يسلط قرار وزارة التجارة الأمريكية، إدراج عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي، على قائمة الشركات التي تمارس أنشطة تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة، الضوء مجددا على نجاح الشركة الصينية في التقنيات التي غيّرت أنماط الحياة البشرية. خلال السنوات الأخيرة، ازدادت حصة هواوي في سوق الهواتف الذكية العالمي بشكل كبير، كما طورت الشركة تقنية الجيل الخامس "5G"، التي من شأنها أن تشكل ثورة في عالم الاتصالات.
تتهم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شركة هواوي بانتهاك العقوبات التجارية المفروضة على إيران، والسعي للسيطرة تقنيات الشركات الأمريكية وملكياتها الفكرية، وهو ما تنفيه الشركة الصينية، وترى أن هدف الولاياتالمتحدة هو عرقلة ووقف صعودها.
أمّا الحكومة الصينية التي تجري مفاوضات تجارية مع الولاياتالمتحدة، فأعلنت أنها ستدافع عن هواوي أمام الاتهامات الموجهة ضدها.
صدارة المنافسة على 5G
تأسست هواوي عام 1987 في مدينة شنجن على يد الضابط السابق في الجيش الصيني، رن تشنغ فاي، وتركز على توفير البنية التحتية للمعلومات والاتصالات والأجهزة الذكية، وتعد رائدة في هذا المجال على مستوى العالم.
تستمر الشركة الصينية في السيطرة على نصيب شركة أبل الأمريكية في مبيعات الهواتف الذكية، وباتت في مقدمة السباق العالمي في شبكات الجيل الخامس (5G) والتي ستنقل قطاع الاتصالات إلى مستويات أعلى.
وأعلنت إدارة ترامب، فرض عقوبات على شركات الاتصالات الصينية، ومنع الشركات الأمريكية من استخدام المعدات التي تصنعها الشركات الصينية، وتنتظر من حلفائها إبداء نفس الموقف حيال هذه القضية التي تعتبرها "مسألة أمن قومي خطيرة".
ومن اللافت، أن الولاياتالمتحدة تعتبر قفزة الصين في التكنولوجيا المتطورة مثل (5G)، بمثابة "تهديد وجودي" ضدها.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن بلاده حققت تقدما في إقناع الاتحاد الأوروبي بمخاطر استخدام تكنولوجيا "هواوي"، وستواصل دفعهم في هذا الاتجاه.
وحذر بومبيو من أن بلاده لن تكون شريكا أو تتبادل المعلومات، مع الدول التي تتبنى نظام "هواوي تكنولوجيز".
وفرضت أستراليا واليابان وتايوان، قيودا على استخدام تقنيات هواوي، لكن ألمانيا وفرنسا وحكومات أخرى ترفض مطالب الولاياتالمتحدة، باستبعادها من شبكات الجيل الخامس.
تفوقت على أبل
بلغت مبيعات هواوي من الهواتف الذكية، خلال الربع الأول 2019 نحو 59.1 مليون جهاز، لتتفوق على أبل الأمريكية بأكثر من 17 مليون هاتف.
وزادت الشركة الصينية نصيبها من المبيعات على مستوى العالم بنسبة 50 بالمئة مقارنة بالربع الأول من العام الماضي، وتصل إلى 17 بالمئة.
وتراجعت مبيعات أبل من الهواتف الذكية خلال الفترة المذكورة، بنسبة 20 بالمئة لتصل إلى 42 مليون، ويتراجع بذلك نصيبها في السوق من 14 إلى 12 بالمئة.
أمّا شركة شاومي الصينية، فحافظت على نصيبها البالغ 8 بالمئة، بعد أن باعت 27.8 ملايين هاتف ذكي في الربع الأول 2019، في حين زادت شركة أوبو نصيبها من 7 إلى 8 بالمئة ببيعها 26.5 ملايين هاتف.
جوجل ومايكروسوفت
ازدادت مبيعات هواوي العام الماضي بنسبة 20 بالمئة مقارنة مع 2017 لتصل إلى 107 مليارات دولار، بعد أن كانت 12 مليار دولار في 2008، وبذلك انتقلت إلى مصاف شركتي جوجل ومايكروسوفت الأمريكيتين للتكنولوجيا.
وتسعى هواوي لأن تكون "أكبر منتج للهواتف الذكية في العالم"، وباتت تهدد مكانة أبل الرائدة في تحديد الترند في الهواتف، وقد جذب Huawei Mate 20 Pro اهتماما كبيرا من المشترين بفضل جودته وخاصية التمرير البصري فيه.
مؤسس الشركة رن تشنغ فاي، قال في حوار مع صحيفة هاندلسبلات الألمانية في 21 أبريل/ نيسان الماضي، إن الولاياتالمتحدة تعتبر تقنية (5G) كسلاح استراتيجي، وقنبلة نووية، ولكن الأمر ليس كذلك، وأن الولاياتالمتحدة لا تريد أن يتفوق عليها أحد.
وفي هذا الصدد يقول الأكاديمي في جامعة كوتش التركية، ألطاي أطلي، في حديث للأناضول، إن تكنولوجيا (5G) باتت اليوم في مركز التنافس بين الولاياتالمتحدة التي تعد القوة الأكبر للنظام العالمي، والصين التي تمثل القوة الصاعدة.
وأشار أطلي إلى احتمال أن تتحول القضية هذه إلى حرب تكنولوجية باردة، بقطب مزدوج، في حال إصرار الولاياتالمتحدة وحلفائها على وضع الصين خارج سباق (5G)، وأن هذا الأمر سيضع دولا ثالثة في موقف صعب.
وفيما يتعلق بإمكانية ممارسة الولاياتالمتحدةالأمريكية الضغوط على تركيا بشأن منتجات هواوي، قال الأكاديمي التركي، إنه احتمال ضعيف، وأنه حتى وإن مارست ذلك فإنها ستكون بدون تأثير.
واعتبر أن الولاياتالمتحدة تمارس الضغط على تركيا في قضية الأنظمة الصاروخية بذريعة عضوية الناتو، ولكن الأمر هنا لا يتعلق بهاجس أمني جماعي، وإنما يتعلق بتعامل تركيا مع شركة اتصالات دولة ثالثة.
ولفت إلى أن تركيا حققت فائدة هامة للغاية من خلال تعاونها مع شركة هواوي الصينية التي تنشط في تركيا منذ 2002، في مجالات متنوعة تساهم في تطوير قدرات البلاد من الناحية التكنولوجية..