مرة أخرى تعود إسبانيا في ظرف لم يتجاوز أربعة أشهر لإعلان حالة طوارئ ثانية جديدة في محاولة لمحاصرة تفشي (كوفيد19)، ووقف انتشار الوباء الذي جعل من الدولة الإيبيرية أول دولة أوروبية تتخطى عتبة المليون حالة إصابة مؤكدة، وبالتالي الأكثر تضررا بهذه الجائحة. وأعلنت الحكومة الإسبانية، أمس الأحد، حالة الطوارئ لمدة أسبوعين (15 يوما)، بنية تمديدها حتى 9 ماي المقبل من أجل وقف الموجة الثانية من الوباء، وكذا لإطلاق يد الجهات التي تتمتع بنظام الحكم الذاتي ذات الاختصاص الحصري في تدبير القطاع الصحي لاعتماد قيود مشددة وتدابير احترازية صارمة من أجل مواجهة المنحى التصاعدي لعدد حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس، الذي تعيش على إيقاعه مختلف المناطق بالبلاد منذ أسابيع. وتعد حالة الطوارئ التي تم الإعلان عنها أمس في إسبانيا، الثانية خلال هذا العام بعد تلك التي تم اعتمادها في 14 مارس الماضي، بهدف احتواء الموجة الأولى من الوباء، والتي استمرت ل 98 يوما حتى 21 يونيو الماضي. وفور اعتماد هذا الإجراء خلال اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء الإسباني برئاسة بيدرو سانشيز رئيس الحكومة، دخلت مقتضياته حيز التنفيذ مساء نفس اليوم ليشكل غطاء قانونيا لحظر التجول الذي تم تفعيله مباشرة من الساعة الحادية عشرة ليلا حتى السادسة صباحا في مجموع التراب الإسباني، باستثناء جزر الكناري حيث لا يزال مؤشر معدل الإصابة بالوباء منخفضا. وينص الدستور الإسباني على أن حالة الطوارئ تمتد لأسبوعين (15 يوما)، لكن تمديدها يحتاج إلى موافقة مجلس النواب، وهو الأمر الذي دفع برئيس الحكومة خلال إعلانه حالة الطوارئ إلى مطالبة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بدعم ومساندة هذا الإجراء الذي تنوي الحكومة تمديده لستة أشهر أخرى حتى 9 ماي المقبل. وقال بيدرو سانشيز إن حظر التجول سيسري مبدئيا بين الحادية عشرة ليلا والسادسة صباحا، مع ترك الخيار لمسؤولي الجهات ال 17 التي تتمتع بنظام الحكم الذاتي لتقديم أو تأخير انطلاقه وانتهائه بساعة بناء على خصوصيات كل جهة، مع تمكينهم من صلاحيات اعتماد وتنفيذ تدابير وإجراءات تقييدية مشددة وإغلاق إما جزئي أو كلي للمناطق والأقاليم التي ترتفع بها مؤشرات الإصابة بالمرض. وأكد سانشيز أن حالة الطوارئ التي تمثل الأداة الأكثر فعالية لعكس منحنى الإصابات "ستكون هذه المرة مختلفة كثيرا عن المرة السابقة حين تم في الربيع الماضي فرض حجر صحي شامل على المواطنين الإسبان"، مشيرا إلى ضرورة أن "نتجنب بأي ثمن فرض حجر صحي وإغلاق شامل جديد بسبب التداعيات الكارثية التي سيخلفها على الحياة الاجتماعية وكذا كلفته الاقتصادية الكبيرة". كما دعا بيدرو سانشيز المواطنين إلى تقليص تواجدهم خارج البيت والالتزام بمقتضيات التدابير والإجراءات التقييدية المفروضة، خاصة خارج ساعات حظر التجول الليلي، "فكلما لزمنا البيوت قدر الإمكان كنا محميين أكثر". وكان الارتفاع المتسارع منذ عدة أسابيع لعدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في إسبانيا قد دفع 11 جهة مستقلة من أصل 17 إلى دعوة الحكومة المركزية إعلان حالة الطوارئ بسبب الزيادة المقلقة في عدد حالات الإصابة بالفيروس، والتي تتجاوز في معظمها معدل ألف حالة إصابة يوميا ما دفع بالحكومة الائتلافية إلى تسريع اعتماد هذه الآلية والمصادقة عليها، حتى تكون غطاء قانونيا وآلية تمكن مسؤولي الجهات المستقلة من تفعيل تدابير وإجراءات تقييدية مشددة لمحاصرة انتقال العدوى. وسيسمح هذا الإجراء بتشديد القيود التي هي مفروضة أصلا بالعديد من الجهات والمناطق، ومن بينها حظر الدخول والخروج من المناطق التي تخضع للإغلاق الكلي أو الجزئي باستثناء التنقلات المبررة بشكل كافي كالذهاب إلى العمل أو الطبيب أو المدرسة وحظر التجمعات، سواء في الأماكن والفضاءات العامة أو الخاصة (المقاهي والمطاعم وأماكن الترفيه) ما بين الساعة 11 ليلا إلى غاية الساعة السادسة صباحا. كما ستمكن مقتضيات حالة الطوارئ من تشديد القيود في حصر حركة تنقل الأشخاص في مختلف المناطق الصحية التي لا تزال تسجل معدلا تراكميا للمرض يصل أو يتجاوز 400 حالة إصابة لكل 100 ألف نسمة، بالإضافة إلى حصر التجمعات في ستة أشخاص وفرض تقليص كبير على الأنشطة الاجتماعية إلى جانب تقليص طاقة الاستقبال في المتاجر الكبرى والمقاهي والمطاعم والمسارح ودور السينما بنسبة ما بين 50 و30 بالمائة، وذلك بهدف وقف انتشار عدوى الوباء. ومباشرة بعد الإعلان عن حالة الطوارئ أكدت الحكومة المحلية لجهة كتالونيا (الجنراليتات)، التي تشهد زيادة مقلقة في عدد حالات الإصابة بالوباء، أنها قامت اعتبارا من ليلة الأحد بتفعيل حظر التجول من الساعة العاشرة مساء حتى الساعة السادسة صباحا مع إغلاق جميع المؤسسات والأماكن المفتوحة للجمهور ابتداء من الساعة التاسعة مساء دون أن تستبعد فرض الحجر الصحي على الساكنة في ظل التطور السلبي للوباء في الجهة التي ارتفع بها مؤشر انتقال العدوى في ظرف 24 ساعة الأخيرة ب 75 نقطة، بعد أن سجلت قبل يوم واحد 4969 حالة إصابة جديدة. وبدورها، أعلنت جهات أخرى من بينها لاريوخا وكاستييا وليون وفالنسيا والأندلس وغيرها من المناطق التي تشهد منحى تصاعديا في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، حظر التجول الليلي مع إعدادها لتدابير احترازية صارمة أخرى أكدت أنها ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من اليوم الاثنين لمواجهة تسارع وارتفاع عدد حالات الإصابة بالمرض. وتأمل السلطات الإسبانية أن يمكن إعلان حالة الطوارئ وما تتضمنه من مقتضيات وقيود وتدابير احترازية صارمة، من عكس منحنى التصعيد وكبح تمدد رقعة انتشار عدوى وباء (كوفيد19) الذي تعيشه البلاد منذ أشهر الصيف وتحديدا منذ نهاية شهر غشت الماضي، وبالتالي الخروج من هذه الأزمة الصحية الخانقة التي كانت لها تداعيات جد خطيرة على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية. يشار إلى أن إسبانيا تجاوزت الأسبوع الماضي حاجز المليون حالة إصابة بالفيروس منذ بدء تفشي الوباء بالبلاد، وحسب آخر حصيلة أعلنت عنها وزارة الصحة الجمعة الماضي، فإن عدد حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس بلغ مليونا و46 ألفا و132 حالة إصابة، بينما تجاوز عدد حالات الوفيات 34 ألف حالة. المصدر: الدار– وم ع