نقلق من بعضنا البعض في المغرب بسبب استهتار الكثيرين بارتداء الكمامات، ويبدو كل واحد فينا مثاليا عندما ينتقد الآخرين، حتى لو كان هذا الشخص المثالي يرتدي نفس الكمامة لمدة شهر، المهم هو ارتداء الكمامة. هكذا صارت الكمامة شبيهة ببطاقة التعريف الوطنية في زمن "لاراف"، أي أنك ملزم بحملها لسبب واحد، وهو أن تقدمها للبوليس دليلا على أنك مواطن صالح ببطاقة هوية واضحة، حتى لو كان سلوكك في الخفاء يشي بأنه بينك وبين الصلاح سوى الخير والإحسان. المشكلة أننا نشترك في هذه السلوكات مع شعوب تبدو أكثر تقدما منا بكثير. فخلال مباراة نهاية "التشامبيونز" بين البايرن وباريس سان جرمان، صدر قرار بإغلاق المقاهي في عدد من المدن المغربية قبل ساعتين من بداية المباراة، حتى لا تتحول المقاهي إلى بؤر، لكن الكثير من المقاهي تحولت إلى ما يشبه نوادي سرية تُدخل زبناءها من الباب الخلفي وتقفل الباب، فكانت بؤرا ما بعدها بؤر. المثير للسخرية أنه بعد نهاية المباراة، تتبعنا الاحتفالات بين أنصار البايرن فنادرا ما وجدنا أحدا يرتدي كمامة، أما التباعد الاجتماعي فاختفى بالمرة، وتصرف الألمان وكأنهم انتصروا على فيروس كورونا وليس على الفريق الباريسي. الفرنسيون بدورهم فعلوا الشيء نفسه وأكثر، لأنهم كانوا في لحظات غضب، وأكبر ضحايا ذلك الغضب هي الكمامات، التي اختفت بالمرة حين كانت بعض عمليات التخريب تجري على قدم وساق في العاصمة الفرنسية باريس. لكن هناك أكثر من السخرية، وهو أن الكثير من المغاربة عندما يرون شعوبا متقدمة تتمرد على الكمامات، فإنهم يعتبرون ذلك تضامنا أمميا ضد إجراءات الطوارئ الصحية، وكثيرا ما يتبادلون الصور والأشرطة عبر وسائط التواصل الاجتماعي كأنهم يقنعون أنفسهم بأن زمن الخوف من الفيروس انتهى. لكن المواطن المغربي، الذي يتباهى بسلوكات يراها بين الأوربيين، ينسى تماما أن الفرنسي أو الألماني حين يمرض بكورونا فإنه سيجد نفسه في مستشفيات خرافية وبتجهيزات تناطح السحاب، لذلك كثيرا ما يتمرد الأوربيون على الكمامة، أما نحن، فينبغي أن "نتمردغ" في الكمامة لسبب بسيط، وهي أننا نعرف جيدا ما ينتظرنا لو مرضنا.. لا قدر الله. أرجو أن تكون الرسالة وصلت..