنهوض بالاقتصاد الأزرق، ودعم الطاقات المتجددة. انبثاق هذه الرؤية يحتاج إلى استراتيجية؛ و هو ما جعل جلالة الملك محمد السادس يدعو إلى اعتماد استراتيجية خاصة بالسياحة الأطلسية، تقوم على استثمار المؤهلات الكثيرة للمنطقة قصد تحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية والصحراوية. هي إذن معالم نهضة تنموية جديدة في مدن الصحراء المغربية تشكل أكبر رد على خصوم الوحدة الترابية للمملكة، فالمغرب منشغل بالبناء، و التشييد و التحديث، غير مكترث بمناورات الأعداء، و حيلهم التي تنكشف يوما بعد آخر أمام أنظار المنتظم الدولي.