تأكد رسميا، انخراط موريتانيا في مبادرة ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي بعدما وقع برلمانها إلى جانب نظرائه فى الدول الإفريقية على إعلان الرباط الصادر في ختام أشغال اجتماع رؤساء برلمانات الدول الأفريقية الأطلسية، بمبادرة من الملك محمد السادس، الرامية لتحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي، والازدهار الاجتماعي، والجاذبية الاستثمارية الدولية.
وكشف رئيس البرلمان الموريتاني محمد ولد مكت، متحدثا فى اجتماع رؤساء برلمانات الدول الإفريقية المطلة على الساحل الأطلسي ، بالرباط، أن برلمانات الدول الإفريقية المطلة على الساحل الأطلسي بإمكانها -بحكم الشرعية التي منحتها شعوب المنطقة- أن تعمل على توحيد الجهود الإقليمية وتعزيز المبادرات المشتركة حتى تجعل من هذا الفضاء الساحلي واحة حقيقية للتعاون والسلم والاستقرار.
وأكد رئيس البرلمان الموريتاني، أن بإمكان البرلمانات الأطلسية أن تتابع مدى التزام الحكومات بتنفيذ المشاريع والمبادرات الإقليمية المتعلقة بالسلام والتنمية، مشيرا إلى إمكانية عمل البرلمانات على بناء الثقة بين الحكومات وشعوبها من خلال تعزيز جهود الشفافية والسهر على مراقبة دقيقة لمشاريع التنمية والتعاون الإقليمي ومكافحة الفساد.
وأشار إلى أن برلمانات الدول الإفريقية الأطلسية لديها مسؤولية تاريخية في قيادة شعوبها نحو مستقبل أكثر إشراقا، مردفا: "لن يتم ذلك إلا بتضافر الجهود البرلمانية وفتح فضاءات للحوار بين المشرعين وتبادل التجارب والخبرات".
ودعا ولد مكت، فى ختام خطابه إلى بناء مستقبل مشترك يعزز تنميتنا ويجعل من الساحل الأطلسي فضاءً للسلم والأمن والاستقرار والرخاء.
وسبق أن أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على أن "نواكشوط جزء أساسي في هاته المبادرة"، الأمر الذي يطرح الكثير من التكهنات حول "الأدوار التي ستقدمها الجارة الجنوبية للمملكة" وعن إمكانية "تأثير" الانضمام على مواقفها "الحذرة" من ملف الصحراء.
ومع الإعلان الرسمي لبوريطة بوجود موريتانيا في مبادرة الأطلسي، يظهر "تعويل" المغرب على جارته الجنوبية من أجل إنجاح هذا الورش، الذي من المرتقب أن يعطي "دفعة اقتصادية" مهمة في المنطقة و"يقوي" بذلك الروابط الاقتصادية التي تجمع الرباط بعمقها الإفريقي.
هذا، وسجل مراقبون أن دخول موريتانيا إلى هذا الورش "سيقربها" نحو الخروج من منطقة "الظل" في ملف الصحراء المغربية، إذ تواصل نواكشوط حاليا الحرص على ما تسميه ب"الحياد الإيجابي"، من خلال إبقاء الاعتراف بجبهة "البوليساريو" والدعوة إلى إيجاد حل أممي متوافق عليه.
ويبحث المغرب من وراء المبادرة إلى كبح جماح الجزائر التي تسعى بمعية حلفائها إلى عزل المغرب، خاصة بعد احتضانها في نونبر 2023 مشروع بناء اتحاد مغاربي مصغَّر يقتصر على تونس وليبيا والجزائر .
وتتوجس الجزائر من ارتدادات ربط منطقة الساحل بالأطلسي خاصة بالنسبة للدول الحدودية التي طالما اعتبرتها حديقتها الخلفية مثل مالي وتشاد. بالمقابل يطمح المغرب إلى المشاركة في ديناميات إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية بمنطقة الساحل وجنوب الصحراء، وهي منطقة تشهد موجة جديدة من الانقلابات تتغذى أساسا على تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
في هذا الخضم، ترمي المبادرة الأطلسية للمغرب إلى المساهمة في تثبيت دعائم الاستقرار السياسي بالمنطقة، الأمر الذي قد يساعد على تقوية نفوذ المغرب بتشاد، وكذلك سيساعد على تطوير علاقاته بمالي وبوركينا فاسو والنيجر التي ظلت دون المستوى المطلوب.