نظمت رئاسة النيابة العامة ، اليوم الخميس بالرباط ، لقاء دراسيا حول موضوع "إشكالات مدونة السير على الطرق في ضوء العمل القضائي"، وذلك في سياق تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية (18 فبراير). وشكل اللقاء الدراسي مناسبة لتبادل ومناقشة مختلف الإشكالات القانونية والتقنية التي تصادف كل متدخل في عمله القضائي والضبطي والإداري والتقني، واقتراح بعض الحلول لتجاوزها، والخروج بالتوصيات الكفيلة بإيجاد حلول للإشكاليات المطروحة. وأشار وزير العدل عبد اللطيف وهبي ، بالمناسبة ، إلى استفحال معظلة حوادث السير وما تخلفه من مآسي إنسانية تؤثر على المجتمع والاقتصاد، مؤكدا على ان هذا اللقاء يشكل محطة للوقوف على ما تحقق في مجال السلامة الطرقية وما ينبغي القيام به لتحقيق مطلب كوني ودستوري وأخلاقي يرمي إلى حماية البشرية. وأبرز السيد وهبي أن المشرع المغربي ما فتئ يبذل الجهود في هذا المجال بمساهمة من وزارة العدل من خلال السياسات الزجرية ومساهمتها كذلك في إخراج مدونة السير وقانون المسطرة الجنائية، مستعرضا ، من جهة أخرى ، الإكراهات التي تعيق دفع الغرامات من طرف المخالفين "وهو ما يفوت على الدولة مبالغ كبيرة". بدوره، أكد وزير النقل واللوجستيك محمد عبد الجليل أن هذا اليوم الدراسي يتيح لجميع الفاعلين تبادل الآراء ومناقشة الإكراهات وتقديم المقترحات، مشددا على الدور الأساسي الذي يلعبه محور التشريع في محاربة حوادث السير فيما يخص ضبط سلوكات مستعملي الطريق. وبعدما أشار إلى الإصلاحات البنيوية العميقة التي أحدثتها مدونة السير منذ دخولها حيز التطبيق، ذكر السيد عيد الجليل بأنه تم خلال الفترة (2012 -2014) تقييم مدى نجاعة هذه الإصلاحات، من خلال تحليل نقدي لمختلف مواد مدونة السير على الطرق، وملاءمتها مع ما أبانت عنه الممارسة من نقص أو خلل تطلب التصحيح، تلاه أول تعديل للمدونة بواسطة القانون رقم 116-14 الذي دخل حيز التنفيذ في غشت 2016. وخلص الى ان مخرجات هذا اللقاء ستساهم ، لا محالة ، في إغناء مشروع تعديل مدونة السير على الطرق الذي يتم حاليا إعداده من قبل مصالح وزارة النقل واللوجستيك. في نفس الاتجاه، أبرز الوكيل العام للملك ، رئيس النيابة العامة ، الحسن الداكي أن حوادث السير تخلف ضحايا يوميا بما يرفع عدد الوفيات إلى أكثر 3500 سنويا وعدد الإصابات إلى 12 ألف، فضلا عن كونها تكلف حوالي 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 17 مليار درهم سنويا. وأمد السيد الداكي أن رئاسة النيابة العامة وضعت محاربة آفة حوادث السير من بين أولويات السياسة الجنائية التي تسهر على تنفيذها من خلال العمل على تقوية دور جهاز النيابة العامة في مكافحة هذه الظاهرة بآليات قانونية تتسم بالسرعة والفعالية والنجاعة، وتحقيق الحكامة القضائية في مجال الإشراف على عمل الشرطة القضائية وممارسة الدعوى العمومية في مجال السير والجولان. وتوقف عند الصعوبات التي تواجه مختلف القطاعات المتدخلة في تفعيل أحكام هذه المدونة بسبب الإشكاليات العملية والقانونية التي تعترضها سواء على مستوى المعاينة العادية والآلية لضبط مخالفات أحكامها، أو على مستوى إجراءات المحاكمة وإصدار الأحكام وتبليغها. أما المدير العام للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا) بناصر بولعجول فاعتبر أن السلامة الطرقية مجال متعدد القطاعات ومن بينها مجال التشريع والمراقبة والزجر، وأنها احد المداخل الأساسية لتأطير السلوك ومحاربة العنف الطرقي. ودعا السيد بولعجول إلى ملاءمة مستمرة للمنظومة التشريعية التي تعطي القاعدة القانونية لتدخل مجموعة من الفاعلين، خاصة منهم أعوان المراقبة. وعرف هذا اللقاء مشاركة مختلف المتدخلين في تفعيل مقتضيات مدونة السير على الطرق سواء بشكل حضوري أو عبر التناظر المرئي، ضمنهم قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة، وأطر وزارة العدل والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية والخزينة العامة للمملكة، وضباط، وأعوان الشرطة القضائية للدرك الملكي والأمن الوطني.