أوضح الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، أن إعلان الجزائر استغلال مناجم الحديد ب"غار الجبيلات" على مقربة من تندوف، يعد خرقا للاتفاقية الموقعة بين المغرب والجزائر سنة 1972 من أجل الاستغلال المشترك لمناجم الحديد والمصادق عليها من طرف الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري هواري بومدين. واعتبر أحمد نور الدين، أن الجزائر بإعلانها استغلال مناجم "غار الجبيلات" بشكل أحادي و منع المغرب من استغلال المناجم بشكل مشترك، كما نصت على ذلك الإتفاقية، معناه في القانون الدولي، أن الإتفاقية الموقعة أضحت لاغية، لخرق بند من بنودها. وإذا تم إنهاء الاتفاقية من طرف الجزائر، فالمغرب يضيف المتحدث، من حقه الرجوع لنقطة الصفر والمطالبة بإعادة ترسيم الحدود التي كانت قد اقتطعتها فرنسا أيام الاستعمار، لأن ترسيم الحدود بين البلدين كان هو جوهر وموضوع اتفاقية 1972 وتنص الاتفاقية، على أن المغرب لديه الحق في استغلال وتصريف معدن حديد "غار جبيلات" وشحنه عن طريق ميناء يقع على شاطئ المحيط الأطلسي، وتوزيع الأرباح مناصفة بين الطرفين. ويقول الخبير في العلاقات الدولية أن المغرب ، قبل توقيع اتفاقية 1972 ، كان دائما يطالب بإسترجاع الأراضي التي كانت فرنسا قد قامت بضمها للجزائر ، وكان هناك وعد مكتوب من طرف الحكومة الجزائرية المؤقتة أنذاك ،أنها ستقوم بإرجاع الأراضي التي ضمتها فرنسا للجزائر فور خروج الاستعمار. المغرب الذي وقع الاتفاقية سنة 1972 مع الجزائر، لطي صفحة النزاع الحدودي الشرقي، يضيف المصدر ذاته ، اشترط أن استغلال مناجم الحديد بغارة الجبيلات، والذي يعد أكبر منجم للحديد في إفريقيا والعالم، على أن يكون الاستغلال مناصفة وبشكل مشترك والشركة التي ستقوم باستغلاله ستكون شركة مغربية جزائرية كما هو موثق في الاتفاقية، موضحا أن الاتفاقية كانت تضم ملحقا يتكلم عن تفاصيل استغلال مناجم غار الجبيلات، مشيرا أن جنرالات الجزائر بغبائهم يقدمون للمغرب هدية ثمينة يجب استغلالها لاسترجاع الأراضي التي ضمتها فرنسا للجزائر أيام الاستعمار. وأفاد المصدر ذاته ، أن خرق الجزائر لاتفاقية 1972 ، يعتبر من باب المزايدات الجزائرية ضد المغرب ، ومن باب التصعيد ، لأن استغلال مناجم غار جبيلات، يتطلب استثمارات بمليارات الدولارات في البنيات التحتية والبنيات المنجمية و من أجل إيصال الطرق المعبدة أو السكك الحديدة للمنجم. وهذا مستعصي على الحكومة الجزائرية في الوقت الراهن بسبب تخبطها في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة، وبالتالي يضيف الخبير، إشهار هذه الورقة يدخل في اطار حملة التصعيد وتسميم العلاقات ما بين المغرب والجزائر في اتجاه الدفع نحو مزيد من الاحتقان للوصول الى غاية الجنرالات وهي إشعال فتيل الحرب فالوضعية الجزائرية الحالية، بحسب الخبير في العلاقات الدولية، يرى جنرالات الجزائر مخطئين، أن المخرج الوحيد منها هو إعلان الحرب مع المغرب للخروج من دوامة الأزمة الداخلية الخانقة والغليان الشعبي المطالب بإسقاط حكم العكسر وإقامة دولة مدنية، وتوجيه عائدات النفط والغاز نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية بدل السباق السوريالي نحو التسلح. إذن فالجزائر غير القادرة حاليا على توفير الماء والحليب لشعبها، وليس بمقدورها تعبئة الاستثمارات الضخمة للبنية التحتية التي تتيح استغلال مناجم غار الجبيلات، فيبقى التلويح بذلك مجرد ورقة سياسية، فاستغلال مناجم تندوف يتطلب استثمارات تفوق إمكانيات الجزائر لا من حيث تعبيد الطريق ولا من حيث شق السكك الحديدية لربط المنجم بموانئ التصدير في الشمال.. يشار أن الحكومة المغربية صادقت على الإعلان المغربي الجزائري الصادر في الرباط في 15 يونيو 1972 بشأن الحدود، في 22 يونيو 1992، مباشرة بعد عودة محمد بوضياف من منفاه بالمغرب وتوليه مقاليد الحكم في الجزائر، قبل أن يتم اغتياله من طرف ضابط في الجيش الجزائري شهور قليلة بعد ذلك. وبموجب الاتفاق اعلاه تعطى مهمة استغلال منجم الحديد بغار الجبيلات لشركة مغربية جزائرية، وتقتسم عائداته بين البلدين.