أرقام صادمة أفصح عنها محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، في كلمته بمناسبة اليوم الوطني للسلامة الطرقية، الذي يصادف 18 فبراير من كل سنة، إذ كشف أن حوادث السير بالمغرب تخلف يوميا مقتل 10 أشخاص وإصابة 250 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، كما تؤدي سنويا إلى وفاة أكثر من 3500 شخص وإصابة 12 ألف آخرين بجروح بليغة. وأضاف النباوي، في الكلمة التي ألقاها عنه السيد هشام بلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، بالنيابة عنه، أن هذه الحوادث "تكلف حوالي 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 17 مليار سنتيم سنويا"، بينما أكد البنك الدولي أن قيمة الخسائر الاقتصادية تتجلى تتراوح بين 65 و 100 مليون دولار"، على حد تعبير النبوي. وإذا كانت الأسباب المؤدية لحوادث السير متعددة، فإن "تجاوز السرعة القصوى المسموح بها قانونا من طرف السائقين يبقى أحد الأسباب الرئيسة في وقوع حوادث السير"، وللحد منها "تم إحداث نظام المعاينة الآلية لهذه المخالفة عبر رصدها بالرادارات الثابتة ومعالجتها إلكترونيا سواء على مستوى السلطة الحكومية المكلفة بالنقل أو على مستوى المحاكم، كما سيتم إحداث 550 رادارا لهذا الغرض في المستقبل"، يسجل النبوي. وتابع النباوي، في اليوم الدراسي الذي يحمل عنوان "إشكالات المعالجة الإلكترونية لمخالفات السير المتعلقة بالرادار الثابت وسبل تجاوزها"، اليوم الاثنين بالرباط، أن وضع النظام المعلوماتي الخاص بالمعالجة الالكترونية لقضايا السير "جاء تفعيلا للمقتضيات القانونية التي جاءت بها بمدونة السير على الطرق في هذا الإطار خاصة المادة 199 منه لتأمين توجيه المحاضر المتعلقة بتجاوز السرعة المرصودة عبر الرادار الثابت من السلطة الحكومية المكلفة بالنقل إلى المحاكم قصد معالجتها واتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها على مستوى النيابة العامة وقضاء الحكم". وسجلت المحاكم، حسب المتحدث نفسه، تصاعد مؤشرات هذه المخالفات، حيث تم تسجيل ما يعادل مليون و445 ألفا و113 مخالفة متعلقة بتجاوز السرعة المسموح بها قانونا، داعيا إلى ضرورة تثبيت رادارات جديدة للتقليص من هذه المؤشرات. واعتبر النباوي أن هذا اليوم الدراسي "سيكون وقفة تأمل أخرى من طرفكم كقضاة وأطر إدارية قانونية وتقنية لتقييم مدى فعالية النظام المعلوماتي للمعالجة ومناقشة مختلف الإشكالات القانونية والتقنية التي تصادفكم في عملكم القضائي والإداري اليومي والحلول التي تقترحونها للخروج بأفكار وتصورات كفيلة بإعطاء فعالية أكثر لهذا النظام وتحقيق الحكامة القضائية في تدبير المحاضر الالكترونية لمخالفات السير و بالتالي المساهمة في الرفع من مؤشرات السلامة الطرقية ببلادنا". وعلى الرغم من نجاعته، عدّد رئيس النيابة العامة مجموعة من الإشكالات التي تشوب النظام الإلكتروني، والتي وقفت عليها رئاسة النيابة العامة في إطار مراقبتها لأعمال النيابة العامة بهذا الشأن، وحاولت تجاوزها، أبرزها عدم تعميم النظام المعلوماتي على جميع المحاكم، إذ يتم إحالة محاضر المخالفات على المحاكم التي يوجد بدائرة نفوذها الرادارات الثابتة مكانيا، مما يجعل النيابات العامة تعرف سيلا من المخالفات التابعة عناوين مرتكبيها للنفوذ الترابي لمحاكم ابتدائية أخرى، مما يتعذر على النيابة العامة تلبية طلبات المخالفين الذين يرغبون في أداء مخالفات ارتكبت في جهات أخرى، بسبب عدم توفر النظام المعلوماتي في محاكمهم، حيث يتراجعون عن إبراء ذممهم لكون تكلفة تنقلهم أحيانا لوجهة الأداء أكبر من مبلغ المخالفة. الإشكال الثاني الذي تطرق إليه عبد النباوي يكمن على مستوى استخلاص الغرامات خارج النظام المعلوماتي، ولتجاوزه "بادرت بعض النيابات العامة بالمحاكم التي لا تتوفر على النظام الإلكتروني إلى استخلاص الغرامات المتعلقة بمخالفات السير التي يتقدم مرتكيبوها للأداء في إطار السند التنفيذي، ويتوصل الأطراف بمحضر إلكتروني، مع احتمال إمكانية إصدار حكم بشأنها رغم أداء المخالف لمبلغ الغرامة في محكمة أخرى. وتحدث عبد النباوي عن إشكال ثالث، ويتجلى في غياب بعض الوظائف التطبيقية في النظام المعلوماتي، حيث "كان النظام المعلوماتي لا يتوفر على بعض الوظائف التطبيقية التي تسمح للنيابات العامة بتفعيل بعض الآليات القانونية في المعالجة القضائية للمحاضر خاصة آلية السند التنفيذي والإحالة للاختصاص في بعض الحالات، وهو ما أثر سلبا على معالجة عدد كبير من المحاضر في هذا الشأن، لهذا تم تحيين النظام المعلوماتي بإدخال خانة خاصة بالسند التنفيذي والإحالة للاختصاص، وبالتالي تحقيق فعالية قضائية ناجعة في معالجة المحاضر". أما الإشكال الرابع، حسب رئيس النيابة العامة، فهو 'إغفال تفعيل بعض الوظائف التطبيقية في النظام المعلوماتي، حيث "لوحظ من خلال تتبع النظام المعلوماتي أن النيابات العامة تغفل تفعيل بعض الوظائف البرمجية المتوفرة في النظام المعلوماتي خاصة الإشعار بصدور مقرر قضائي المنظم بمقتضى المادتين 236 و237 من مدونة السير على الطرق مما كان يعتبر معه تأخرا في معالجة القضايا المعنية لهذا تم تنبيه النيابات العامة إلى هذا الأمر" وحضر اللقاء قضاة ووكلاء عامون للملك من محاكم وهيئات من مختلف المناطق، فضلا عن ممثل وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، وممثل اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، و أطر كل من وزارة العدل وكتابة الدولة المكلفة بالنقل، فضلا عن محامون وحقوقيون ووسائل الإعلام.