تشهد العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا تطورا متواصلا بشكل ملموس من سنة إلى أخرى ، مما يعكس عمق العلاقات التي تجمع بين البلدين والآفاق الواعدة لمواصلة تطوير هذا التعاون المثمر. وبفضل القرب الجغرافي بين البلدين، واستقرار أكثر من 1000 شركة إسبانية في المغرب، ووجود جالية مغربية كبيرة في إسبانيا ودينامية التدفقات التجارية الثنائية، فان العلاقات الاقتصادية بين البلدين الجارين المتوسطين تعرف أزهى مراحلها.
والدليل على ذلك هو حفاظ اسبانيا على تصنيفها سنة 2018 باعتبارها المورد والزبون الأول للمغرب للعام السادس على التوالي وتوطيد التقارب الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وذلك بفضل علاقاتهما الجيدة على الصعيد السياسي و الدبلوماسي.
وقالت السيدة هدى بنغازي، مديرة المجلس الاقتصادي المغربي- الإسباني إنه في عام 2018 ، كانت إسبانيا الشريك التجاري الأول للمملكة للسنة السادسة على التوالي ، سواء على مستوى الصادرات والواردات، مع تدفقات تجارية تجاوزت 12 مليار يورو.
وأشارت السيدة بنغازي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إلى أن المبادلات التجارية بين البلدين تضاعفت في السنوات الست الماضية ، مسجلة معدلات نمو تجاوزت 10 في المائة سنويا منذ عام 2011.
ولفتت إلى أن الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا مكنت من الحفاظ على دينامية المبادلات التجارية والانخراط في مشاريع تنموية مشتركة ذات قيمة مضافة عالية وتحقيق ميزان تجاري قريب من التوازن بين البلدين، مما يمثل تقدما هاما ، متوقعة أن تتضاعف هذه المبادلات خلال السنوات القليلة القادمة ، وذلك بفضل نمو التدفقات التجارية الثنائية.
وتابعت أن " العلاقات التجارية المغربية - الإسبانية هي على نحو متزايد مثال على التوازن والتكامل. حيث ارتفع معدل تغطية الواردات من الصادرات إلى أكثر من 170 في المائة لصالح إسبانيا عام 2012 وإلى 122 في المائة في عام 2016 ، مما يؤكد التقدم المحرز نحو تطوير المبادلات التجارية من خلال الاستفادة من مزايا كل بلد وتعزيز القدرة التنافسية وخلق الثروة في كلا الاقتصادين.
وسجلت أن المغرب يعد حاليا أكبر شريك تجاري لإسبانيا في القارة الأفريقية وثاني أكبر شريك في العالم خارج الاتحاد الأوروبي ، مشيرة إلى أن المملكة تعتبر أيضا البلد الإفريقي حيث تستثمر الشركات الإسبانية أكثر من غيرها ، مع أكثر من ثلث الاستثمارات الأجنبية المباشرة للبلد الأيبيري في إفريقيا.
وتتركز هذه الاستثمارات بشكل رئيسي في قطاعات الخدمات والعقار والنقل والسياحة ، حيث يوفر المغرب العديد من فرص الاستثمار في الصناعات الموجهة للتصدير ، ولكن أيضا في الطاقات المتجددة وصناعة معالجة المياه.
وأضافت " لقد تمكنت الشركات المغربية من تطوير تجربة مهمة في إفريقيا ، والتي قد تكون مفيدة جدا لنظرائها الأسبان الذين يريدون إنجاح ولوجهم السوق الإفريقية".
وقالت المتحدثة أن المغرب يمكن من جانبه الاعتماد على دعم اسبانيا لتحقيق طموحه لولوج الأسواق الصاعدة الجديدة، بما في ذلك في أمريكا اللاتينية، مؤكدة على التزام مؤسستها بدعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين في السنوات القادمة.
وبخصوص آفاق العلاقات الاقتصادية، هناك فرص هامة لتعزيز الشراكة بين المغرب واسبانيا والعديد من المشاريع الهيكلية التي تم إطلاقها في المملكة يمكن أن تثير اهتمام المستثمرين الإسبان، خصوصا في القطاعات الواعدة للطاقات المتجددة، وخدمات الهندسة والسيارات والسياحة.
لقد مكنت دينامية التعاون الاقتصادي الإسباني المغربي البلدين الجارين من أن يصبحا شريكين تجاريين وماليين مهمين.
ومن المنتظر أن تتعزز هذه الشراكة الاستراتيجية أكثر في السنوات القادمة ، بفضل الرغبة المشتركة للبلدين في تطوير علاقات اقتصادية قائمة على اندماج فعال في سلسلة القيم الشاملة في قطاعات التنمية الاقتصادية بالنسبة لكلا البلدين ولضفتي البحر الأبيض المتوسط.