تميزت آخر جلسة ظهر فيها رئيس الحكومة بمجلس النواب؛ بوقوعه في أربع ورطات:
الورطة الأولى: إهانة سيدة نائبة محترمة، واستهدافها بعنف لفظي مباشر؛ بعدما أوجعته بقوة تعقيبها على جوابه المقروء، على أسئلة أعضاء المجلس المتعلقة بالسياسة العامة. وجدير بالذكر؛ أن وقوع السيد أخنوش في هذه الورطة ليست الأولى من نوعها؛ فهل ينسجم هذا التصرف مع ادعاء رئيس الحكومة وأعضائها المتعلق بالدفاع عن حقوق المرأة والنهوض بأعضائها…؛ وهل يملك رئيس الحكومة الجرأة للاعتذار عن هذا التصرف المهين؛ باعتباره إهانة مُرَكَّبة؛ حيث إنها -من ناحية أولى- إهانة من عضو في الحكومة في حق عضو من البرلمان؛ بما يجسد إهانة من السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية، ومن ناحية ثانية هي إهانة في حق امرأة شريفة؛ كل ذنبها كونها واجهت رئيس الحكومة، بحجج ومواقف واضحة وقوية، تبرز تهافت ما يطرحه رئيس الحكومة، وهي -من ناحية ثالثة- إهانة للتطور الديموقراطي الذي كرسه المغرب عبر مسار طويل؛ يبدو أنه ليس لرئيس الحزب الأغلبي أي نصيب في تملكه والتشبع به.
الورطة الثانية: تصريح السيد أخنوش؛ الذي نسي صفته كرئيس للحكومة مثُل أمام أعضاء مجلس النواب، يوم الاثنين 16 ديسمبر 2024، للإجابة على الأسئلة الموجهة إليه وتتعلق بالسياسة العامة طبقا للفصل 100 من الدستور؛ وارتدى قبعة المستفيد الأكبر من صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء؛ حيث حاول أن يقدم للرأي العام، في مقطع مرتجل من مداخلته خارج ما كُتِب له، فأعلن أنه -ضدا على ما وصفه بكذب بعض الناس حول الموضوع؛ فأعلن -أكثر من مرة خلال مداخلته خلال الجلسة المذكورة- بشكل صريح ومباشر؛ أن اللجنة الوطنية للاستثمارات قررت عدم منح أي دعم للتجمع نائل صفقة تحلية المياه المعلومة.
وحيث إن حزب العدالة والتنمية أوضح، خلال ندوته الصحفية بتاريخ 19 ديسمبر 2024، أن تصريح رئيس الحكومة المشار إليه آنفا يتعارض مع ماورد ببلاغ اللجنة الوطنية للاستثمارات المنعقدة بتاريخ 10 ديسمبر 2024؛ وهو البلاغ الذي أكد أن اللجنة صادقت "على 4 مشاريع في إطار نظام الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي، تتعلق بقطاعات التنقل الكهربائي، والصناعة المرتبطة بالطاقات المتجددة، وكذا تحلية مياه البحر بجهات كلميم وادنون، وطنجة-تطوان-الحسيمة، والدار البيضاء-سطات. وستمكن هذه المشاريع التي تقدر قيمتها الاستثمارية ب 21 مليار درهم، من إحداث حوالي 10.000 منصب شغل".
وبناء عليه؛ أصبح واجبا على رئيس الحكومة؛ أن يوضح للرأي العام؛ الخيط الأبيض من الأسود في الموضوع؛ سيما أنه؛ يمكن أن يدرج جوابه هذا حين تناوله الشق المتعلق بسياحة المال والأعمال ببلادنا؛ باعتبارها إحدى واجهات السياحة ببلادنا؛ وذلك في معرض جوابه، خلال جلسة يومه الاثنين 2 يناير على سؤال في موضوع ‹التوجهات الكبرى للسياسة السياحية ببلادنا›؛ علما أن الأمر – في نظرنا- كان يكفي فيه إصدار بلاغ جديد للجنة الوطنية للاستثمارات؛ التي يرأسها رئيس الحكومة نفسه؛ بصفته هذه!!
الورطة الثالثة: تصريح السيد أخنوش أن حيازته للصفقة المذكورة ليس فيه إخلال بالتنافسية؛ كما اتسم بكامل الشفافية؛ وأنه يعبر عن مخاطرة بما يقدر ب 65 مليار درهم…. الخ
غير أن حزب العدالة والتنمية وقف كثيرا، خلال ندوته الصحفية ل 19 من ديسمبر المشار إليها، عند كناش التحملات المتعلق بالصفقة المذكورة؛ الذي ينص صراحة على أن تكون للتجمع المرشح للظفر بالصفقة المذكورة، تجربة في الميدان لمدة لا تقل عن 15 سنة؛ وهو نفس الشرط المطلوب توفره حتى بالنسبة للشركات المكونة للتجمع المعني؛ وهو ما لا يتوفر تماما على في شركة أكوا؛ مما يعني أن تفويت الصفقة تم بطريقة مخالفة لكناش التحملات؛ مما يجعلها باطلة قانونا، وفضيحة أخلاقية جسيمة.
وهو ما يستدعي -في نظرنا- تكذيبا من جهة رئيس الحكومة مع تمكين الرأي العام من نسخة من كناش التحملات؛ أو اعتذارا للمغاربة بشكل صريح ومباشر أيضا.
الورطة الرابعة: حيث أكد رئيس الحكومة -مرة أخرى- خلال آخر جلسة شهرية له بمجلس النواب (الاثنين 16 ديسمبر 2024)، أن حكومته لم تجد ولا مرسوم واحد (zéro décret) في إطار تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية؛ وهو ما حذا بالعدالة التنمية (داخل مجلس النواب، ومن خلال الندوة الصحفية) إلى تكذيب ادعاء السيد عزيز أخنوش؛ وتحديه بتقديم استقالاتهم من البرلمان…
وهو ما يفرض على رئيس الحكومة أن يَفِيَ بما تعهد به؛ حينما تعهد بتمكين أعضاء المجلس من قائمة المراسيم التي تم اعتمادها من قبل الحكومة الحالية؛ مع بيان تاريخ إصدارها؛ بما يؤكد أنها لم تصدر قبل تشكيل حكومته حسب ما يدعيه أعضاء الحكومة الحلية ورئيسها في مقدمتهم. وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية؛ قامت بتمكين رئيس الحكومة، خلال الجلسة الشهرية ل 27 يناير 2024، من رسالة في الموضوع مرفقة بجدول، وعلبة تتضمن نسخا ورقية؛ من كافة النصوص القانونية والتنظيمية التي تم إصدارها؛ في إطار تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية؛ قبل تشكيل الحكومة الحالية؛ بل قبل تعيين رئيسها؛ وقبل انتخابات الثامن من سبتمبر 2021.
فهل يملك السيد أخنوش ما يكفي من الحجج لكي يشكك في الوثائق التي تسلمها من العدالة والتنمية، أم يتحلى بما يكفي من الجرأة فيعتذر للمغاربة احتراما لهم.
ختاما؛ يمكن لرئيس الحكومة أن يكون جاهلا ببعض المعطيات؛ ويمكن لمن يمده بالأجوبة المكتوبة أن يضلله أو أن يمده بمعطيات خاطئة؛ أو لأي خطأ لا ينجو منه أي عمل بشري؛ مما يستوجب -إذا تأكد- تقديم اعتذار لا ينقص من قيمة صاحبه؛ بل ويعبر عن احترامه للمغاربة، أما الإصرار، وتخراج العينين؛ دون تقديم الحجج لمواجهة الحجج التي أدلت بها العدالة والتنمية؛ فهو يعنيه ما يعنيه ديموقراطيا وسياسيا وأخلاقيا.