عن "دار الآداب" اللبنانية صدرت مؤخراً في بيروت المجموعة الشِّعرية الخامسة للشَّاعر المصري "عماد فؤاد" تحت عنوان "عشر طرق للتَّنكيل بجثَّة"، في 191 صفحة من القطع المتوسط، تضمُّ المجموعة الشعرية الجديدة 62 قصيدة تتراوح بين الطول والقصر، موزَّعة على ثلاثة أبواب رئيسية هي: "الجنازات العشر للفقيدة محبَّة"، "ستَّة أقدام تحت الأرض"، و"شاهد قبر". أصدر "عماد فؤاد" من قبل أربع مجموعات شعرية بين القاهرةوبيروت، بدأت في العام (1998) بمجموعته الأولى "أشباحٌ جرَّحتها الإضاءة"، والتي صدرت ضمن سلسلة ديوان "الكتابة الأخرى" في القاهرة، أتبعها ب: "تقاعد زير نساء عجوز"، دار شرقيات، القاهرة (2002)، "بكدمة زرقاء من عضَّة النَّدم"، دار شرقيات، القاهرة (2005)، "حرير"، دار النَّهضة العربية، بيروت (2007)، كما أصدر "عماد فؤاد" مختارات لقصيدة النَّثر المصرية تحت عنوان "رعاة ظلال.. حارسو عزلات أيضًا" ضمن مشروع أنطولوجيات عربية الذي تبنته "جمعية البيت للثقافة والفنون" بالجزائر (2007). من أجواء المجموعة الجديدة ل"عماد فؤاد" نقرأ: ها هنا رجلٌ ها هنا رجلٌ يحملُ جاروفًا ويحفرُ الأرضَ، فيُخرجُ الجذورَ والعظامَ والمفاصلَ المهترئةَ والخطواتِ ودودَ الأرضِ، يحفرُ فيصطدمُ سكّينُ جاروفِه بقطعِ حجارةٍ مسنَّنةٍ وورق شجرٍ معطَّنٍ وأغصانٍ ناشفةٍ وشظايا زجاجٍ وأغطيةِ معلَّباتٍ وأعقابِ سجائرَ، يعرقُ فتسقطُ قطراتُ عرقه فوق ساعديه فلا يشعرُ ولا ينتبهُ، لكنَّه يضربُ بسكِّينِ جاروفِه حتى يكملَ مستطيلًا يكفي لإدخالِ الجسدِ المُسَجَّى خلفَه، ملفوفًا في ملاءاتٍ بيضاءَ، وحين يلتفتُ لا يعثُرُ على الجسد ولا على الملاءاتِ ولا على المستطيلِ ولا على الأغصانِ ولا على قدميه.. الرَّجل الذي كان ها هنا.. صارَ تحت عينَي الصَّقر الذي يحوِّمُ الآن بجناحيه في الأعالي مستطيلًا محفورًا في الأرض ينظرُ الصَّقر فيقول في نفسه: هذا قبر حيّ يسيرُ على قدمين وما من شاهدٍ واحد يدلُّ العابرينَ الطَّارئين إليه. طاعة محجَّبةٌ كلَّما ضربَها هواءُ الصُّبحِ تكورتْ حبَّتا كرزٍ صغيرتانِ تحت سوتيانها الرَّقيقِ كأنَّ حبيبها البعيد همَّ بمدِّ أصابعه النَّحيلةِ أو حتّى اكتفى بالنَّظرْ. رَعشة أمتعُ من صيدِ السَّمكةِ رعشتُها وهْي تخرجُ من المياهِ لتلمعَ تحتَ شمسِ النَّهارِ الرّعشةُ التي كنتُ أقبضُ بقوَّةٍ على غابِ صنَّارتِي كي تصِلَنِي كاملةً غيرَ منقوصةٍ ولا أفقدُ منها شيءْ الرّعشةُ التي علَّمتني معنى أن أكونَ قنّاصًا ومعنى أن أكونَ مرغمًا على القنصِ الرّعشةُ التي عشت عمري أطاردُها مذ كنتُ صبيًّا صغيرًا أذهبُ كلَّ ظهيرةٍ مع خالي إلى ضفَّةِ النَّهرِ كي نجلبَ غداءَ عائلةٍ كاملةٍ من الجوعى. أرملة الواقفةُ الآن تتأمَّل فراشَها بذراعين مغروستين في الخاصرة البيضاءُ كالثَّلجِ، الطَّويلةُ، النَّحيفةُ التي عادت للتوِّ أرملةً من المقبرةْ تقفُ كلبوةٍ على مشطيْ قدميها كأنَّها تهمُّ بالدِّفاعِ عن صغارِها بعد أربعين سنةً ستتمكَّنُ أخيرًا من قلب المَرْتَبةِ على ظهرها حربُها الطويلةُ الخاسرةْ تُحْسَمُ الآن بضربةِ حظٍّ على الأقلِّ.. ستكون رقدته للمرَّةِ الأولى تحتها! ======================== لمزيد من المعلومات: http://www.adabmag.com/ http://www.emadfouad.com/