تناولت صحف ومواقع إسرائيلية وأجنبية تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، مشيرة إلى أنها لم تعد تحظى بالإجماع داخل إسرائيل، في ظل تصاعد التحذيرات من مخاطر استمرارها على الإسرائيليين أنفسهم.
وأكدت تقارير أن تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس باحتلال غزة يهدف للضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في حين حذّر كتاب إسرائيليون من أن المجتمع بات مهووسا بالانتقام، مما يضع مستقبل الإسرائيليين في خطر.
ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن تهديد كاتس باجتياح غزة ليس سوى وسيلة ضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن، وذكرت أن إسرائيل استخدمت أساليب ضغط متزايدة، من بينها منع دخول المساعدات وقطع الكهرباء عن القطاع، لكن محللين أمنيين إسرائيليين يرون أن هذا التهديد تكتيكي، وليس بالضرورة مقدمة لعملية عسكرية واسعة.
أما صحيفة "لوموند" الفرنسية، فقد نقلت عن كاتب إسرائيلي تحذيره من أن المجتمع الإسرائيلي بات مهووسا بالانتقام، مشددا على أن استئناف الحرب يعني تهديدا مباشرا لحياة الرهائن.
واعتبر الكاتب أن مستقبل الإسرائيليين مرتبط بوقف الحرب وتمكين الفلسطينيين من استعادة حياتهم الطبيعية، محذرا من أن استمرار القتال سيضع الجيل القادم من الإسرائيليين في خطر، إذ إن "النار التي تشعلها إسرائيل ستعود لتحرقها"، وفق تعبيره.
بدورها، انتقدت صحيفة "الغارديان" البريطانية، موقف المجتمع الدولي من الحرب، متسائلة عن أسباب "التسامح مع الفظائع التي تُرتكب في غزة".
وأكدت الصحيفة أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تسببت في سقوط أعداد كبيرة من المدنيين، محملة الدول الغربية -بما فيها بريطانيا- مسؤولية التواطؤ في استمرار الحرب، ومشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات لوقف التصعيد ووقف المأساة الإنسانية في القطاع.
وتناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد الأزمة السياسية والقضائية في إسرائيل، وسط تحذيرات من انزلاق البلاد نحو مواجهة داخلية قد تصل إلى حد الحرب الأهلية، مع تصاعد الصدام بين الحكومة والمؤسسات القضائية.
واعتبر محللون أن المواجهة الحاسمة ستدور حول قرار المحكمة العليا بشأن إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، مما يزيد من حالة الانقسام داخل إسرائيل.
وأصدرت القاضية غيلا شتاينتس أمرا مؤقتا بتجميد قرار الإقالة حتى النظر في الطعون المقدمة ضدها، في خطوة وصفتها القناة ال13 الإسرائيلية بأنها "دراما قضائية" قد تعمّق الأزمة.
وفي ظل هذا المشهد المتأزم، حذّر رئيس المحكمة العليا السابق، أهارون براك، من خطورة الأوضاع، قائلا للقناة ال12 الإسرائيلية: "نحن قريبون جدا من الحرب الأهلية، وربما من الحرب الثامنة لدولة إسرائيل.. التصعيد في الشارع ينذر بعنف متزايد، واليوم تم دهس أحد المتظاهرين، وغدا قد يكون هناك إطلاق نار، وإذا لم يتم التوصل إلى تسوية، فإننا سنصل إلى الهاوية".
من جانبه، أشار عاموس يلدين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، إلى أن الانقسامات الداخلية قد تضعف قدرة إسرائيل على مواجهة التهديدات الخارجية، قائلا: "بعد السابع من أكتوبر كنا في حالة اكتئاب، لكن هناك من يعيش نشوة سياسية اليوم، ويعتقد أن وضعه مستقر (في إشارة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو)، إلا أن ذلك قد يقود إلى انقسام حاد يضر بالأمن القومي الإسرائيلي".
من جهتها، أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى أن الحرب لم توحد الإسرائيليين كما كان الحال في بدايتها، بل عززت الانقسامات الداخلية، خاصة مع استمرار القتال.
وأوضحت الصحيفة أن الوحدة التي شهدتها إسرائيل في أعقاب هجوم حماس تلاشت بشكل كبير، حيث تواجه الحكومة تحديات كبيرة في الحفاظ على دعم الرأي العام للحرب، رغم تفوقها العسكري.
بدورها، رأت صحيفة "هآرتس" أن نتنياهو يواصل سياسته التي تزعزع أسس الديمقراطية في إسرائيل، مشيرة إلى أنه ينشر الفوضى في الداخل بدافع الخوف من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو يسعى لإرضاء ترامب، لأنه يدرك أن الأخير يحتقر القادة الضعفاء، ولذلك يحاول إثبات قوته عبر التصعيد العسكري والسياسي.