تعتبر البطالة واحدة من كبريات الإشكاليات التي تؤرق المجتمع المغربي، والتي تتزايد نسبها سنويا بالرغم من توالي المجهودات التي تسطرها الحكومات المتعاقبة، غير أن ارتفاع نسب الاحتجاج على الشح الذي يصفه حاملي الشهادات العليا بالمهول في مناصب الشغل، يكاد يكون العامل الرئيسي في تأجيج النقاش وإزهاق أرواح تذهب نتيجة الاحتجاج الذي يتخذ أشكالا متعددة، والتي تصل في بعض الأحيان إلى إحراق الذات والانتحار بطرق مختلفة. أحمد السيد: البطالة إشكالة عالمية يقول أحمد السيد الباحث في العلوم السياسية في تصريح خاص ل"الدار"، إن البطالة تعد من أهم الانشغالات الكبرى بالنسبة لجميع الدول على حد سواء، المتقدمة منها والتي تسير في ركب التقدم، وبخصوص التجربة المغربية ومن خلال البرامج الحكومية السابقة والحالية، يتضح أنها لم تعطي أهمية خاصة لموضوع التشغيل، ولم تعتبر محاربة البطالة واحدة من الأولويات الأساسية، بل تم وضعها إلى جانب الانشغالات الأخرى من قبيل التعليم والصحة واستقلالية القضاء، الأمر الذي تكون له مجموعة من الانعكاسات السلبية على قطاع التشغيل. وأضاف السيد أن الحكومة الحالية تتعامل مع موضوع التشغيل ومحاربة البطالة بشكل ملحق، خصوصا وأن الحكومة الإسلامية تريد أن تحقق جميع الأهداف المسطرة في البرامج الحكومية، غير أن النتيجة تظل عصية عن التحقيق بالنظر لغياب الرؤية من البداية.
"القطاع الخاص الحلقة الأضعف في التجربة المغربية" وبخصوص ارتفاع نسب البطالة في صفوف ذوي الاحتياجات الخاصة والمكفوفين، يقول أحمد السيد أن الحكومة لم تتمكن من تطوير القطاع الخاص حتى يتمكن من استيعاب الطاقات العليا التي تعاني من الحيف والتهميش، ومن هذا المنطلق أكد أن الحكومة لا تكتفي بالتهرب والتملص من المقتصيات القانونية في هذا الشق إنما تتجاوزه إلى التحايل عليها، الأمر الذي يزيد الوضع تعقيدا ويكون سببا كافيا في انتشار السخط العارم في صفوف العاطلين. وشدد الباحث قي العلوم السياسية على ضرورة الرفع من الإجراءات القانونية التميزية ذات الطابع الإيجابي من أجل تمكين هذه الفئات الشابة، والطاقات المؤهلة من التمتع بحقوقهم كاملة دون حيف أوتهميش.
رشيد الأزرق: البطالة مشكل بنيوي من جهته قال رشيد الأزرق الأستاذ الباحث في العلوم السياسية ل"الدار"، أن التشغيل ومحاربة البطالة، يعتبر مشكلا بنيويا، الأمر الذي يستلزم تبني نموذج تنموييتلاءم مع التكوينات الموجودة في الجامعات المغربية بدل الحلول الترقيعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وشدد على أن الحكومة مدعوة لإنزال ورش تعليمي يتوافق مع الاحتياجات المتوفرة في سوق الشغل، في أفق الاستجابة للحاجيات المطروحة في النموذح الاقتصادي بسوق الشغل في المغرب، موضحا أن التحدي الأكبر الذي يحول دون استيعاب الطاقات المؤهلة جميعها في سوق الشغل هو غياب التناغم والترابط بين التكوين والحاجيات المطروحة "فالتعليم يصب في واد وسوق الشغل في واد آخر، ومن ثم ليس هناك رابط بين المجالين"، الأمر الذي يستدعي حل هذه الإشكالية بدل الاستمرار في تقديم الحلول الترقيعية على حد تعبيره.
الوردي: العولمة زادت من حدة البطالة من جهته، قال العباس الوردي، الباحث في العلوم السياسية في تصريح ل"الدار"، إن البطالة تعتبر ظاهرة عالمية، لأن العالم بأسره يعاني منها خصوصا مع التقدم الهائل الذي حققته العولمة التي أدت إلى الاستغناء عن اليد العاملة التي أصبح اللجوء إليها ملحقا وليس من الأولويات الأساسية. وأشار المتحدث إلى أن الحكومات السابقة والحالية قامت ببذل مجموعة من المجهودات في سبيل حل الإشكالية الراهنة، غير أن هذه المجهودات تظل في جميع الحالات غير تامة أو مجدية لأنها لم تف بالغرض المطلوب، موضحا أن المغرب يعتبر ورشا مفتوحا حيث تسعى كل الطاقات المؤهلة خصوصا الشابة منها إلى الظفر بمناصب شغل، وهذا الأمر ليس مستحيلا خصوصا وأنه تحقق في العديد من الدول المتقدمة، التي اعتمدت على تطوير القطاع الخاص للحصول على فرص الشغل بدءا من الانفتاح على مجالات التكوين التي تستجيب للاحتياجات المطروحة في سوق الشغل.