لم يمض سوى أسبوعين على تفكيك المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، خلية حد السوالم التي تشكلت من الأشقاء الثلاثة، حتى تم في الساعات الأولى من يومه الأربعاء 19 فبراير الجاري، إحباط مشروع إرهابي قبل لحظة الصفر تحمله خلية إرهابية متطرفة خطيرة بتكليف وتحريض مباشر من قيادي بارز في تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل الإفريقي. وأسفرت العملية الاستباقية التي نفذتها الأجهزة الأمنية المغربية بشكل متزامن في 9 مدن مغربية، عن توقيف 12 مشتبه فيهم، انخرطوا في التخطيط للمس الخطير بالنظام العام، حسب بلاغ للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، بعدما بايعوا تنظيم "داعش" الإرهابي، وشرعوا في الإعداد والتنسيق لتنفيذ مخطط دموي بالغ الخطورة، يشمل إضرام الحرائق واختطاف رجال الأمن وتفجير منشآت.
وفي أعقاب عمليات التدخل التي مكنت من تحييد الخطر وتوقيف المشتبه فيهم، باشر عمداء وضباط المكتب المركزي للأبحاث القضائية عمليات التفتيش في منازل أعضاء هذه الخلية الإرهابية، يوضح بلاغ المكتب المركزي، حيث تم العثور على أجسام ناسفة في طور التركيب، وهي عبارة عن أربع قنينات غاز معدلة تحتوي على مسامير ومواد كيميائية وموصولة بأنابيب وأسلاك كهربائية متصلة جميعها بأجهزة هواتف محمولة قصد التفجير عن بعد.
كما حجزت الأجهزة الأمنية عبوة مشبوهة، عبارة عن طنجرة ضغط، تحتوي على مسامير ومواد كميائية تدخل في صناعة المتفجرات، إضافة إلى عدد كبير من الأسلحة البيضاء من مختلف الأحجام، ومبلغ مالي بالدولار الأمريكي، وأكياس عديدة تضم مواد كيميائية مشبوهة، منظار للرؤية عن بعد، ومجسمين لأسلحة نارية مقلدة، ودعامات رقمية وأجهزة إلكترونية، وقناع حاجب للمعطيات التشخيصية، ورسم حائطي يتضمن شعار تنظيم "داعش"، ثم مخطوطات ورقية تحتوي على رصد دقيق لبعض المواقع والمنشآت المستهدفة.
ويؤشر توالي تفكيك الخلايا الإرهابية بالمغربي، حسب تقديرات الخبير الأمني المغربي محمد أكضيض، على أن المملكة مهددة باستمرار في أمنها واستقرارها ولحمتها الوطنية وليست في مأمن عن خطر التهديد الإرهابي مادام أنه لم يتم القضاء على التطرف وعلى الخلايا الإرهابية المتمركزة في الساحل وفي جنوب الصحراء، مؤكدا في حديث مع "الأيام 24" أن الأجهزة الأمنية المغربية يقظة وترصدها الدائم والمتواصل ناجع ويجنب البلاد حمام دم.
وفي حديثه عن خصائص الخلية التي تم تفكيكها في مدن العيون والدار البيضاء وفاس وتاونات وطنجة وأزمور وجرسيف وولاد تايمة وتامسنا، سجل أكضيض أنها تعتبر من بين أكبر الخلايا التي نجح المغرب في إفشال مخططاتها، وتوقف عند الفئة العمرية الهشة اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا التي ينتمي إليها أفرادها، (ما بين 18 و40 سنة)، مشيرا إلى أنها كانت تهيئ لإحداث تفجيرات مروعة في نطاق عملها الإرهابي، وقدّمت الولاء لقيادة "داعش"، لافتا إلى تغيير ملاحظ على هذا المستوى، يتمثل في تحول قواعد الإرهاب إلى منطقة الساحل والصحراء، على عكس ما كان عليه الوضع في السابق عندما كان الولاء يقدم للتنظيمات الإرهابية في أفغانستان والعراق وسوريا.
ولم يستبعد الإطار الأمني السابق عينه أن تكون خلية ال"12 فردا"، قد وزعت الأدوار في ما بينها وانقسمت إلى مجموعات لتنفيذ مخططاتها الدموية بشكل متفرق ومتزامن، مبرزا أنه يتبين من المحجوزات التي تم ضبطها وهي عبارة عن مواد شديدة الانفجار بالاعتماد على مواد محلية، أن الهدف هو إحداث تفجيرات كبيرة جدا، باستغلال الظرف الذي يمر منه المغرب.
وشدد أكضيض على أن الإرهاب يتربص بالمملكة المغربية بشكل قوي، وأكد أن الخلايا الإرهابية تحاول باستمرار اقتناص الفرص واستغلال المناخ الذي يمر منه المغرب، غير أن التخطيط عادة ما يكون خاطئا، وهو ما يثبت يقظة الاستخبارات المغربية وجاهزية المكتب المركزي للأبحاث القضائية مهما كانت الظروف والتحولات.