كشف محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس عن وجود إكراهات في تعبئة الموارد المالية لا سيما المساهمات الإلزامية الخاصة بالدول الأعضاء بلجنة القدس، حيث يظل المغرب الممول الوحيد بنسبة 100 في المائة. في هذا الحوار مع قناة "الدار" تحدث الشرقاوي عن الإشادة الدولية بالدور الكبير الذي يقوم به جلالة الملك كرئيسا للجنة القدس، والذي كان محط عدد من البيانات الدولية، وبالمقابل وصف اعتراضات الجزائر في عدد من الملتقيات الدولية على إصدار بلاغات تضامنية مع فلسطين بسبب تضمينها إشادات بدور المملكة المغربية ب"الحركات المتهافتة، والتي لا تؤثر في المغرب، بل تقف ضد مصلحة الفلسطينيين". حاورته – خديجة عليموسى اعترضت الجزائر في عدد من الملتقيات الدولية على إصدار بيانات لصالح فلسطين، لا لشيء سوى لأنها تتضمن الإشادة بجهود لجنة القدس وبرئيسها جلالة الملك محمد السادس، غير أنها فشلت في مساعيها بعد البيان الأخير للجنة للتنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي التي انعقدت مؤخرا بالرياض والذي تمت فيه الإشادة بدور جلالة الملك، ما تعليقكم على ذلك؟ إن الإشادة الدولية بدور جلالة الملك على رأس لجنة القدس، وهو دور مقدر من قبل الفلسطينيين ومن لدن الرأي العام الدولي، يأتي في سياق التحولات العميقة التي يشهدها العالم، وكذا في سياق دعوات السلام التي تؤمن بها المملكة المغربية وتدعو إليها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء وأطراف الصراع العربي الإسرائيلي لإقامة الحق الفلسطيني، وهذا موقف مبدئي للمملكة المغربية ما لبثت تدافع عنه لإقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيا وفق أحكام الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، والقدس عاصمة لهذه الدولة. وفي إطار حل الدولتين الذي ينتصر له المنتظم الدولي يأتي البيان الأخير للمملكة المغربية للتعليق على الأحداث المؤسفة التي تشهدها القدس والمسجد الأقصى خلال شهر رمضان. أما المواقف المناهضة لمصلحة فلسطين في الواقع سواء على مستوى الأممالمتحدة أو مجلس الأمن والتي بتنا نلاحظها، وهي مواقف غير مسبوقة ومؤسفة، فإن ذلك لا يؤثر على الموقف المغربي بقدر ما يؤثر على مصلحة الفلسطينيين أنفسهم، فمن يدعي أنه يدافع عن مصلحة الفلسطينيين عليه أن ينتبه إلى هذا النوع من الحركات المتهافتة والتي لا تؤدي إلى أي نتيجة. إن مواقف المنتظم الدولي ودول التعاون الإسلامي و مجلس جامعة الدول العربية ثابتة، ودائما تشيد بدور جلالة الملك ومبادرتها الخلاقة على رأس لجنة القدس، لأن عملها مؤسس ومستقر. على ذكر بلاغ المملكة المغربية بشأن استنكار الاعتداءات الإسرائيلية على المصلين بالمسجد الأقصى، وهي الاعتداءات التي تتكرر في كل شهر رمضان، ألا تعيق ظروف الاحتلال عملكم كوكالة؟ إن عمل الوكالة في ظل الظروف المتحركة وفي ظل الاستقرار الأمني بدون شك له تأثير على وتيرة هذا العمل أو على انسيابيته لأننا نتعامل مع مؤسسات وهيئات ومع مواطنات ومواطنين يستفيدون مباشرة من مشاريع الوكالة، فلا شك أن ذلك له تأثير على البرامج بفعل الإغلاقات وصعوبة التنقل بالمدينة، وهذا الأمر نتتبعه تمن خلال مرصد الرباط للملاحظة والرصد والتتبع الذي افتتحته الوكالة العام الماضي، وبالتالي فمن الطبيعي أن مثل هذه الأحداث يكون لها تأثير على الوكالة وعلى الهيئات العاملة بالقدس. أطلقتم برامج اجتماعية بالقدس الشريف خلال بداية شهر رمضان ونحن الآن على مشارف نهايته، ماهي حصيلة عملكم؟ أؤكد لكم، أنها حصيلة مشرفة ابتدأت بعقود الشراكة والتعاون لدعم المؤسسات الثقافية العاملة في مجال التنشيط الثقافي وهما مركزين ثقافيين مهمين في القدس وهذا الدعم بلغت قيمته 150 ألف دولار أمريكي موزعة على المعارض وعلى الأنشطة الفنية وما إلى ذلك من برامج التنشيط الثقافي التي تستمر على طول العام. وفي نفس السياق وقعت الوكالة اتفاقات مع جمعيتين مهمتين للتنشيط المجتمعي لإحياء مظاهر ورموز الهوية المقدسية والهوية العربية في القدس من خلال الألعاب الجماعية والحفاظ على الموروث الثقافي الفلسطيني. وفي كل سنة خصصت الوكالة مساعدات إنسانية لبعض الفئات الفقيرة وهي عبارة عن حصص غذائية وجهت لما يزيد عن 400 أسرة محتاجة بالإضافة إلى الأسر التي تكفل الأيتام في القدس وعددها 100 أسرة ، ثم في منتصف شهر رمضان نظمت الوكالة أيضا ملتقى للأشخاص في وضعية إعاقة، وهو توجه محمود لدعم هذه الفئات المهمة من المجتمع المقدسي من خلال جمعياتهم. كما و أعلنت الوكالة بهذه المناسبة 12 أبريل يوما للأشخاص في وضعية إعاقة وسيتم تخليده سنويا ويضم برنامج دعم مخصص لهذه الفئات. وبطبيعة الحال عملنا اليومي المتواتر المتواصل مع الفئات المقدسية المختلفة يمنحنا نظرة على حجم الحاجيات والطلبات المعبر عنها بشكل مضطرد ، ويجعلنا أمام مسؤولية نعترف أن حجم إنجازنا مهما كان مهما لا يستجيب لكل الحاجيات بسبب نقص الموارد والإمكانيات. أعلنتم عن قرب افتتاح المركز الثقافي المغربي، متى سيتم ذلك ؟ وما هو تقييمكم لحضور قضية فلسطين في الذاكرة المغربية؟ قبل ذلك في شهر نونبر من العام الماضي نظمت الوكالة في القدس يوم المملكة المغربية تزامنا مع احتفالات المغرب بعيد المسيرة الخضراء، وفي هذا اليوم المشهود حضر وجهاء المدينة ورموزها الدينية الإسلامية والمسيحية، وهو حضور يشهد للتأريخ لتواجد مغربي يزيد عن ألف عام في هذه المدينة، وهو دائم الاستمرارية والتجدد. وكما تعلمون أن الاحتلال الإسرائيلي سنة 1967 لما احتل القدس أقدم مباشرة على هدم الحارة المغربية وبقيت 26 أسرة من أصول مغربية وعلى بعد خطوات يوجد باب المغاربة وعلى يساره يوجد المتحف الإسلامي الحالي، وهو في الواقع مسجد المالكية الذي تقام فيه الصلوات بأئمة مغاربة، وفي عمق المتحف الإسلامي ما تزال اليوم الربعة المغربية وهو مصحف خط بيد السلطان أبي حسن المريني ووجهت منه ثلاث نسخ الأولى إلى مكة والثانية إلى المدينة والثالثة إلى القدس الشريف ومازالت نسخة القدس محفوظة إلى اليوم. بعد المسجد الأقصى مباشرة وفي ممر الآلام ينتصب اليوم المركز الثقافي المغربي الذي سيفتتح قريبا ، وهو بمثابة فضاء لتعزيز هذه الروابط التاريخية التي كانت دائما تجمع المغاربة بالمقدسيين لتعزيز عرى التضامن المبدئي والتابث الذي لا يقوم على المناسبات ولا يقوم على الشعارات والمزايدات كما قال جلالة الملك محمد السادس حفظه الله في الرسالة التي وجهها إلى رئيس اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. إن هذا التضامن المبدئي المستمر سيتعزز من خلال المركز الثقافي المغربي الذي سيفتح قريبا. انتقلت نسبة مساهمة المغرب في تمويل وكالة بيت مال القدس من نسبة 87 إلى 100 في المائة، ما دلالة ذلك؟ نحن نحاول قدر المستطاع تنويع مصادر التمويل، فالأنظمة الأساسية للتمويل تتحدث عن مساهمات طوعية للدول الأعضاء في التعاون الإسلامي والمؤسسات والأفراد ، وفي سنة 2014 رفعنا صفة الطوعية إلى الإلزامية، لكن إلى اليوم لا ينعكس هذا الالتزام الجماعي للدول العربية والإسلامية على تمويلات الوكالة بل انحصرت منذ سنة 2011 لتستمر المملكة المغربية على مستوى مساهمة الدول الأعضاء المساهم الرئيسي والوحيد لتمويلات الوكالة بنسبة 100في المائة. أما في فرع مساهمة المؤسسات والأفراد فهناك مساهمات من دول أخرى مشكورة في تمويلات هذا الفرع. إشكال التمويل يطرح تحد يتعلق بكون الوكالة لما أحدثت بمباركة من الدول العربية والإسلامية كانت تشكل فكرة الأداة المثلى لتنسيق الدعم العربي والإسلامي الموجه للقدس ولكن اليوم لما تتعدد الصناديق والوقفيات يطرح حتى مسألة المصداقية وهذه الأخيرة محفوظة بالوكالة لأنها مؤمنة بالإشراف المباشر لجلالة الملك حفظه الله مما يعطينا نفسا في العمل، ويجعل حتى الإقبال على هذه المؤسسة في القدس كبيرا لأنهم يعتبرون أموال الوكالة أموالا نظيفة وغير مشروطة إلا بما نستطيع نحن وشركاؤنا أن نؤمن به تسيير هذه الأموال وإيصالها لمستحقيها. تعتبر وكالة بيت مال القدس الذراع التنفيذي للجنة القدس والتي تضم في عضويتها عدد من الدول العربية والإسلامية، ومع ذلك هناك مشكل في تعبئة الموارد المالية، ألا يتعلق الأمر بتقصير الوكالة؟ أعترف بوجود تقصير من الوكالة كما أن تواصلنا محدود ولكن ذلك حسب إمكانياتنا، والتمويل هو إشكال عمودي تعاني منه جميع الهيئات وتسمعون الأنوروا وبعض منظمات الأممالمتحدة الكبيرة والمنظمات التابعة لجامعة الظول العربية والتعاون الإسلامي تعاني من مشاكل في التمويل. ووكالة بيت مال القدس تعتمد في تمويلاتها على التبرعات وكل مؤسسة تعتمد على ذلك يتعين أن تقيم الأسس والآليات المساعدة على تعبئة هذه الأموال والتبرعات من خلال التواصل سواء الجماهيري المنفتح أو الموضوعاتي، أو مع رجال الأعمال أو المؤسسات، غير أن قوانين الدول الأعضاء لا تسمح بهذا النوع من الأنشطة بما في ذلك تنظيم حملات جمع تبرع داخل هذه الدول لأنها تعهد هذه العملية لمؤسسات محلية نحن نتفهم ذلك، ولا نقطع الأمل في أن هذه الوكالة ستحظى بالدعم اللازم لأنها أتبثت على مدار هذه السنوات أن إيصال الدعم لمستحقيه بالقدس ممكن وأن حماية المدينة والحفاظ عليها من خلال مؤسساتها الشرعية والتعاون مع إدارة الأوقاف التابعة للمملكة الأردنية الهاشمية من خلال العمل مع المؤسسات الشرعية الفلسطينية ، هذا كله يجعل الوكالة قادرة على الاستمرار في أداء عملها وأنها تستطيع أن تحقق المزيد من الانجازات. لابد أن أشر هنا إلى أنه في السنة الماضية بلغ حجم الدعم 3.7 مليون دولار . وهذا العام طموحتنا منفتحة على أن نتمكن من تعبئة التمويل لإنجاز مشاريع بقيمة 5 مليون دولار ، وقد أعلنا في بداية العام عن الحزمة الأولى من المشاريعةبمبلغ مليون دولار ويجري الآن تنفيذها على أرض الواقع. ما هي آفاق عمل الوكالة، وهل هناك مبادرات نوعية في هذا المجال ؟ أعتقد أن المنظومة العربية والإسلامية مقتنعة بمركز القدس كمدينة للسلام ومدينة فارقة في إيجاد تسوية موضوعية تؤمن الحق الفلسطيني، هذه مكانة القدس، وجلالة الملك لما وقع مع البابا الفاتيكان نداء القدس يوم 30 مارس 2019 أكد هذا النداء على هذا الموقع القانوني للقدس الذي يتعين حفظه، كما أكد على أن أتباع الديانات السماوية لهم الحق في ممارسة شعائرهم الدينية بكل طمأنينة ، بالتالي هذه الرمزية لهذه المدينة يجعلها محور اهتمام عالمي، ونحن جزء من هذا العالم مهمتين ومعنيين أن نساعد قدر الاستطاعة على توفير الظروف المناسبة للتواصل حتى تتيسر سبل التقارب من أجل إقامة سلام مستدام حينها سينتهي دورنا وستكون الدولة الفلسطينية قد قامت على أرضها وعاصمتها القدس الشرقية بإذن الله. أما في المستقبل القريب فنحن نعمل على الاستمرار في مشاريعنا المؤسسة سواء تعلق الأمر بالتتمية البشرية ودعم الجمعيات والمشاريع الاجتماعية، ومنها مشروع "الدلالة" وهو منصة تسويق رقمية للتجار والجمعيات، ومشروع أطفال من أجل القدس، ثم منح الطلبة والصحة والتعليم والترميم وغيرها من البرامج، فنحن مستمرون على الخطى نفسها والوتيرة والهمة ذاتها، والأمل معقود في المستقبل على أن نتمكن من تعبئة الأموال لفائدة القدس وسكانها المرابطين.