بالأحضان يستقبل العراقيون المنتخبات الخليجية المشاركة في بطولة كأس الخليج في دورتها ال 25 التي تستقبلها ملاعب في قمة الروعة من حيث التجهيز والتنظيم والجمالية. حفل افتتاح باهر عبّرت فيه العراق عن احتفائها بالمنتخبات المشاركة القادمة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وباقي الدول الخليجية. "هلا بمن جانا" هذه هي الأغنية الرسمية المتداولة لبطولة كأس الخليج التي انطلقت اليوم أطوارها بإجراء المباراة الافتتاحية في المنتخب العراقي ونظيره العُماني. يتابع العالم العربي هذه صور الإخاء والتآلف هذه في بطولة "خليجي 25" في الوقت الذي يرفض فيه نظام عربي آخر استقبال طائرة منتخب مشارك في بطولة ينظمها على أرضه. الفرق بين ما تقوم به السلطات العراقية في استقبال المنتخبات الخليجية وبين ما قام به الكابرانات فيما يتعلق باستقبال المنتخب الوطني لكرة القدم للمحليين بمناسبة انطلاق بطولتها في الجزائر، كالفرق بين الثرى والثّريا، بين السماء والأرض. العراقيون يحاولون تحويل هذه البطولة الخليجية التي تحظى بمتابعة واهتمام عربي كبير إلى عرس حقيقي للتكامل والأخوة العربية، ومناسبة رياضية هامة لتعزيز الألفة بين الجماهير القادمة من مختلف البلدان المشاركة. احتفالات وأغاني واستقبال في قمة الرقيّ وحسن الضيافة في المطارات والفنادق، وحرص على توفير كل الشروط الضرورية لراحة المنتخبات الخليجية المشاركة في هذه البطولة التي يرتقب أن تحقّق نجاحا رياضيا باهرا. أغنية "هلا بمن جانا" التي أطلقها العراقيون تمدح اليمني والإماراتي والسعودي والقطري، وتشيد بخصال الكويتي والبحريني والعُماني بعيدا عن أي حسابات ضيقة أو توظيف إيديولوجي لبطولة تظل في نهاية المطاف مجرد منافسة كروية. وحتّى تصريحات المسؤولين في البلدان المشاركة تسعى بكل مؤازرة ودعم إلى إنجاح هذه الدورة تأييدا للعراق ومساعدة له في الخروج من معضلاته الأمنية المزمنة التي جعلته بلدا يخسر الكثير على الرغم من موارده الهائلة. الشيخ راشد بن حميد النعيمي، رئيس اتحاد الكرة الإماراتي، يصرح على هامش حفل افتتاح الدورة الذي جرى اليوم أن عودة كأس الخليج إلى العراق تؤكد وقفة دول الخليج مع الأخير، ودعمها لإعادته للخارطة العالمية. هذا هو الطبيعي في العلاقات بين الدول التي تجمعها روابط الجغرافيا والتاريخ والثقافة. أن تتحوّل مناسبة رياضية إلى سياق مناسب لتجاوز كل الخلافات والسير قُدما نحو المستقبل والتركيز على المصالح المشتركة بين هذه البلدان سعيا إلى ذلك التكامل النموذجي المنشود. لم يستغل العراقيون أبدا دورة "خليجي 25″ من أجل التمييز بين بلدان الخليج أو تفضيل هذه الدولة على الأخرى أو إعاقة وصول منتخب إلى أراضيها أو إغلاق الأجواء في وجه هذا البلد أو ذاك. هذا النوع من المزايدات والممارسات الحاقدة ليست لغة خليجية بالمرّة، إنها لغة جزائرية للأسف، يتقنها نظام الكابرانات، الذي حتى عندما يقرّر استقبال منتخبات لكرة القدم من كل الدول الإفريقية يصرّ على إغلاق أجوائه في وجه منتخب بلد شقيق كالمغرب كان سيمنح لدورة ال"الشان" الإفريقي شرفا وإشعاعا لا يُضاهى. لذلك فإن الجمهور المغربي سيتابع بكل شغف هذه البطولة الخليجية العربية التي تضع في مقدمة أولوياتها قيم العروبة ومبادئ الإخاء القومي، وتعزز من هذه الصورة الإيجابية التي ظهرت بجلاء خلال منافسات كأس العالم 2022 بقطر، عندما اصطفّت ملايين الجماهير العربية وراء أسود الأطلس بالدعم والتشجيع والمناصرة، وتابعت بكل صدق وإخلاص أطوار الإنجاز التاريخي الذي حققه أشبال الركراكي. وليرتع الكابرانات في بطولة بلا شأن فضّلوا أن يبثّوا فيها سمومهم وأحقادهم السياسية وعنادهم المرضي ضد المغرب وفريقه الوطني بدلا من أن تمثّل مناسبة لتجاوز الخلافات وإعادة تطبيع العلاقات التاريخية والإنسانية بين شعبين شقيقين لطالما تقاسما في الماضي الكثير من المسرّات والأتراح.