حاول ماركوس بيرغ التركيز في مذكراته "وصف الاستعباد في مملكة فاس" على وصف مشاهد التعذيب والقتل في قصر السلطان والتي بحسب شهادته يشرف عليها مولاي عبد الله بنفسه، ويقول واصفا بعضها،"إن المرء يعجز عن وصف القسوة التي يعامل بها السلطان المسيحيين والمغاربة على حد سواء..فلا يذهب بغضبه إلا والدم يسيل ممن يقع بين يديه أو يسومه شر عذاب وشر تنكيل". أمر السلطان بحلق رؤوس الأسرى وقلع كل من طال شعره بأصبع باستثناء اللحية التي ألزموا بالكف عنها وتركها تطول، واعتبرها الكاتب من أشد المحن التي واجهوها في بداية مقامهم في فاس.
اقرأ أيضا : يوم أعدم السلطان مواطنا مغربيا جريمته أنه أطلق ريحا
كان السلطان يصيح بقواده كلما تكدّر مزاجه: "اضرب النصراني"، فيهجمون على الأسرى وينكّلون بهم بعصي غليظة ولا يكفون عنهم إلى أن يأذن الليل.
ويصف الأسير السويدي أول ما رآه من قسوة السلطان، قائلا: "في ذلك اليوم أمر بجلد 3 من قوادنا السود إلى أن نزفت دماؤهم مدرارا...وأمر أن ينبطحوا أرضا ثم أمر آخرين بضربهم بعصي غليظة، إلى أن يأذن لهم بالتوقف. ثم عاد بعد بضعة أيام يوقع التنكيل نفسه بجميع قوادنا، وما زال بكبيرهم حتى هشّم رأسه وكسر ساقيه، فكان فيه هلاكه".
اقرأ أيضا: سلطان المغرب يهرب من خيمته عاريا خوفا من "زلزال عظيم"
ويُعتقد أن السلطان كان يجد متعته في القسوة التي تطبع سلوكه، حيث يحكي شاهدنا هنا عن بعض المشاهد التي صورتها عيناه واحتفظت بها ذاكرته خلال الأشهر الأولى من سنة 1755 م، ويحكي عن حال مولاي عبد الله في هذه الفترة أنه: "صار يسوم ضباطه من القهر والتنكيل بأكثر مما يسومنا نحن معشر المسيحيين. فقد يتفق أن يشبعهم ضربا حتى لنظن أنهم هالكون لا محالة. وقد يحلو له أن يأمرهم فتراهم يعضّون بعضهم كأنهم كلاب مسعورة".
اقرأ أيضا: سلطان المغرب للمسيحيين: هشّموا رؤوس المغاربة واسجنوا اليهود منهم
وأبلغ من ذلك أن تراهم "إذ يأمرهم السلطان فيهجمون على بعضهم وهم عراة كما ولدتهم أمّهاتهم وفي هياج يحكون به كلابا مسعورة، ينتزعون لحم بعضهم إربا إربا"، هكذا يصف ماركوس بيرغ أبشع ما رأته عيناه.