تستعد البرتغال لاستضافة المربع الذهبي للنسخة الأولى من دوري الأمم الأوروبية اعتبارا من الأربعاء وهي بهالة مختلفة تماما عما كان عليه الوضع عندما استضافت البطولة الكبرى الأخيرة على أرضها، نهائيات كأس أوروبا 2004. تلتقي البرتغال الأربعاء مع سويسرا في المباراة الأولى من الدور نصف النهائي للبطولة القارية التي استحدثت من أجل أن تحل بدلا من المباريات الودية، وفي صفوفها لاعب متوج بلقب أفضل لاعب في العالم خمس مرات وبلقب دوري أبطال أوروبا خمس مرات أيضا بشخص قائدها كريستيانو رونالدو.
كان لاعب يوفنتوس الإيطالي الحالي وريال مدريد الإسباني السابق شابا يافعا عندما استضافت بلاده نهائيات كأس أوروبا 2004 التي وصلت فيها الى المباراة النهائية قبل أن تسقط في المتر الأخير أمام اليونان، مفرطة بفرصة إحرازها اللقب الأول لها إن كان على الصعيد القاري أو العالمي.
لكن البرتغاليين تخلصوا أخيرا من عقدة البطولات الكبرى بتتويجهم أبطالا للقارة العجوز عام 2016 بفوزهم في نهائي كأس أوروبا على فرنسا المضيفة التي توجت بعدها بعامين في مونديال روسيا بلقبها العالمي الثاني.
وتدين البرتغال بالتخلص من هذه العقدة الى مدربها فرناندو سانتوس الذي رأى أنه "خلال الأعوام العشرين الأخيرة، شاركت البرتغال على الدوام في البطولات الدولية، ومنذ أن توليت المهمة عام 2014 وصلنا الى الأدوار النهائية لهذه البطولات. هذا الأمر يقول الكثير عن قيمة اللاعبين والمدربين البرتغاليين، لكن أيضا عن العمل الذي قام به الاتحاد (البرتغالي لكرة القدم)".
من البديهي أن وجود نجم عالمي مثل رونالدو تسبب بتغيير عقلية كرة القدم البرتغالية التي لم تعد تخفي طموحاتها، والى جانب الكرات الذهبية الخمس التي نالها "سي آر 7"، شهدت البرتغال ولادة أفضل لاعبين في العالم في كرة الصالات (ريكاردينو) وفي كرة القدم الشاطئية (مادير).
من المستحيل أيضا أن يتم تجاهل هالة وتأثير "المدرب المميز" جوزيه مورينيو الذي ترك أثرا واضحا في كرة الأندية الأوروبية، ماحيا بذلك الصورة النمطية للمدربين البرتغاليين الذين لطالما كانوا مهمشين ومبعدين عن الأندية الأوروبية الكبرى.
وهناك ايضا شخص برتغالي فاعل ومؤثر جدا على صعيد الأندية الأوروبية، وهو "الوكيل السوبر" جورج منديش الذي يعتبر أهم وكيل لاعبين في العالم.
بالنسبة للاختصاصي في التسويق الرياضي دانيال سا فإنه "بفضل المكانة التي يتمتع بها كريستيانو رونالدو وجوزيه مورينيو وجورج منديش وكثيرون آخرون، نلنا حق استضافة (المربع الذهبي) دوري الأمم الأوروبية وأصبحنا دولة مرجعية في العالم في ما يخص كرة القدم".
وبعد أن تأهلت الى المربع الذهبي بتصدرها مجموعتها في المستوى الأول أمام إيطاليا وبولندا، تأمل البرتغال تخطي سويسرا الأربعاء على "إستاديو دي دراغاو" في بورتو من أجل أن تحظى بفرصة أن تكون أول من يرفع كأس دوري الأمم الأوروبية الأحد بمواجهة الفائز من مباراة الخميس بين هولندا المتجددة وإنكلترا الطامحة الى البناء على مركزها الرابع في مونديال روسيا 2018.
بالنسبة لرئيس الاتحاد البرتغالي بين 1996 و2011 جيلبرتو ماداييل فإن "كأس أوروبا 2004 أعطت دفعة قوية لكرة القدم عندنا"، مضيفا لوكالة فرانس برس "منذ حينها، ركزنا بشكل خاص على التدريب الممتاز للاعبينا ومدربينا. اليوم، يعمل الاتحاد بشكل ملفت جدا على تعزيز ذلك".
ويقر فرناندو سانتوس أيضا بالعمل "الممتاز" الذي طورته الأندية من ناحية التدريب، موضحا "في السابق، أنشأت ثلاثة أو أربعة أندية فقط مراكز تدريب، واليوم إنها موجودة عند الجميع"، ما عزز العوامل التي جعلت من البرتغال "مرجعية عالمية في كرة القدم".
لكن ليست كل الأمور وردية، فنتائج نهائيات كأس أوروبا 2004 لم تشمل ثمارها الإيجابية الجميع في ما يتعلق بالمنشآت والملاعب التي تم تحديثها أو شيدت من الصفر لاستضافة النهائيات القارية.
باستثناء الأندية الثلاثة الكبرى بنفيكا وبورتو وسبورتينغ التي "استفادت الى أقصى حد من ملاعبها الجديدة لتحسين +تجربة المتفرج+ والاستفادة من عائدات شباك التذاكر" بحسب دانيال سا، فإن تبعات الاستثمار كانت ثقيلة جدا بالنسبة للأندية الأخرى مثل فارو وليريا وأفييرو، و"وسطية" بالنسبة لأندية مثل غيمارايش وبراغا وبوافيستا.
وعلى الرغم من الوضع الجيد للمنتخب الوطني على صعيد البطولات الدولية والقارية، والنجوم الذين يتألقون مع الأندية الأوروبية الكبرى، فإن وضع الأندية البرتغالية ليس في أفضل حالاته واللقب الأخير من أصل أربعة توجت بها في دوري أبطال أوروبا، يعود الى عام 2004 حين أحرزه بورتو بقيادة مورينيو.
وتبذل الأندية "الثلاثة الكبرى" الكثير من الطاقة في قتالها الداخلي، متغذية في الغالب بالجدل الدائر حول التحكيم أو القضايا القضائية العديدة التي تتعلق بها، والتي تجعلها بعيدة كل البعد عن "الاتحاد المقدس" الذي يصاحب عادة استضافة أي بلد لبطولة دولية كبرى.