التأرجح بين الولاء والخضوع بقليل من التمعن في المشهد الثقافي في المغرب بآلياته ومؤسساته الثقافية بمختلف مواقعها التي لم تؤد أدوارا حقيقية ، يمكن التوقف على اختلالات عديدة تحول دون خلق المؤسسة الجديرة بهذا الاسم كاشتغال وتصور محيط وفعال ؛ في أفق خلق الاعتبار كممارسة يومية وتقليد وليس كشعار للاستهلاك. المشهد الثقافي في المغرب يحمل اكراهاته المبطنة ،يتم الحديث عنها بمقدار وبكيفية مقنعة . وفي الحاصل والمتحصل تبقى الأسئلة عالقة أمام صد وتبعية ملونة . مع هذه الوضعية المركبة ، تتخذ المؤسسات الثقافية كعربات للدفع أو مطايا..الشيء الذي خلق ازدواجيات واختراقات ضمن ظرف تاريخي مشحون يجعل الكتابة والأدب أمام تحدي البقاء والوجود. وكلما طرحت هذه الوضعية للتشخيص، ينطرح معها المشهد كشتات يحيا على فساد يتلون ، بتلون الفصول في غياب أشكال من النقد والإنصات وتبادل الفعالية برؤى وملامح واضحة ؛ قصد السعي لتدبير ثقافي يتجاوز الذوات والازدواجيات وخلل ترتيب البيوت..وهلم شرا . نفتح هذا الملف عبر حلقات ضمن" المنعطف الثقافي " ، لتلمس ما تحت الحناجر، والإصغاء لصوت الكاتب المغربي ، لتقديم توصيفه للمشهد الثقافي في المغرب بين الاختلالات واجتراح الأفق. الملف من إعداد : عبد الغني فوزي القاص والباحث حميد ركاطة التأرجح بين الولاء والخضوع هل يمكن الحديث اليوم عن مشهد ثقافي مغربي دون أن يتبادر إلى الذهن عمق اختلالاته ؟، وهل ما تعرفه الساحة اليوم من تصدع وانقسامات ألا يحيل على جبل ثلج يكسوه مناخ موبوء يزيد من تعميق الهوة ويسيء إلى ثقافة البلد بالدرجة الأولى؟ إنه لمن الطرافة التشدق بوجود مشهد ثقافي مؤطر، فالهيئات الثقافية " الرسمية " أو شبه الرسمية ظلت تتأرجح بين الولاء والخضوع لهيمنة العشيرة ومنطق القبيلة، مما حول الأداء المؤسساتي يتخبط خبط عشوائيا ، وقد تسربت إليه هو الآخر حمى الانقسامات التي تعرفها العديد من الجمعيات ذات النفع العام "كاتحاد كتاب المغرب/ بيت الشعر / وغير من البيوت الواهنة ، وهو أمر انعكس على بقية الفروع في مختلف أرجاء المملكة بسبب ضعف في التأطير وخبو في الإشعاع . وضع بقدر ما يحز في النفس يحيل على انهيار أمجاد ماضية . في حين نلمس استثناء في بعض الهوامش من خلال جمعيات أضحت اليوم ثمل المغرب الثقافي بإشعاعها المنتشر خارج الوطن وبإمكانيات محدودة بل أحيانا هزيلة جدا بالمقارنة مع ما يصرف من اعتمادات تمول أنشطة لا ينتشر إشعاعها في نفس المدينة أو حتى جهات أخرى قريبة منها . فالثقافة في المغرب تعرف حالات من الاستنزاف ، والمثقف الحر يعيش حالة اغتراب وتدمير للذات لكون منطق العبث والسريالية هو المهيمن على أداء كثير من "الفقاعات والنكرات" هي تمارس حيادها الكريه متعمدة منطق اللامبالاة مكرسة وضعا ملغوما ومهزوزا سمة بارزة لمرحلة تعمها الفوضى الصاخبة (معارض ممركزة في الحواضر الكبرى / مهرجانات لا تمثل إلا أصحابها بتكررها ورداءة أعمال ( فنية)"تمرر بالقوة وهي تهدر ملايين الدراهم المستخلصة من ضرائب الشعب ، وندوات وعروض يتعمد حرمان سكان المغرب غير النافع من إشعاعها . لقد تحول دور المثقف وحاد عن مساره الطبيعي والحقيقي بحمله لمعول الهدم عوض قلم للكتابة والتعبير عن الرأي للإجهاز على ما تبقى من مكتسبات ناضل سابقوه واستشهدوا من أجل انتزاعها ، ما يكشف بجلاء عن هدر همجي خطير وكأننا لا نسعى سوى لإجهاز على ما تبقى من رصيد وهو ما يبرر عمق الخلل البارز كالجرح المثخن والغائر مكرسا استمرار النظرة الدونية إلى المثقف والثقافة ككل. إن غياب مفهوم الدخول الثقافي الواضح المعالم في المغرب كما هو الأمر في باقي الدول التي لها راهنت على الثقافة كرافعة للتنمية سيجعلنا دوما نرتجل ونختزل الأدوار بل تقزيمها لنمارس منطق الإقصاء الفظيع ؛ بل لنعمل جادين على تكريسه في غياب الالتفات الحقيقي لهذا الكائن المترسخ الجذور والامتدادات . ولن يتأتى ذلك في نظرنا المتواضع دون العمل على تحفيز ودعم المثقف ولماله الرمزي من خلال دعم أنشطة الجمعيات بعد إرساء ديمقراطية ثقافية جهوية بعد وضع ميثاق وطني للثقافة المغربية بدعامات وأسس ومرتكزات تنشد أهدافا متفق عليها ، مع توفير إعلام مكتوب ومسموع راصد ومتتبع للشأن الثقافي غير الرسمي . وهو أمر لن يتأتى دون اعتماد حكامة ثقافية داخل جغرافية جهوية لها خصوصياتها المحلية المميزة وهويتها المغربية الخاصة. للمشاركة في الملف : هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته