تشكل تجربة "جمعية الريحان لذوي الاحتياجات الخاصة" بجماعة سوق السبت أولاد النمة، نموذجا للمشاريع التي يتعايش فيها التعليم الأولي جنبا إلى جنب مع التوحد، في مسعى من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتعزيز مسار المنظومة التربوية بالإقليم والنهوض بأوضاع هذه الفئة من المجتمع. فقد أشرفت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على دعم "جمعية الريحان لذوي الاحتياجات الخاصة" من أجل تدشين شكل جديد من الرعاية والتكفل بالأطفال المصابين بالتوحد الذين يستفيدون ، علاوة على علاج إعاقتهم الذهنية أو الجسدية ، من دروس التعليم الأولي. هي تجربة رائدة على المستوى الوطني تساهم في تطوير التعليم الأولي بين فئات الأطفال الأكثر هشاشة، وبالتحديد الأطفال المصابين بالتوحد، ولكن أيضا من يعانون من عجز في الحركة. واستفادت جمعية الريحان، التي تم إحداثها سنة 2019، من الدعم المقدم من المبادرة في حدود 200 ألف درهم لتهيئة هذه الفضاءات بأجهزة ومواد تهم إعادة التعلم والتأهيل. فبالإضافة إلى إعادة تأهيل الأطفال ذوي القدرة المحدودة على الحركة ودعم الأطفال المصابين بالتوحد، هيأت الجمعية العديد من هذه الفضاءات للانخراط في مسار النهوض بالتعليم الأولي لدى هذه الفئات من الأطفال، مع مواكبة دقيقة مرفوقة ببرنامج دراسي متخصص، تقدمه عدد من المعلمات اللائي تلقين تكوينا عاليا لهذا الغرض. وفي هذا السياق يكتشف الطفل المصاب بالتوحد أو الطفل ذو الحركة المحدودة الذي يلتحق بفضاءات الجمعية، موارد أساسية والعديد من الدعائم والأنشطة والإرشادات التي تسهل تعلمه وتفتحه، بهدف التغلب على إعاقته، والتكيف مع لغته الخاصة، واكتشاف الكلمة المكتوبة، والحركة أكثر والتعبير الجسدي والانفتاح على العالم الخارجي، بالإضافة إلى المتابعة الطبية لإعاقته. وتنفتح الجمعية على الأطفال في سن التعليم الأولي الذين تم تشخيص حالتهم ب"اضطراب طيف التوحد"، حيث تقوم بتوجيه كل طفل مصاب بالتوحد مباشرة إلى معلمة تشرف على مواكبته وتنفيذ الأهداف التي وضعتها الجمعية من أجل تفتح ملكات الطفل ومهاراته وتعزيز استقلاليته، لذلك يتلقى الطفل متابعة مستمرة لحالته الصحية وإعاقته وتأمين تعلمه الأولي. ويخضع الأطفال ذوو القدرة المحدودة على الحركة إلى رعاية من قبل أخصائيين. ويساهم في هذا المسار التعليمي والعلاجي أيضا عدد من المنشطين والاختصاصيين في تقويم النطق وأمراض مختلفة أخرى. علاوة على ذلك، يستفيد الطفل، بالإضافة إلى مواكبة حالته الصحية، من تعليم أولي ملائم لمرحلة الطفولة المبكرة، ولإعاقته أو لمحدودية حركته. وأوضح رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة الفقيه بن صالح العربي بوعابيدي أن دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لهذا المشروع يتمثل في تهيئته بأجهزة ومواد ودعائم تخص إعادة تعليم وتأهيل الأشخاص في وضعية إعاقة، مشيرا إلى أن المبلغ الإجمالي لهذا الدعم يقدر ب 200 ألف درهم. وقال بوعابيدي إن هذا الدعم يندرج في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبالتحديد برنامجها المتعلق بدعم الأشخاص في وضعية هشاشة ، مبرزا الأهمية الاجتماعية والاقتصادية لهذا المشروع بالنسبة لإقليم كالفقيه بن صالح. من جهته أوضح مدير "جمعية الريحان لذوي الاحتياجات الخاصة" الشرقي الفضلاوي أن العديد من شركاء الجمعية ساهموا في تجهيز ورشها، مثمنا المساهمة القيمة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي جهزت فضاء إعادة التكوين والتأهيل الشامل لهذه الفئة من المجتمع. وأشار الفضلاوي إلى أن عدد المستفيدين من الأطفال المصابين بالتوحد بالإقليم يبلغ 160 طفلا ، يستفيدون من تعليم تخصصي وإعادة التكوين والتأهيل والدعم النفسي والدورات الخاصة، بمساعدة معالج مختص في تقويم النطق للأطفال الذين يعانون من عسر القراءة. وقالت الطبيبة النفسية بالجمعية خديجة الكوش إن الجمعية تتولى رعاية والتكفل بالعديد من المعاقين ذهنيا ونفسيا ،خاصة الأطفال المصابين بالتوحد. وأضافت "دوري يتمثل في دعم ومواكبة الأسر والأطفال خلال المراحل الأولى من الإعاقة وخاصة الأمهات الأقرب إلى الأطفال، واللائي يواكبن معهم حالات التشخيص والعلامات الأولية للإعاقة"، علاوة على تقييم الصعوبات التي يواجهها الطفل المعني من أجل تطوير برنامج فردي خاص به، قبل توجيهه مباشرة إلى معلمة تسهر على تنفيذ البرنامج الذي تم وضعه لكل طفل على حدى. ويبلغ إجمالي عدد الأطفال المسجلين بوحدات التعليم الأولي بإقليم الفقيه بن صالح أزيد من 6016 طفلا منهم 2902 فتاة ، موزعين على 307 وحدة تغطي بذلك مختلف جماعات الإقليم. وحسب معطيات للمندوبية الإقليمية للتربية الوطنية، فقد التحق 4889 طفلا ، من بينهم 2325 فتاة ، بوحدات التعليم الأولي ، موزعين على 223 وحدة تعليم أولي في القطاع العام في حين بلغ عدد الأطفال المسجلين بمرحلة التعليم الأولي في المدارس الخاصة 869 منهم 439 فتاة موزعين على 298 وحدة. وتستقبل "جمعية ريحان" لوحدها 160 طفلا موزعين على عشر وحدات للتعليم الأولي. ويعد التعليم الأولي أحد المحاور الأربعة ذات الأولوية في المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامجها الرابع بعنوان " تثمين الرأسمال البشري للأجيال الصاعدة" الذي يهتم بتنمية الطفولة المبكرة، كمرحلة حاسمة تتيح للفرد التطوير الذاتي من خلال التغلب على العقبات المرتبطة بالتنمية، وذلك في إطار مقاربة شاملة ومتكاملة مع مختلف القطاعات الوزارية المختصة. وبموجب الاتفاقية الإطار الموقعة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، تعهدت المبادرة ببناء 10 آلاف وحدة للتعليم الأولي وإعادة تأهيل 5 آلاف أخرى خلال الفترة من 2019 إلى 2023. وإذا كانت المرحلتان الأولى والثانية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قد ساهمتا إلى حد بعيد في التقليص من الفقر والهشاشة، وبالتالي تحسين الظروف المعيشية، فإن المرحلة الثالثة منها تسعى لتكون انطلاقة جديدة لمواكبة الأطفال والمراهقين، بهدف تقليص التفاوتات في مجال التربية، من خلال تمكين هؤلاء الأطفال والمراهقين ، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 18 سنة المنحدرين من أوساط محرومة ، من الاستفادة من الدعم المدرسي وتطوير مسارهم عبر إعدادهم منذ سن مبكرة على التفاعل مع الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية. المصدر: الدار– وم ع