شكل توقيع اتفاقية جديدة بين المغرب وروسيا، تسمح ل10 سفن روسية بالصيد في المياه المغربية دون استثناء أي جزء من سواحل الأقاليم الجنوبية، ضربة موجعة لجبهة بوليساريو، وصنيعتها الجزائر، التي كانتا في واقع الأمر تنتظران موقفا صريحا وداعما يدعم "استفتاء تقرير المصير" في الصحراء، وموقف قوي فيما يخص عملية "الكركرات" العسكرية، غير أن شيئا من ذلك لم يحدث. ومن شأن التوقيع على هذه الاتفاقية الجديدة يوم 27 نونبر الماضي، أن يفقد جبهة بوليساريو، وبشكل نهائي إمكانية الوصول إلى مياه المحيط الأطلسي عبر المنطقة العازلة، فيما تشكل مكسبا دبلوماسيا للمملكة واعترافا ضمنيا بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية وثرواتها. وتمثل هذه الاتفاقية الموقعة ثامن تمديد للاتفاقية الأصلية الموقعة سنة 1992، والتي تسمح لأسطول مكون من 10 سفن روسية من الصيد على امتداد 15 ميلا بحريا من كافة السواحل المغربية. ويتزامن توقيع الاتفاقية مع الإشادة الكبيرة و القوية التي حظيتها بها العملية العسكرية للجيش المغربي في منطقة الكركرات الحدودية، والتي توجت بتطهيرها من مرتزقة بوليساريو، كما أنها تأتي في ظل تدهور الأوضاع الداخلية في الجزائر، الحليف الاستراتيجي لروسيا في مجال الأسلحة، و مرض الرئيس عبد المجيد تبون، وضبابية المشهد السياسي في الجزائر، وهي كلها معطيات تخدم الطرح المغربي في قضية الصحراء المغربية. وأكدت موسكو عبر بلاغ لخارجيتها يوم 18 نونبر 2020، عقب اتصال بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره المغربي ناصر بوريطة، أن روسيا "توجه نداء إلى جميع الأطراف المعنية لتعزيز وقف الأعمال العدائية وتهدئة التوتر الذي نشأ في الأيام الأخيرة في منطقة الكركارات". وأكد البلاغ ذاته أن موسكو جددت التأكيد على موقفها المؤيد لحل قضية الصحراء حصرا بالطرق السياسية والدبلوماسية وعلى أساس القانون الدولي المعمول به"، فيما تحاشى البلاغ نهائيا الحديث عناستفتاء تقرير المصير كحل وحيد للملف كما تصر على ذلك البوليساريو و الجزائر. كما امتنعت روسيا في 30 أكتوبر 2020، أي قبل أسبوعين فقط من عملية الكركارات، عن التصويت على قرار مجلس الأمن الأخير بخصوص الصحراء الذي لم يتضمن الإشارة إلى استفتاء تقرير المصير، لكنها عند التفاوض على قضية تجديد اتفاق الصيد البحري لم تبد أي نوع من التحفظ على امتداده إلى غاية سواحل الأقاليم الجنوبية، وهي إشارات قوية تعمق من عزلة الكيان الوهمي و الجزائر، التي لطالما تبجحت بعلاقاتها العسكرية القوية مع موسكو. في يوليوز المنصرم، فشلت الجزائر في انتزاع موقف روسي داعم لجبهة البوليساريو الانفصالية، وذلك خلال اجتماع جمع وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، بنظيره الروسي، سيرجي لافروف، بالعاصمة الروسية موسكو. وحاول وزير الخارجية الجزائري اقحام ضمن جدول أعمال اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي ملف الصحراء المغربية، وهو ما يعكس التدخل الجزائري في الملف، في وقت أكد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أن النزاع يبقى محصورا بين المغرب وجبهة البوليساريو. وسارعت روسيا الى الاعراب على لسان وزير خارجيتها عن موقفها الدائم من نزاع الصحراء المغربية؛ إذ شدد سيرجي لافروف، في ندوة صحافية مشتركة مع نظيره الجزائري، آنذاك، عقب اللقاء الذي جمعهما، على أهمية التسوية في ملف الصحراء بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي المعروفة. وتتمسك موسكو بموقفها الرسمي رغم محاولات التأثير عليه من قبل الجزائر، اذ تؤكد روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، أنه "لا توجد بدائل للتسوية السياسية لنزاع الصحراء إلا على أساس القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي".