أكد وزير العدل، محمد بنعبد القادر، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن الدستور المغربي الصادر سنة 2011 شكل لبنة أساسية لترسيخ الحقوق الإنسانية للمرأة. وأبرز بنعبد القادر، خلال ندوة وطنية خصصت لتقديم "الدليل القانوني للنساء ضحايا الجريمة أو انتهاك الحقوق"، المنجز من طرف جمعية "جسور ملتقى النساء المغربيات"، الحمولة الحقوقية الكبرى التي جاء بها دستور 2011، والمقتضيات المتقدمة التي تضمنها في هذا المجال، معتبرا أنها عززت الإرادة الراسخة لتعزيز المكتسبات المحققة. وأضاف أن هذه المقتضيات الدستورية شجعت على فتح أوراش جديدة تستهدف مزيدا من العناية بقضايا المرأة والارتقاء بها، وذلك في إطار مقاربة تلعب فيها المرأة دورا أساسيا في تحقيق هذه الأهداف، من خلال إشراكها في وضع التصورات والمخططات واتخاذ القرارات والسهر على حسن تنفيذها وتنزيلها. وتوقف، في السياق ذاته، عند صدور مدونة الأسرة سنة 2004، معتبرا أن صدورها شكل محطة بارزة في التوجه الرامي إلى إرساء ثقافة المساواة والإنصاف بين الجنسين، وتأسيس منظور جديد للتعاطي مع وضعية المرأة بصفة خاصة والأسرة بشكل عام، قوامه المسؤولية المشتركة للزوجين، والمساواة بينهما في الحقوق والواجبات، والعدل والمودة والمعاشرة بالمعروف، والتنشئة السليمة للأطفال. وأضاف أن هذه المدونة شكلت إصلاحا جوهريا غير مسبوق في منظومتنا التشريعية والمجتمعية، وحدثا تاريخيا بامتياز، ملحا على أن صدورها لم يكن إلا مرحلة أولى من مسلسل طويل وشاق، يهدف إلى الحفاظ على استقرار وتوازن الأسرة، وإرساء المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات. وقال إن وزارة العدل لعبت دورا بارزا ومحوريا في هذا المسار، باعتبارها المسؤولة الأولى عن تنزيل مقتضيات مدونة الأسرة من الناحية المادية والتنظيمية واللوجستيكية. واعتبر أن ما تحقق من مكاسب كبيرة ومهمة للأسرة المغربية، بعد مرور 17 سنة على دخول هذه المدونة حيز التطبيق، أكد بما لا يدع مجالا للشك صحة الاختيارات التي انتهجها المغرب في سبيل تحديث منظومته التشريعية والقضائية في مجال الأسرة. وسجل، بالمقابل، ضرورة "الإقرار من باب الاعتراف أيضا أن النتائج المحققة على أرض الواقع لم ترق إلى مستوى الطموحات والإنتظارات، وذلك بسبب معوقات عدة اعترضت أو شابت التطبيق السليم لمقتضيات هذه المدونة وكذا القوانين ذات الصلة، دون أن نغفل الواقع الاجتماعي والاقتصادي والموروث الثقافي الذي حد من فعالية وجدوى كثير من المقتضيات والمستجدات التي أحدثتها نصوص هذه المدونة". وتطرق بنعبد القادر، في السياق ذاته، إلى تصور الوزارة في مجال مراجعة السياسة التجريمية في جانبها المتعلق بضمان الحماية الجنائية للمرأة، مبرزا أنه يرتكز على تجريم عدد من الأفعال الماسة بكرامتها وإنسانيتها، وذلك وفق ما نصت عليه المواثيق والعهود الدولية التي صادقت عليها المملكة. أما في مجال مراجعة السياسة العقابية، يواصل الوزير، فالهدف الأسمى يتمثل في تحقيق الردع المطلوب، وتوفير أكبر قدر ممكن من الحماية للنساء ضحايا الأفعال الإجرامية، وذلك من خلال تشديد العقوبة على مجموعة من الأفعال التي تكتسي طابع الخطورة، وحذف مجموعة من حالات الإعفاء من العقاب التي يستفيد منها مرتكبو أفعال جرمية ضد النساء. ومن أمثلة هذا التوجه، وفقا للمسؤول نفسه، تشديد العقوبة إذا كانت الضحية امرأة حاملا في حالات الاختفاء القسري وتهريب المهاجرين و الاتجار بالبشر والإهمال، وتشديد العقوبة في الاتجار بالبشر إذا كان الفاعل زوجا للضحية، وتشديد العقوبة في حالة ارتكاب العنف من طرف الزوج أو الطليق أو الخطيب أو الخطيب السابق. كما تشمل هذه المراجعة حذف الإعفاء من العقوبة في حالات السرقة بين الزوجين، والنصب بين الزوجين، وخيانة الأمانة بين الزوجين. ويتوخى الدليل القانوني للنساء ضحايا الجريمة أو انتهاك الحقوق، الذي يعد الأول من سلسلة دلائل سهر على إعدادها خبراء وأساتذة قانون، تبسيط الإجراءات القانونية التي يمكن أن تحتاج إليها المرأة. كما تظهر أهميته في التعريف بالحماية القانونية والرصد ودعم ضحايا العنف بشتى أنواعه. وينظم هذا اللقاء بشراكة بين جمعية "جسور ملتقى النساء المغربيات" ووزارة العدل والعيادة القانونية لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط. المصدر: الدار- وم ع