التقت أحزاب ايرلندا الشمالية المتنازعة الاثنين على أمل احياء حكومة تقاسم السلطة في المقاطعة بعد ثلاث سنوات من انهيارها، وذلك بعد أن مهدت الانتخابات العامة الأخيرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. والمقاطعة المضطربة سياسيا واجتماعياً بدون إدارة منذ كانون الثاني/يناير 2017. وانهارت إدارة تقاسم السلطة بين الحزب الديموقراطي الوحدوي الموالي لبريطانيا والجمهوريين الايرلنديين اليساريين (شين فين) بعد انهيار الثقة اثر فضيحة اساءة انفاق. لكن خروج المملكة المتحدة الوشيك من الاتحاد الأوروبي أعطى الأطراف زخما جديدا لإيجاد أرضية مشتركة. أعادت الانتخابات العامة التي جرت الخميس حزب المحافظين إلى السلطة بأغلبية في البرلمان، ما يمهد الطريق أمام المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/يناير. وكانت تأثيرات بريكست على ايرلندا الشمالية وحدودها مع الجمهورية الإيرلندية، العضو في الاتحاد الأوروبي، الجزء الأكثر إثارة للجدل في عملية بريكست. ومن شأن اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي تم بين لندن وبروكسل أن يشهد خروج أيرلندا الشمالية عن خط بريطانيا باحتفاظها ببعض قوانين الاتحاد الأوروبي، شرط موافقة مجلس إيرلندا الشمالية التي تجري كل أربع سنوات. وقالت ماري لو ماكدونالد رئيسة حزب "شين فين" لإذاعة بي بي سي "لقد غيرت الانتخابات الأمور بشكل كبير للغاية". وجردت الانتخابات البريطانية التي جرت في 2017 رئيسة الوزراء آنذاك تيريزا ماي من أغلبيتها في البرلمان البريطاني، ما أجبرها على التحالف مع الحزب الديموقراطي الوحدوي. وكان لهذا الحزب نفوذ كبير في لندن اثناء المفاوضات المكثفة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. إلا أن الحزب خسر هذا الدور في انتخابات الخميس التي حقق فيها رئيس الوزراء بوريس جونسون غالبية. وأضافت ماكدونالد "آمل الآن أن يعود الاهتمام إلى الوطن". وتابعت "الحقيقة أن الحكومة البريطانية تدرك أهمية استعادة الحكومة في الشمال كأولوية مهمة، وآمل أن تصدق في ذلك". اتفق بعض المحللين على أن نتائج انتخابات الخميس قد تغير ديناميكية السلطة في المفاوضات بشأن تشكيل إدارة جديدة في بلفاست. وصرح جيمي باو المحاضر السياسي بجامعة كوينز في بلفاست لوكالة فرانس برس "الحسابات الجديدة في وستمنستر ستمنح الحزب الديموقراطي الوحدوي حافزا أكبر بكثير للتوصل الى اتفاق مع شين فين". وتعود ايرلندا الشمالية ب18 نائبا في البرلمان البريطاني المؤلف من 650 مقعدا، وخسر الحزب الديموقراطي الوحدوي مقعدين (من 10 إلى 8) الخميس. وفاز شين فين بسبعة مقاعد في تلك الانتخابات، ولكنه لن يشغلها لأنه لا يعترف بسلطة البرلمان البريطاني على ايرلندا الشمالية. لكن كلا الحزبين الرئيسيين قلصا حصتهما من الأصوات بشكل عام مع اكتساب حركات أكثر اعتدالا مزيدا من الشعبية وذلك في انعكاس واضح للإحباط بسبب توقف محادثات الإدارة الإقليمية. وقد يبدأ الجمود بين الحزبين الرئيسيين في التقلص لأنهما يشعران بالقلق من تكبد خسائر في انتخابات مجلس إيرلندا الشمالية التي تلوح في الأفق. ووعد وزير أيرلندا الشمالية في بريطانيا بالدعوة إلى انتخابات إقليمية جديدة إذا لم تتم استعادة السلطة التنفيذية بحلول 13 كانون الثاني/يناير. ويدير أيرلندا الشمالية موظفون مدنيون منذ ثلاث سنوات، في غياب مسؤول تنفيذي. وقال ارلين فوستر زعيم الحزب الوحدوي الديموقراطي لاذاعة بي بي سي "آمل أن يكون التغيير قريبا". وأضاف "سأحضر إلى الطاولة بطريقة تسمح لنا بإبرام صفقة متوازنة ومتناسبة، تمثل حقيقة أن هناك مجتمعات مقسمة في أيرلندا الشمالية وأن جميع تلك المجتمعات يجب أن يكون لها مكان". المصدر: الدار أ ف ب