قبل أيام عدت في ساعة متأخر من الدارالبيضا في إطار رحلات الشقاء التي تطوح بي بين المدن. طرأت لي فكرة قراءة صحف الصباح في المساء. ذهبت إلى حيث كان يفترش" محمد خيا"صحفه أمام مكتب الخطوط الملكية المغربية في شارع محمد الخامس بالرباط. لم أجد "خيا" ..ولم اعرف أخباره. ترى أين توارى .. ذلك الرجل كان علامة مضيئة وذاكرة مكان. قبل سنوات كان جميع الصحافيين في الرباط وقراء الصحف في الأمسيات والليالي يعرفون " محمد خيا " الذي إعتاد أن يقتات من الأزمات والأحداث وأسوأ أيامه هي الأمسيات الماطرة…وهي أمسيات ينتظرها كل الناس في المغرب ..هذه الأيام بلهفة. عرف "محمد خيا" كثيرين خاصة أعضاء الأحزاب والنقابات والجمعيات والمثقفون والكتاب والقراء الذين يتمشون أحيانا في شوارع العاصمة ليلاً. لا يوجد صحافي لا يعرفه لكن قلة قليلة تعرف أسمه أو بعض تفاصيل حياته. كان يبدأ عمله يومياً عصراً ويعود إلى منزله فجراً. يتجمع حوله كثيرون. قراء صحف. فضوليون يقرأون مجاناً أو يكتفون بقراءة العناوين. صحافيون يبحثون عن معلومات حول أرقام توزيع صحفهم. باعة متجولون. نساء ورجال. مسؤولون كبار وقادة سياسيون يأتون بسياراتهم لشراء الصحف. كان "خيا " يأخذ.حصته من الصحف من شركة التوزيع و كانت تتراوح ما بين عشر نسخ إلى 300 نسخة من كل الصحف اليومية المغربية إضافة للمجلات. كان زمان القراءة ورواج الصحف. يا له من زمان . غدا أواصل مع "محمد خيا"