عكست المشاركة النوعية لدولة الإمارات العربية المتحدة في الدورة الخمسين من المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، قناعات بأن الإمارات ترى في هذا المنتدى للنخب الاقتصادية والسياسية العالمية، شريكا استراتيجيا يعزز قوة حضورها الدولي من موقع الريادة، ويلائم رؤاها الاستراتيجية لصناعة المستقبل. وجاء في تقرير لوكالة الأنباء الإماراتية "وام" أنّ مشاركة الإمارات في دافوس 2020، جمعت بين رفعة مستوى الوفد الذي ترأسه الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وبين خصوصية وتنوّع المشاركة في الجلسات الرئيسية التي جرى فيها الوقوف على تفاصيل التجربة التنموية الإماراتية التي أدرجها منتدى دافوس بتقريره عن التنافسية العالمية لعام 2019، في المرتبة الأولى عربيا والخامسة والعشرين عالميا ضمن 141 دولة. وفي سياق تبادل الرؤى والأفكار في صناعة المستقبل مع أوسع شريحة من الشركاء العالميين، عقد الشيخ خالد بن محمد بن زايد على هامش مشاركته في أعمال النسخة الخمسين من منتدى دافوس اجتماعات ثنائية مع عدد من المسؤولين في عدة دول بهدف بحث سبل التعاون الاستراتيجي في مجالات الاقتصاد والذكاء الاصطناعي وبناء القدرات. والتقى مع ثارمان شانموجاراتنام، الوزير المنسق للسياسات الاجتماعية السنغافوري، لبحث سبل تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية ذات الاهتمام المشترك. كما بحث خلال لقائه بكاي فو لي، الرئيس التنفيذي لسينوفيشن فينشرز، مستجدات استخدامات الذكاء الاصطناعي ودوره في التحول التكنولوجي والتنمية الاقتصادية، فضلا عن أهمية صقل قدرات الجيل القادم وتزويده بالمهارات اللاّزمة لمتطلبات المستقبل، عبر دمج التكنولوجيا في المنظومة التعليمية، الأمر الذي يشكل محورا أساسيا من محاور استشراف المستقبل في دولة الإمارات التي أسست جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في أبوظبي، أول جامعة على مستوى العالم للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي. والتقى الشيخ خالد أيضا مع كيفن سنيدر، الرئيس العالمي لمجموعة ماكينزي للاستشارات، لبحث التطورات التكنولوجية التي باتت تقود التغييرات الدائمة على مستوى المؤسسات والحكومات، وتعمل كذلك على خلق المزيد من الفرص للأجيال القادمة، وتؤدي دورا مهما في دعم وتنمية المواهب. وتحتلّ الإمارات المرتبة الثانية بعد الصين في نسبة نمو المشاركة بفعاليات منتدى دافوس خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية. وفي ذلك إشارة إلى أن القضايا الرئيسية التي تعالجها هذه المنصة التي تجمع قادة القطاعين العام والخاص في العالم، تقع في صلب النموذج الإماراتي وما يواجهه العالم من تحديات في ريادة الأعمال والاقتصاد والبيئة والثورة الصناعية الرابعة والسياسات الحكومية. وترتبط الإمارات مع منتدى دافوس بعقد شراكة استراتيجية كان تأسس بموجبه "مركز الإمارات للثورة الصناعية الرابعة بالشراكة مع مؤسسة دبي المستقبل". ويتمثل الهدف المراد تحقيقه من هذه العلاقة التعاقدية المتكافئة، تحويل دولة الإمارات إلى مختبر مفتوح لتطبيقات وتكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة. وعلى هذه الأرضية استضافت الإمارات مجالس الأجندة العالمية التي تحولت إلى مجالس المستقبل العالمية والتي جرى الاتفاق على استضافتها أيضا خلال السنوات الخمس المقبلة. وقد ارتقت الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي باتفاقية أطلقت مبادرة "تقليص فجوة مهارات المستقبل"، بهدف إيجاد آليات للتعامل مع المتغيرات العالمية في سوق العمل نتيجة التحولات التكنولوجية المتسارعة والثورة الصناعية الرابعة. وشكلت الدورة الأخيرة لمنتدى دافوس التي عقدت تحت شعار "الشركاء من أجل عالم متلاحم ومستدام"، نقلة نوعية في العلاقات الاستراتيجية تمثلت بامتياز أن تنظم الإمارات جلسة حوارية خاصة بها بعنوان "الريادة في الاستعداد للمستقبل والحوكمة"، وهو مجال حققت فيه دولة الإمارات صدارة تنافسية منحتها موثوقية الريادة.وخلال هذه الجلسة الحوارية التي التقى فيها خمسون من القادة العالميين في القطاعين العام والخاص مع نخب الأكاديميين، عرضت الإمارات ما تم إنجازه في الجهود المشتركة لتبني ملف استشراف المستقبل الذي أضحت فيه الإمارات نموذجا رائدا على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهناك خصوصية أخرى حظيت بها الإمارات في المنتدى الاقتصادي العالمي، وهي إشراكها كدولة مؤسسة في الخطة الجديدة التي يطرحها دافوس لتزويد مليار إنسان بمهارات جديدة أكثر ملاءمة لسوق العمل وتأهيلهم لشغل وظائف خلال الأعوام العشرة القادمة. ومن شأن المشاركة في تأسيس ودعم هذه المبادرة التنموية أن تعزز صورة الإمارات كقوة تحريك إيجابي في مشاريع التشغيل على المستويين العربي والدولي، وهو المبدأ الإنساني الذي تعتمده الدولة وتستمّده من موروث مؤسس دولة الإمارات الحديثة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي يعلي من المسؤوليات العربية والعالمية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتشغيلية التي تستهدف معالجة ظواهر البطالة والفقر. وتتوازى مجالات ومحاور النقاش في الدورة الأخيرة للمنتدى الاقتصادي العالمي، وهي الاقتصاد والبيئة والتكنولوجيا والمجتمع والصناعة والإدارة الحكومية مع برنامج دولة الإمارات لعام 2020، عام الاستعداد للخمسين، في التجهيز لأجندة النصف الثاني من مئوية الدولة وهو ما أسبغ على المشاركة الإماراتية في منتدى دافوس هذا المستوى الرفيع من المشاركة ومن كفاءة تقديم الصورة الحقيقية للإمارات كقوة إقليمية ناعمة قادرة على الفعل والتأثير عالميا. المصدر: الدار– وكالات