الجريمة التي ارتكبها الجيش الجزائري في حق مواطنين مغربيين ليس لهما ذنب سوى أنهما كانا يستمتعان بعطلتهما في سواحل السعيدية مشحونة بالكثير من الحقد والكراهية وسوء النية التي لا يمكن أن تتوقف عند مستوى الجندي أو الجنود الذين نفذوها. رصاصات الغدر التي قتلت الشابين المغربيين من أبناء جاليتنا المقيمة بالخارج انطلقت أولا وقبل كل شيء من التوجيه المعنوي الإجرامي الذي يجتهد نظام الكابرانات منذ فترة طويلة في ترسيخه في نفوس الجزائريين سواء من المدنيين أو العسكريين. لا يمكن بأيّ حال من الأحوال في أيّ بلد في العالم أن يطلق جندي رصاصة قاتلة في منطقة حدودية دون أن يكون مستندا في ذلك إلى تعليمات رسمية من قيادته. هذا يعني أن اغتيال هذين المواطنين المغربيين عمل مدبّر من طرف النظام العسكري في الجزائر الذي يتحمّل المسؤولية الكاملة عمّا جرى، وتنضاف جريمته هذه إلى قائمة الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها على مدى عقود سواء في حق المواطنين المغاربة أو المهاجرين الأفارقة العابرين للصحراء أو في حق المواطنين الجزائريين أنفسهم الذين عانوا خلال العشرية السوداء من جرائم تشيب لها الولدان. والجريمة التي حدثت قبل يومين في الحدود البحرية بين المغرب والجزائر تؤكد بالملموس أننا أمام نظام يبحث عن إثارة الفتنة وافتعال حرب بين البلدين لتصدير الأزمة الداخلية التي يعيشها والتنفيس عن ضغوط الفشل في إدارة البلاد على كافة المستويات. الرصاصات القاتلة التي أطلقها جيش الفريق الأسير السابق السعيد شنقريحة ضد مواطنين أعزلين تأتي في سياق خاص جدا يتميز بفشل النظام الجزائري في تحقيق وعوده المختلفة سواء بالانضمام إلى تجمع دول بريكس أو حلّ مختلف الأزمات الاقتصادية والإدارية التي تعانيها البلاد. وهي تعبّر عن المناخ شديد العدوانية الذي نجح الكابرانات في تكريسه داخل البلاد ضد كل ما هو مغربي، من خلال التجييش الإعلامي والتعبئة الرسمية. بماذا يمكن تفسير انعقاد اجتماع المجلس الأعلى للأمن في الجزائر برئاسة الرئيس الجزائري وقائد الأركان السعيد شنقريحة يوم الأربعاء يوما واحدا بعد الجريمة التي ارتكبوها ضد المواطنَين المغربيين؟ هذا الجريمة الجديدة ستلاحق قائد الأركان الجزائري الفريق السعيد شنقريحة والرئيس الدمية عبد المجيد تبون ولن ينسى المغاربة أبدا هذا الاعتداء الغاشم الذي استهدف مواطنين كانا يستمتعان بقضاء عطلتهما في المغرب بممارسة رياضة الجيتسكي التي يعلم الجميع أن الدراجات التي تُمارس بها تتميز بسرعة كبيرة وقادرة على أن تنقل صاحبها إلى مناطق بعيدة في الوقت الذي تظل فيه الحدود البحرية أصلا صعبة التمييز وسط البحر. إطلاق الرصاص على المواطنين دون أيّ تحذير أو تحقّق أو تمهّل يؤكد أن الجريمة مقصودة ويغلب عليها الطابع الانتقامي ضد كل ما هو مغربي، والغاية منها كما ذكرنا تصدير الأزمة الداخلية واختلاق مبررات لافتعال الحرب وتحقيق انتصارات وهمية على حساب مدنيين عزّل. ومن غريب الصدف أن تتزامن هذا الجريمة الجديدة للجيش الجزائري مع توجيه القضاء السويسري تهما لوزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزار بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فيما يتعلق بأحداث الحرب الأهلية في الجزائر أو ما يعرف بالعشرية السوداء. خالد نزار هو المجرم الذي حظي بتكريم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون العام الماضي ما يؤكد أننا أمام نظام يكرّم الإجرام ضد الإنسانية ولا يتردد في إعلان ذلك بكل وقاحة. وتمثل هذه التهم التي وجهها القضاء السويسري إدانة للنظام الجزائري كله باعتباره حاضنا لعشرات القادة المشتبه في ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، وتبنّيه أيضا لثقافة عدوانية ضد دول الجوار ومواطنيها العزّل والمدنيين. ومن المفروض أن يتحرّك المسؤولون المغاربة اليوم لاتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة ضد مرتكبي جريمة الغدر في منطقة السعيدية وذلك بإحالة الملف إلى الهيئات القضائية الدولية المختصة في متابعة هذا النوع من الجرائم. كما يتعيّن على هيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الوطنية أن تقوم بأدوارها المنوطة بها على مستوى الشبكات والمنظمات الحقوقية الدولية من أجل فضح جرائم نظام الكابرانات الذي ما يزال يستأنس بالإفلات من العقاب، وهو الأمر الذي يجب أن ينتهي.