رفضت حركات نسائية ربط تعديلات مدونة الأسرة بالتحديات الديمغرافية التي تواجه المغرب، وفق ما أشار إليه وزير العدل السابق، المصطفى الرميد، في تدوينة له عبر صفحته الرسمية، الذي أكد أن "المعطيات التي جاءت في الإحصاء الوطني الأخير، تعكس خطرا حقيقيا يهدد المستقبل الديمغرافي للمغرب، مشددا على "ضرورة فتح نقاشات عمومية عميقة حولها، وتقديم حلول شاملة من قبل الفاعلين السياسيين والمجتمعيين، بدل التعامل معها وكأنها معطيات عادية لا علاقة لها بالأسرة والإصلاحات المرتبطة بها". وأوضح الرميد أن "التعديلات خضعت لعمل دقيق من قبل اللجنة المكلفة، التي أحالت المقترحات إلى المجلس العلمي الأعلى، وهو الجهة التي يخول لها الدستور الكلمة الأخيرة في القضايا الشرعية"، مردفا أن "هذا لا يمنع من إبداء الرأي والتنبيه إلى الأبعاد الديمغرافية التي تكتسي أهمية قصوى، خاصة مع صدور معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024".
وقدم وزير العدل السابق أرقاما وصفها ب"الصعبة" حين أشار إلى استمرار انخفاض معدل الخصوبة الكلي من 2.5% سنة 2004 إلى 2.2% سنة 2014 ليصل إلى 1.97% سنة 2024، مؤكدا أن "هذا الانخفاض أثر بشكل مباشر على حجم الأسر المغربية، الذي تقلص من 5.3 أفراد سنة 2004 إلى 4.6 أفراد سنة 2014، ثم إلى 3.9 أفراد سنة 2024′′، مشيرا إلى أن "الإحصائيات أظهرت تباطؤا واضحا في النمو السكاني، الذي انخفض من 1.38% بين 1994 و2004 إلى 0.85% بين 2014 و2024".
وأشار المسؤول الحكومي السابق إلى أن "مدونة الأحوال الشخصية لعام 1957 كانت تعرّف الزواج بأنه "ميثاق ترابط وتماسك غايته العفاف وتكثير سواد الأمة"، في حين استغنت مدونة الأسرة لعام 2004 عن هذا التعريف، مما يعكس، بحسبه، تغييب البعد الديمغرافي عن التشريعات الأسرية".
وفي هذا الصدد، قالت سميرة موحيا، رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء بالمغرب، إن "التعديلات الأخيرة التي كشفت عنها اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة ليست لها علاقة بالزواج، وأظن أنها ليست لها تأثير أيضا على النمو الديمغرافي بالمغرب"، مؤكدة أن "النمو الديمغرافي له تحديات وأسباب بعيدة عن الزواج، وأن المدونة تحاول فقط إيجاد حلول وأجوبة للمشاكل الأسرية".
وأضافت موحيا، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "النمو الديمغرافي له أسباب اقتصادية واجتماعية تتعلق بالتمدن والهجرة، ومرتبط أيضا بتوجهات الدولة المغربية، ولهذا فإنه لا يجب ربط مدونة الأسرة بالأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط".
وتابعت المتحدثة عينها أنه "لا يمكن مقارنة النمو الديمغرافي الحالي بنمو السكان خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي، لأنه في تلك الفترة كان التعليم مثلا ليس من الأولويات بالنسبة للمواطنين المغاربة، وهذه مفارقة مهمة يجب الانتباه إليها لعدم الوقوع في بعض المغالطات".
وأوضحت أن "إكراه التعليم من بين الأسباب التي تؤخر سن الزواج بالمغرب، ونحن كمنظمة نسائية نسجل على أن هذه المقترحات الأسرية لم ترق إلى مستوى تطلعاتنا، ولذا نريد فقط تعديلات تقضي على التمييز الذي تعيشه المرأة المغربية وتوفير جميع الحقوق خلال الزواج وبعد طلاقها أو وفاة زوجها".
ولفتت موحيا، إلى أن "المجتمع المغربي لا يتعرف بالإنتاجية النسائية، حيث إن المسألة أصبحت مرتبطة بتوزيع السلط داخل الأسرة، وأن الزواج ليس له علاقة بالمدونة لأنه مرتبط أكثر بمدى استعداد الزوجين لقص شريط الزوجية"، مبرزة أن "هذا المشروع الأسري هو مسؤولية تحمل على عاتق الأزواج".