كان يطوف في شوارع القرية بعد كل صلاة مرددا هذا الذكر: باب يفتح على السماء، هو باب الله. باب يفتح على البحر، هو باب النار. باب يفتح على الخير، هو باب الدولار. باب يفتح على الحزن، هو باب الأحياء. باب يفتح على الشرق، هو باب السعادة. باب يفتح على الغرب، هو باب الموت. باب يفتح على الدنيا هو باب العذاب. وأنا واقف في مفترق... الأبواب. ولا باب يفتح على... قلبي. سألت عنه من يكون ، فقيل لي : هذا مجنون القرية ، لا تقترب منه فقد يؤذيك . ولكنني لم استمع لنصحهم وتحذيرهم ... أمسكت بالرجل من الخلف من تلابيبه الرثة ، ومشيت معه ، أردد ذكره ، وأزيد ... الصندوق طوابير طويلة واقفة أمام الباب منذ الصباح الباكر تتدافع بالمرافق والمناكب و يتصايح أصحابها و كأنهم في يوم الحشر. ثم يدخلون الواحد وراء الآخر إلى قاعة فسيحة ملأى بالرجال المهمين. يختارون أوراقا حمراء وصفراء وبيضاء وخضراء وزرقاء وبرتقالية وبنفسجية ووردية ويمرون من أمام صندوق من البلور الشفاف، فيضعون الأوراق في قلبه ويخرجون من باب القاعة وهم ينظرون إلى القفل الأصفر الذي يغلق فم الصندوق على قوس قزح. في المساء يرفع الصندوق كالعريس على الأكتاف ، ويفتح القفل لعد الأوراق. والغريب في الأمر أن الرجال المهمين المكلفين بفرز الأوراق لا تتعبهم العملية ، فينجزون المهمة بيسر وسرعة لأن قوس قزح صار ذا لون واحد ...لون رمادي كئيب... ================ إبراهيم درغوثي