نظمت القنصلية العامة للمملكة بفرانكفورت، يوم الجمعة الماضي، لقاءا تواصليا مع نخبة من المواطنين اليهود من أصول مغربية . وذكر بلاغ للتمثيلية القنصلية، أن هذا اللقاء، الذي تميز بمشاركة ثلة من الكفاءات والأطر اليهودية الذين سواء ازدادوا وترعرعوا بالمغرب أو ينحدرون من أب أو أم مغربية، يأتي تماشيا مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس المتعلقة بخلق جسور التواصل وتعبئة اليهود المغاربة المقيمين بالخارج وتشجيعهم على المشاركة الفعلية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ببلدهم الأصلي المغرب. وسجل المصدر أن هذا اللقاء، الذي احتضنه مقر القنصلية بفرانكفورت، شهد مشاركة الحاخام جوليان سوسان، الذي يعد من الشخصيات الدينية البارزة داخل الجالية اليهودية بألمانيا. وهو ابن بنيامين ديفيد سوسان، الحاخام المغربي السفاردي من مواليد فاس وعضو مؤسس للمؤتمر الحاخامي الأرثوذكسي بألمانيا. وفي كلمة بالمناسبة، استعرضت القنصل العام، بثينة الكردودي الكلالي، تاريخ اليهود بالمغرب الذي يرجع إلى فترة ما قبل الميلاد، مبرزة كيف عمل السلاطين والملوك العلويون الشرفاء على ضمان حماية اليهود المغاربة في جميع الظروف. وركزت على الموقف الحازم لجلالة المغفور له الملك محمد الخامس من السياسة المعادية للسامية التي اعتمدها نظام فيشي عام 1941، حيث منع ترحيل الآلاف من اليهود المغاربة إلى معسكرات الإبادة في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، وهو موقف لا يزال يشيد به المجتمع الدولي إلى غاية اليوم، مذكرة بمقولة جلالته " ليس هناك مواطنون يهود، أو مواطنون مسلمون بالمغرب يوجد فقط مغاربة"، التي بواسطتها رفض أي تمييز بين رعاياه على أساس ديانتهم. من جهة أخرى، سلطت القنصل الضوء على الإنجازات التي حققها جلالة الملك محمد السادس لحمل مشعل أجداده، حيث اهتم بالحفاظ على المكون العبري للهوية الوطنية والتراث اليهودي المغربي، قائلة إن قيادة جلالته الرشيدة مكنت المغرب من اعتماد دستور جديد في عام 2011 يعترف بالمكون العبري كرافد من روافد الهوية المغربية. كما أشارت إلى تظافر مبادرات جلالته للحفاظ على معالم تراث اليهود في مجالات التعليم والثقافة بالخصوص، واعتمادها كأرضية لتجسيد قيم التسامح و التعايش السلمي، كدمج الإرث اليهودي المغربي في المناهج التعليمية وإطلاق برنامج لترميم مئات المعابد والمقابر والأحياء والأضرحة ومواقع التراث اليهودي في عدد من المدن المغربية، وإصدار تعليمات لتشكيل هيئات تنظيمية للطائفة اليهودية المغربية مثل "المجلس الوطني للجالية اليهودية المغربية"، " ولجنة اليهود المغاربة بالخارج" و " مؤسسة الديانة اليهودية المغربية " . ودعت القنصل العام المشاركين إلى مد جسور التعارف والتواصل الدائمين مع المغرب ومتابعة ديناميكية التنمية والاستثمار التي يعرفها المغرب حاليا، وبحث السبل الكفيلة بتحقيق مشاريع مشتركة ذات الاهتمام المشترك، والعمل على تكوين منصة خاصة بهم من شأنها أن تتوسع مع مرور الوقت لتشمل أكبر عدد ممكن من اليهود من أصل مغربي القاطنين بفرانكفورت وضواحيها. من جانبه، ثمن الحاخام جوليان سوسان عاليا المبادرة التي قامت بها القنصلية بجمع اليهود من أصول مغربية، معربا عن فخره واعتزازه بانتمائه للمغرب. وقال إنه شعور ما لبث أن غرسه فيه والده منذ نعومة من خلال القصص التي كان يرويها له عن جو الثقة والاحترام والتعايش السلمي الذي كان يسود بين اليهود وجيرانهم المسلمين بالمغرب، وكذا عن جلالة المغفور له محمد الخامس الذي "كان الزعيم العربي الوحيد الذي قام بحماية اليهود خلال محرقة الهولوكوست". وأضاف أن جلالة المغفور له محمد الخامس مهد الطريق لابنه وولي عرشه المغفور له الحسن الثاني وحفيده جلالة الملك محمد السادس للمضي قدما وربط علاقات طيبة مع إسرائيل وكذا مع اليهود داخل المغرب وخارجه. وأكد الحاخام أن العديد من اليهود من أصول مغربية يحجون كل سنة إلى المغرب من مختلف بقاع العالم للاحتفال بموسم "هيلولة" وصلة الرحم بأرض أجدادهم، مما يعكس تشبث اليهود المغاربة بهويتهم الأصلية وأصالتهم الحضارية والثقافية، مشيرا في هذا الصدد إلى الحاخام إسحاق الفاسي المعروف اختصارا باسم "ريف" الذي كان واحدا من كبار مفكري اليهود المغاربة، وقضى معظم حياته في مدينة فاس في كتابة مؤلفه المختص في التشريع اليهودي. وفي ختام كلمته، دعا الحاخام جوليان سوسان إلى ضرورة الاحتفاء بالعادات والتقاليد التي يتقاسمها اليهود والمسلمون المغاربة والتي لازال اليهود المغاربة يحافظون عليها إلى غاية اليوم والمتمثلة أساسا في التحدث بالدارجة المغربية والطبخ والأزياء والموسيقى وحفلات الزفاف . بدوره، أكد ألون ماير، وهو رئيس فدرالية مكابي للرياضة بألمانيا، على أهمية تشبيك الطائفة اليهودية من أصول مغربية بفرانكفورت لتحقيق مشاريع مستقبلية مشتركة تروم التعرف والبحث عن جذورها وموروثها الثقافي بالمغرب. من جهته، اعتبر جيلاد بنون، أستاذ باحث في الدراسات الأوربية والدولية في جامعة لايبزيغ الألمانية، "أن اعتراف بلد عربي ومسلم كالمغرب في دستوره الجديد، بالمكون العبري كعنصر مهم في الهوية الوطنية أمر رائع للغاية وذو رمزية عالية"، معربا عن أمله في استمرار توطيد العلاقة الخاصة التي تربط المسلمين باليهود بالمغرب. وشدد على أنه نظرا لنجاعتها، فالمقاربة التي ينهجها المغرب في محاربة التطرف الديني أضحت مثالا يحتذى لدى الاتحاد الأوربي الذي عمل على اتباعها و تطبيقها في دول البلقان الجديدة. وأشار البلاغ إلى أن المشاركين في هذا اللقاء، الذي اختتم بحفل غداء أقيم على شرف المدعوين، عبروا عن رغبتهم الأكيدة في زيارة بلدهم الأصلي في إطار رحلة جماعية. المصدر : الدار– و م ع