أكد "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، أن " إسبانيا اتخذت خطوة كبيرة تجاه المغرب من خلال دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي لحل النزاع المصطنع حول مغربية الصحراء، الذي طال أمده". وأوضحت المؤسسة الفكرية الأوربية، على موقعها الالكتروني، أن " مدريد أقدمت على الإشادة والاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي، لكسب ود المغرب، بعد عام توترت فيه علاقتهما الثنائية"، مضيفة أن " مدريد رضخت لضغوط المغرب، الذي لوح بورقة "الهجرة غير النظامية"، في علاقاته مع الجارة الايبيرية"، يورد "المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية". وأبرز المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية، المعروف بتقاريره الموضوعية الرصينة، أن " اشادة، ودعم اسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، يأتي في أعقاب خطوة مماثلة من قبل ألمانيا، التي أشادت بدورها بمبادرة الحكم الذاتي، واصفة هذه المبادرة ب"المساهمة المهمة" لطي النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية". وأضاف ذات المصدر، أن " اسبانيا تعد الآن أقوى داعم أوروبي لخطة الحكم الذاتي المغربية، حتى بالمقارنة مع فرنسا، الحليف الوثيق للمغرب"، مبرزا أن " الحكومة الإسبانية بذلت جهود كبيرة لتطبيع علاقاتها مع الرباط عقب الأزمة الدبلوماسية، التي اندلعت بسبب استقبال مدريد لزعيم ميليشيات جبهة "البوليساريو" الانفصالية"، حيث قامت اسبانيا بإقالة وزيرة الخارجية، أرانشا غونزاليس لايا، من منصبها، كما عرضت الحكومة الاسبانية، بعد بضعة أشهر، على المغرب تزويده بالغاز الطبيعي، في أعقاب قرار الجزائر بإنهاء عقدها مع المغرب بشأن خط أنابيب الغاز بين المغاربي- الأوربي"، واستمرارا لتودد اسبانيا للمغرب في محاولة لطي صفحة الأزمة الدبلوماسية، أشاد العاهل الاسباني، في يناير 2022، بصداقة بلاده مع المغرب، غير أن ذلك لم يكن له أي تأثير على الرباط، التي أوضحت أنها " لن تقبل بأقل من تأييد إسباني للصحراء المغربية". وتابع المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية، أن " اسبانيا كانت تتوقع إبقاء رسالة رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشيز، الى الملك محمد السادس، سرية، على الأقل حتى زيارة سانشيز للرباط، غير أن الكشف عن فحوى هذه الرسالة تسبب في ارتباك كبير للحكومة الاسبانية، مما خلق انطباعًا قويًا بأن " إسبانيا رضخت ببساطة للضغط المغربي في قضية الصحراء المغربية لترميم علاقتهما الثنائية". وأورد المجلس :" في محاولة للحد من الأضرار التي لحقت العلاقات المغربية- الاسبانية، أوفدت إسبانيا، مؤخرًا وزير خارجيتها الجديد، خوسيه مانويل ألباريس، إلى اجتماع مع مبعوث الأممالمتحدة لعملية السلام في الصحراء المغربية، ستافان دي ميستورا، حيث جددوا التأكيد على دعم إسبانيا "لحل متوافق بشأنه بين الأطراف في إطار الأممالمتحدة ". وأضافت المؤسسة البحثية الأوربية :" مايزال من غير الواضح ما إذا كان المغرب قد وعد إسبانيا بأي شيء مقابل الدعم الذي قدمته اسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي. إلى جانب التعهد العام بوضع العلاقات الثنائية على أسس إيجابية جديدة، ربما تكون مدريد قد حصلت على بعض التطمينات بشأن التعاون المغربي بشأن السيطرة على الهجرة، وملف مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، ولطالما كانت هذه القضايا على قائمة الرغبات الإسبانية. لكن أي تنازلات من المغرب في هذه المجالات تبدو محدودة وغير ملزمة. وعلى نفس القدر من الأهمية، مالت العلاقات الثنائية لصالح الرباط وقوضت المواقف التفاوضية المستقبلية لإسبانيا". وتابع المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية :" هذه الحلقة تذكير آخر كيف أن مخاوف أوروبا بشأن الهجرة والإرهاب تجعلها عرضة للإكراه من قبل الدول الأجنبية. إذا استمرت محكمة العدل الأوروبية، كما هو مرجح، في الحكم ضد إدراج الصحراء المغربية في العلاقة التجارية للاتحاد الأوروبي مع المغرب، وهو مطلب آخر من مطالب الرباط، فستتعرض إسبانيا للضغط المغربي مرة أخرى. في نهاية المطاف، من غير المرجح أن تغير الرباط تكتيكاتها حتى تحصل على قبول إسباني (وأوروبي) كامل لمطالبتها بالسيادة على الصحراء المغربية. وتابعت المؤسسة البحثية الأوربية :" تقدم أوروبا بشكل متزايد تنازلات لشركائها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا دون ممارسة نفوذها الاقتصادي والمالي الكبير عليهم لتحقيق أهداف سياستها الخارجية. أثار رفض المغرب المشاركة في تصويت الأممالمتحدة ضد قرار يدين التدخل الروسي في أوكرانيا، قدرا كبيرا من الإحباط بين الدول الأوروبية، غير أن ردهم هو زيادة حوافز المغرب للتعاون. إسبانيا ليست وحدها في هذا الأمر. في 10 مارس الحاري، بعد فترة وجيزة من التصويت، وعدت المفوضية الأوروبية بضخ 8.4 مليار يورو إضافية في الاستثمار في المغرب، كما أعلنت عن شراكة جديدة مع البلد بعنوان Link Up Africa. كما هو الحال مع تنازلات إسبانيا، لم يؤد أي من هذا إلى تحول إيجابي في السياسة المغربية". وخلص المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قائلا :" بالطبع، تحتاج إسبانيا والاتحاد الأوروبي إلى الحفاظ على علاقات وثيقة مع المغرب، كما أوضح وزير الخارجية الاسباني، الباريس، للبرلمان الإسباني اليوم. لكن هذا لا ينبغي أن يكون حصرياً بشروط المغرب. من خلال رفض استخدام نفوذهم على المغرب، قللت إسبانيا والاتحاد الأوروبي من قوتهم التفاوضية وتعزيز التصور السائد بين العديد من القادة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأن الأوروبيين هم لاعبون غير مهمين في المنطقة. تتمتع أوروبا بقيمة اقتصادية ومالية وسياسية لشركائها الإقليميين لا يمكن لروسيا وحتى الصين تكرارها بسهولة. في الوقت الذي لا يستطيع فيه الاتحاد الأوروبي حماية مصالحه الإقليمية إلا من خلال تكثيف المنافسة مع القوى العالمية الأخرى، لا يمكنه تحمل تقديم تنازلات لا نهاية لها مقابل القليل في المقابل".