يواصل الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، حملته الانتخابية التي انطلقت مبكرا، في ظل صراع غير معلن مع حليفه الحكومي حزب العدالة والتنمية. وبينما تستمر حالة الشد والجذب في مواجهة الإسلاميين من خلال المعارك التشريعية والتدبيرية لم يتوقف عزيز أخنوش عن حراكه الانتخابي الهادف إلى استقطاب أكبر قاعدة جماهيرية استعدادا لانتخابات 2021. آخر هذه اللقاءات الانتخابية التي أشرف عليها وزير الفلاحة كانت في إسبانيا حيث التقى رجل الأعمال التجمعي بالجالية المغربية ودعاهم إلى "نشر خطاب الأمل والتفاؤل، ومواجهة خطاب اليأس والعدمية والمساهمة في بناء الأوطان التي يستقرون فيها". ويبني عزيز أخنوش خطابه الانتخابي منذ انطلاق اللقاءات التواصلية للحزب على مقولة الأمل في مواجهة العدمية في استثمار واضح لما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 19 لعيد العرش سنة 2018 عندما انتقد الملك من أسماهم بدعاة السلبية والعدمية مؤكدا أن "المغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا. بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات"، مضيفا "وإني واثق أنهم لن يسمحوا لدعاة السلبية والعدمية، وبائعي الأوهام، باستغلال بعض الاختلالات، للتطاول على أمن المغرب واستقراره، أو لتبخيس مكاسبه ومنجزاته". ويأتي لقاء إسبانيا مباشرة بعد لقاء الداخلة الجهوي الذي عقده أخنوش في 23 فبراير الماضي وأكد فيه أن جل المبادرات الإصلاحية والاجتماعية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة كالتغطية الصحية أو مخطط المغرب الأخضر هي برامج ملكية بالأساس. ومن الواضح أن هذا الخطاب محاولة لهدم مبكر لشرعية الإنجاز والحصيلة التي يمكن أن يواجهه بها منافسه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية المقبلة في 2021. ويضع هذا الاختيار التواصلي المبكر عزيز أخنوش أمام محك حقيقي من أجل تحقيق نصر انتخابي صارخ ينقل الحزب من المرتبة الثالثة التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة إلى مرتبة أكثر تقدما. فرغم القوة السياسية التي يتمتع به حزب الحمامة مقابل القوة العددية للإسلاميين إلا أنه من الظاهر أن الإيقاع المبكر والمرتفع للقاءات الحزبية أو الخطابية ذات البعد الانتخابي يظهر توجسا من احتمال خسارة انتخابية جديدة واحتمال عودة مظفرة للعدالة والتنمية على رأس نتائج انتخابات 2021. ويظهر هذا التوجس الضمني في صراحة الخطاب الذي يوظفه عزيز أخنوش بخصوص الرهان الانتخابي. وفي هذا الإطار لم يتردد رئيس حزب الحمامة في لقاء إسبانيا الأخير في إطلاق الحملة الانتخابية المبكرة وهو يخاطب أفراد الجالية قائلا ""إلا بغيتو تبدل الأمور في البلاد يجب أن تختاروا الرجال والنساء القادرين على التغيير، وهذا عبر التصويت". وخاطب وزير الفلاحة والصيد البحري مغاربة العالم قائلاً: "إشكاليات المغرب معروفة، وتطرقنا لها في مذكرة مسار الثقة، أولاها التشغيل والتعليم والصحة". ويرفع الحزب منذ مارس 2018 وثيقته الانتخابية الرسمية المعنونة ب"مسار الثقة" التي يعتبرها حزب التجمع الوطني للأحرار بأنها تأخذ تطلعات المغاربة أينما كانوا بعين الاعتبار. وفي نظر أخنوش فإن هذه الوثيقة سيتم تفعيلها عبر برنامج واضح، "ليكون الحزب سنة 2021 في المستوى". وعلى ما يبدو فإن السباق الانتخابي قد انطلق منذ أن فشل الحزب في انتزاع مرتبة متقدمة في قائمة الانتخابات التشريعية الماضية. غير أنه منذ مطلع 2019 دخل هذا السباق الانتخابي مرحلة السرعة القصوى. في يناير الماضي أعلن عزيز أخنوش أمام أعضاء المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار عن رهان رفع عدد منخرطي الحزب من 100 ألف إلى 200 ألف في أفق 2020. وكشف عن سلسلة مكثفة من المؤتمرات يستعد حزبه لتنظيمها إلى غاية شهر شتنبر المقبل، منها تنظيم قمة المرأة التجمعية، ومؤتمر مغاربة العالم في إسبانيا، ولقاء وطني لمنتخبي حزبه في مدينة الجديدة، بالإضافة إلى استمرار هيكلة باقي المؤسسات التابعة للحزب. ورغم أن الحزب استطاع من الناحية التنظيمية ربح رهان هذه الاستحقاقات الداخلية إلا أن حمى 2021 تضع على عاتق رجل الأعمال السوسي عبئا هائلا قد يرفعه إلى قمة المجد السياسي في حال نجح في تحجيم القوة الانتخابية للإسلاميين، أو يعصف بمستقبله كرجل دولة في حال حصد هزيمة أخرى في مواجهتهم.