في الوقت الذي تؤكد الحكومة على لسان رئيسها عزيز أخنوش ووزيرها المكلف بقطاع الشغل، أن ملف التشغيل يحظى بأولوية قصوى، خاصة وأنها خصصت له في قانون مالية 2025 حوالي 14 مليار درهم، دقت المندوبية السامية للتخطيط ناقوس خطر ارتفاع معدل البطالة بشكل لم يعرفه المغرب من قبل. وهكذا أعلنت المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل البطالة في المغرب انتقل خلال الفترة ما بين 2014 و2024 من 16.2 في المائة إلى 21.3 في المائة، موضحة أن المعدل انتقل من 19.3 إلى 21.2 بالمائة بالوسط الحضري، ومن 10.5 إلى 21.4 بالمئة بالوسط القروي.
هذا الارتفاع القياسي لمعدل البطالة بالمغرب، يتطلب، حسب متتبعين، القيام بإجراءات مستعجلة قصد استيعاب هذه الظاهرة ذات الآثار الخطيرة على الاقتصاد الوطني وعلى البنية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي في المملكة.
ويلاحظ أن ارتفاع نسبة البطالة بالمغرب إلى 21.3 في المائة، يعود في الأساس إلى أن المغرب، أصبح اليوم يفقد فرص الشغل أكثر مما يقوم بخلقها، مما يسائل جهود وإجراءات الحكومة في هذا الصدد.
ويرى محللون اقتصاديون أن أحد الإشكالات الأساسية لارتفاع معدل البطالة يرجع لحالة الجفاف التي يعاني منها المغرب، حيث إن المملكة تعرف للسنة السادسة على التوالي حالة جفاف قاسية، مما كان له أثر خطير جدا على العالم القروي.
وأدت حالة الجفاف إلى فقد المغرب ثلث المساحات المزروعة في سنة واحدة هي 2023، حيث تراجعت المساحات المزروعة من 3,5 إلى 2,5 مليون هكتار، ناهيك عن تراجع زراعات الحبوب والزراعات الخريفية والربيعية والصيفية، وتراجع حجم قطيع المواشي.
غير أنه رغم الاتفاق على تأثيرات الجفاف على اليد العاملة بالقطاع الفلاحي وهو معطى خارج عن إرادة الحكومة، فإن هناك من يحمل حكومة أخنوش مسؤولية هذا النزيف بسبب عدم قدرتها على إبداع بدائل وإطلاق محركات أخرى للاقتصاد الوطني قادرة على خلق مناصب للشغل، الأمر الذي جعل الاقتصاد الوطني عاجزا عن خلق مناصب شغل كافية، مما أدى إلى أن نسبة النمو لازالت في مستويات محدودة ولازالت حتى الاستثمارات الخارجية في تراجع.
وبالحديث عن الاستثمارات، فرغم أن أن ميزانية الاستثمار التي جاءت في قانون مالية 2022 بلغت 300 مليار درهم، وفي سنة 2023 بلغت 345 مليار درهم، غير أن هذه الميزانيات الضخمة، حسب محللين اقتصاديين، غير منتجة للثروة وغير موفرة لوظائف الشغل بالشكل المطلوب.
وفي الختام، ينبغي التذكير أيضا بأن أحد الإشكالات التي أدت إلى تصاعد قياسي لمعدل البطالة هو "النتيجة الضعيفة" للبرامج التي اعتمدتها الحكومة في خلق مناصب الشغل من قبيل برامج "فرصة" و"أوراش" وغيرها من البرامج التي تضخ ملايير الدارهم من أجل تشغيل مؤقت بغية رفع المؤشرات الدالة على أن الحكومة قامت بتشغيل عدد كبير من الناس، رغم أن الواقع لا يعكس بتاتا نجاح هذه البرامج!!.