قال الخبير في مجال البيئة والتنمية المستدامة أحمد صدقي، إنه "رغم التساقطات المطرية الأخيرة التي أنعشت ولو نسبيا حقينة السدود والفرشاة المائية فلا ينبغي أن يعطينا ذلك الانطباع بأننا تجاوزنا مرحلة الخصاص والندرة المائية، ونرتمي من جديد في أحضان سلوكات الإسراف وتبديد الماء ونجهز بسرعة على ما تحقق الأسابيع الأخيرة". واعتبر صدقي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "لا ضمانات في المستقبل خصوصا وأننا نعيش زمن التغيرات والمخاطر المناخية والظواهر القصوى وإرهاصاتها الفعلية والجدية والموسومة باللايقين بشأن الأمن المائي وتوفير الحاجيات المائية الضرورية".
وتابع أن "الأجدر أن الذي عشناه طيلة السنوات الأخيرة، ينبغي أن يجعلنا كأفراد ومؤسسات أكثر احتياطا وانتباها وأكثر توخيا للحذر في التعامل والتعاطي مع الموضوع المائي".
ودعا صدقي، إلى القطع مع الممارسات والأنماط الفلاحية والزراعية المبددة لهذا المورد الحيوي خصوصا من خلال البرامج التي اتضح أنها لا تأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى بفعل طغيان هاجس الربح ولو على حساب استنزاف هذه الثروة الوطنية باعتماد خيارات إنتاج موجهة للتصدير ولا تضمن لنا الاكتفاء الذاتي الوطني ولا حتى مستوى أسعار يناسب قدرة عموم المواطنين.
وبعد أن أكد صدقى، على ضرورة التفكير في خيارات استثمار هذه الكمية من المياه التي وفرتها التساقطات المطرية الأخيرة، أبرز أهمية الاستمرار في مشاريع إحداث السدود بمختلف أحجامها منها السدود الكبرى، مستدركا: رغم أن هذا الخيار أصبح محدود الأثر من خلال ما أثبتته نسب الملء الأخيرة حيث لم تتمكن هذه المنشآت من تجاوز 30 في المائة كنسبة امتلاء إجمالية.
واقترح الخبير في مجال البيئة والتنمية المستدامة، التركيز أكثر على بنيات السدود الصغرى والتلية التي يمكن أن تكون واعدة أكثر في المستقبل لكونها ستغطي مجالا أوسع وتمكن من تعبئة مياه تضيع في مجالات لا تغطيها السدود الكبرى.
كما دعا إلى تحفيز أساليب أخرى منها بالخصوص تقنيات جمع مياه الأمطار بتهييء البرك والأحواض الجوفية والسطحية خصوصا في الأراضي الزراعية أو حتى على مستوى البيوت والمساكن، مضيفا أنه "يمكن أن يأخذ ذلك زخما أكبر بنشر ثقافته ودعمه وتعميم النماذج الناجحة".
وأردف أن "هذا الخيار سيمكن من تعبئة كميات هامة من المياه حين يكون مفتوحا أمام العموم، ويمكن في نفس الوقت من إشراك الجميع في جهود تعبئة المياه مما سيكون له أثر فعلي على الاقتصاد في هذه المادة لكون الخواص والأفراد يميلون إلى المحافظة والاقتصاد في الموارد كلما كانت الآلية المعتمدة تعود إليهم مباشرة"،دون "أن ننسى المضي في الخيارات غير التقليدية خصوصا منها الخاصة بتحليل مياه البحر"، يقول صدقي.