تحتفل مملكة البحرين بأعيادها الوطنية التي تتصادف غداً الأحد وبعد غد الاثنين، إحياء لذكرى قيام المملكة الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح في العام 1783. وافتتح عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى قبل أيام، دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي النواب والشورى، بعد أن أنجز المجلسان آلاف المشاريع التي صبّت في مصلحة الوطن والمواطن، ما بين إقرار القوانين والمقترحات برغبة وتوجيه الأسئلة وغيرها من أدوات برلمانية، أتاحها لها المشروع الإصلاحي لكي تتمّكن من أداء دورها كاملاً دون نقصان. ودعم دور الانعقاد الأول، التعديلات الدستورية التي تمّ إقرارها عام 2012، والتي ضخت روحاً جديدة في المسيرة الديمقراطية الزاهرة، في ظل الدعم اللا متناهي الذي تقدمه القيادة الحكيمة والحكومة للسلطة التشريعية والتعاون المستمر بين السلطتين. وشهدت البحرين في عهد الملك حمد بن عيسى منذ العام 2001 وحتى الآن، إنجازات حضارية كبرى، ومتنوعة، تمثل دعامة أساسية لكل مشاريع التطور والنهضة في المملكة على مختلف المستويات، لا سيما على صعيد الإصلاحات السياسية والديمقراطية وصون حقوق الإنسان، ومجالات التنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة وتقدم دور المرأة البحرينية، آخرها فوز النائبة فوزية زينل برئاسة البرلمان، في سابقة بحرينية كبرى. وتتجه البحرين وفق خطط استراتيجية مدروسة، تمتد للمستقبل بعيد الأمد من خلال «رؤية البحرين 2030»، التي تضع توجهات ورؤى البحرين التنموية للمستقبل وفق خطة محكمة واستناداً إلى العدالة والتنافسية، وتحقيق أكبر قدر من التنمية المتوافقة مع ما تشهده البلاد من تجربة ديمقراطية رائدة تعزّز من خلالها مناخ الحرية والانفتاح، والتطور والمواطنة وحقوق الإنسان. حيث ازداد فيها نطاق التقدّم والإصلاحات إلى ما وراء حدود التوقع. ويمثل العيد الوطني لمملكة البحرين، فرصة للاحتفال بهذه الإنجازات العظيمة وتجديد العزم على مواصلتها وحماية المكتسبات التي تحققت والتي بوأت المملكة لأن تكون في مصاف الممالك الدستورية الزاهرة حول العالم. وأنجزت مملكة البحرين الكثير من القفزات في جميع المجالات، على هدي من مشروع الإصلاح الوطني الشامل، إذ إنّ الديمقراطية البحرينية والتي تأسّست وترسخت كنموذج وطني يستمد جذوره من الأرض التي نبت فيها، تواصل بنجاح مسيرتها المباركة وقد صارت أكثر نضجاً ووعياً والتزاماً. تدعيم علاقات وفي مجال السياسة الخارجية، وفي إطار سياستها الراسخة بتدعيم أواصر التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، ضمن أطر رئيسية أهمها حسن الجوار، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، تمكنت مملكة البحرين من تعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والإسلامية، بما يخدم المصالح المشتركة لهذه الدول ويدافع عن قضاياها، وانتهاج سياسة عدم الانحياز. وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة، ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية. وتنشط هذه السياسة من خلال عدد من الدوائر تبدأ بالدائرة الخليجية، فالعربية والإسلامية والدولية. ولعل النجاح الذي حققته القمة الخليجية التي عقدت في الرياض قبل أيام، دليل كاف على الدور المحوري الذي باتت تلعبه مملكة البحرين في الشؤون الخليجية والعربية والدولية، إذ استطاعت تعزيز المكانة الدولية للمملكة، وبسياسية خارجية ناضجة تقوم على تكثيف اللقاءات والاتصالات والزيارات مع دول العالم، سواء على المستوى الثنائي أو الجماعي. ويبرز الحضور البحريني في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، والدفاع عن القضايا الوطنية والخليجية والعربية والإسلامية، وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية، إذ استطاعت الدبلوماسية البحرينية تحقيق اختراقين في غاية الأهمية، أولهما تعزيز الصورة الصحيحة لمملكة البحرين كبلد للتعايش والتسامح ونبذ العنف، وثانيهما الدعم الخليجي والعربي والإسلامي والدولي لمملكة البحرين، في مواجهة التدخلات الخارجية التي لا تتوقف من قبل إيران. تعزيز أمن وفي المجال الأمني، تعزز الأمن والاستقرار في جميع ربوع المملكة، بفضل جهود أبنائها من منتسبي الوزارات والهيئات الأمنية، إذ وبفضل الاكتشاف المسبق للمخططات الإرهابية الممولة من الخارج، ومخابئ الأسلحة والمواد التي يعدها المخربون، عمّ الأمن ربوع الوطن وعادت مملكة البحرين كما كانت واحة للأمن والأمان في المنطقة. واستمرت مملكة البحرين في دعم أجهزتها الأمنية للقيام بدورها، من خلال إمدادها بأحدث التقنيات المتطورة والتدريب المستمر، وإيفاد البعثات وتنفيذ التمرينات الأمنية مع الدول الشقيقة والصديقة، من أجل تبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات والجريمة. وكان من أبرز هذه التمرينات تمرين أمن الخليج العربي 1، والذي حقّق نجاحاً باهراً، ومثّل نقلة نوعية للتعاون الأمني بين دول الخليج العربية. خطط رائدة وواصلت المملكة تنمية الإنسان، باعتبار المواطن أولوية وطنية قصوى وهدف التنمية الأول وغايتها، عبر اعتماد خطط تنموية رائدة تضمنت مشروعات وبرامج هادفة في جميع المجالات «الصحة والتعليم والعمل وغيرها»، وهو ما أكد عليه تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأممالمتحدة، الذي صنف المملكة ضمن مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة في دليل التنمية البشرية. وأبرز التقرير التطور التنموي الكبير الذي شهدته المملكة في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. ووفقاً للمؤشرات فقد ارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي وانخفضت معدلات الفقر إلى أدنى مستوياتها، كما انخفض معدل البطالة بين الشباب إلى نسب هي الأدنى في العالم، فيما ارتفع معدل محو الأمية للبالغين من الجنسين. وارتفعت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي، وتحسن المستوى الصحي بها، وشهدت الدولة إنجازات كبيرة في مجال الإسكان الذي يقع في مقدمة خطط الأعمال والبرامج التنموية، وذلك لأنه يمثل ملفاً حيوياً ورئيسياً ضمن مساعي البحرين لتوفير سبل الاستقرار والأمن الاجتماعي للمواطن، لتقترب المملكة من تحقيق مشروع الملك الطموح ببناء 40 ألف وحدة سكنية تغطي الحاجات الإسكانية للبحرينيين. تنمية مستدامة وفي المجال الاقتصادي، تواصل المملكة جهودها من أجل إحداث تنمية اقتصادية مستدامة وجذب الاستثمارات العالمية، وحافظت المملكة على المرونة الاقتصادية، فيما لا تزال رائدة في المنطقة في الحرية الاقتصادية، كما أنها أصبحت مركزاً مالياً للنشاط الاقتصادي الحيوي، في ظل تحقيق التجارة والاستثمار مستويات عالية والمدعومة ببيئة تنظيمية تنافسية وكفاءة، على الرغم من البيئة الخارجية والداخلية الصعبة. وتشجع مملكة البحرين الاستثمار في قطاعات غير الطاقة، مثل: التمويل والبناء لتقليل الاعتماد على تراجع احتياطيات النفط وأسعاره، وأصبحت البحرين مركزاً إقليمياً للكثير من الشركات متعددة الجنسيات التي تقوم بأعمال تجارية في المنطقة، كما تمتاز البحرين ببيئة اتصالات حديثة وبنية تحتية للنقل والمواصلات. وتملك مملكة البحرين تشريعات عديدة محفزة للاستثمار، منها قوانين الشفافية ومكافحة الفساد وتسهيل منح التراخيص وغيرها، كما قامت المملكة بتعزيز البنية التحتية لكي يتاح للمستثمر من داخل وخارج البحرين البيئة اللازمة للاستثمار، وتوفير عمالة ماهرة ومدربة، وعقد اتفاقيات جديدة مع العديد من دول العالم تتيح فرصاً استثمارية أكبر. قصص نجاح إن ما حققته مملكة البحرين على الصعيد الداخلي، هو قصة نجاح تروى، ودروس للأجيال القادمة في العزم والمثابرة لبلوغ الأهداف الوطنية والقومية. ولعل هناك قصة نجاح أخرى هي نجاح مملكة البحرين في توصيل رسالة المحبة والخير إلى جميع أرجاء العالم، إذ ساهمت المملكة رغم محدودية الموارد في دعم الجهود الإغاثية والإنسانية في مختلف الدول المنكوبة والمتضررة ومساعدة اللاجئين الذين شردتهم الحروب والظروف الطبيعية. ولم تقتصر مساعدات البحرين على المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية فقط، بل قامت بإنشاء المشاريع التنموية من مدارس ومستشفيات وسكن وتوفير مياه شرب صالحة وغيرها، حسب الحاجة الملحة لكل الشعوب، لتسهم هذه المشاريع في بناء الإنسان وإعادة إعمار الوطن مع مراعاة ظروف المتضررين والتعامل معهم بأعلى درجة من الاحترام والكرامة الإنسانية.