في الوقت الذي أعلنت المندوبية السامية للتخطيط، ارتفاع معدل البطالة في المغرب إلى 13.7 في المائة في الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي مقابل 12.9 في المائة خلال نفس الفترة من العام الماضي، حذر خبراء في المجال الاقتصادي من أن يزيد هذا الارتفاع الطين بلة بالنسبة للوضع الاجتماع للمغاربة.
الخبير الاقتصادي عبد النبي أبو العرب، اعتبر أن ارتفاع معدل البطالة يتطلب القيام بإجراءات حكومية مستعجلة قصد استيعاب هذه الظاهرة ذات الآثار الخطيرة على الاقتصاد الوطني وعلى البنية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي في المملكة.
وأكد أبو العرب، في تصريح ل"الأيام 24″، أن ارتفاع نسبة البطالة بالمغرب، يعود في الأساس إلى أن بلادنا أصبحت اليوم تفقد فرص الشغل أكثر مما تقوم بخلقها، مسجلا أن هذا الأمر يسائل جهود وإجراءات الحكومة في هذا الصدد.
وأوضح أبو العرب، أن المغرب فقد 80 ألف منصب شغل خلال سنة 2023، مبينا أن المشكل الأساسي ينطلق من حالة الجفاف التي يعاني منها المغرب، حيث إن المملكة تعرف للسنة السادسة على التوالي حالة جفاف قاسية، كان لها أثر خطير جدا على العالم القروي.
وأضاف أن المغرب فقد ثلث المساحات المزروعة في سنة واحدة هي 2023، حيث تراجعت المساحات المزروعة من 3,5 إلى 2,5 مليون هكتار، مشيرا إلى تراجع زراعات الحبوب والزراعات الخريفية والربيعية والصيفية، وتراجع حجم قطيع المواشي.
وسجل أن الأنشطة الفلاحية التي ظلت نشيطة هي الأنشطة ذات الرأسمال الكبير والمكننة العالية والتي لا تتطلب يدا عاملة كثيرة، منبها إلى أن العالم القروي فقد نسبة كبيرة من اليد العاملة تقدر بحوالي 160 ألف منصب شغل. وأردف أن "هذا الرقم يترجم حجم الكارثة التي نعيشها".
وأكد أنه من المنتظر أن يستمر العالم القروي في نزيف فقدان مناصب الشغل بالنظر لاستمرار حالة الجفاف واستمرار تراجع حقينة السدود، ناهيك أن المغرب يتجه إلى تقليص المساحات المزروعة والرفع من مردوديتها باللجوء إلى تقنيات ووسائل متقدمة تحد في كل الأحوال من الحاجة إلى اليد العاملة، معتبرا أن "المستقبل سيكون غير إيجابي فيما يتعلق بقدرة العالم القروي على خلق مناصب الشغل".
وأمام هذه "الوضعية الكارثية" لسوق الشغل خاصة في العالم القروي، قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش إن "الواقع يؤكد أننا عشنا 3 سنوات متتابعة من الجفاف.. الغالب الله"، مؤكدا أن "هذا أفقد القطاع الفلاحي 200.000 منصب شغل سنويا في القطاع الفلاحي، لكن في مقابل ذلك خلقنا 600.000 منصب شغل".
وأوضح أخنوش، في رده على تعقيبات البرلمانيين خلال الجلسة العمومية الخاصة بمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، أول أمس الأربعاء، أنه "مقابل ذلك هناك انتعاش للتشغيل في عدة قطاعات على غرار الصناعة والصناعة التقليدية والسياحة وقطاع الخدمات، وبإمكاننا أن نسترجع مناصب الشغل المفقودة في القطاع الفلاحي".
وشدد رئيس الحكومة، على أنه"سيركز خلال النصف الثاني من عمر هذه الولاية الحكومية، بشكل أكبر على التشغيل، ومن المؤكد أننا سنسترجع مناصب الشغل التي فقدناها بسبب الجفاف".
غير أن الخبير الاقتصادي أبو العرب، يرى أنه إضافة إلى معطى الجفاف التي قد يكون خارجا عن إرادة الحكومة، إلا أنها "لم تستطع لحد الآن خلق بديل وإطلاق محركات أخرى للاقتصاد الوطني قادرة على خلق مناصب للشغل".
وأوضح أبو العرب، أنه "لحد الآن لازال الاقتصاد الوطني عاجزا على خلق مناصب شغل كافية، ولازالت نسبة النمو في مستويات محدودة ولازالت حتى الاستثمارات الخارجية في تراجع".
وخلص أبو العرب، إلى أن الوضع الاجتماعي فيما يتعلق بمعدل البطالة وبسوق الشغل يبقى "مقلقا"، خاصة بطالة الشباب التي صدر مؤخرا بخصوصها رأي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يوضح أن 4,3 مليون شاب وشابة هم في حالة عطالة، داعيا الحكومة إلى إبداع إجراءات جديدة قصد استيعاب هذه الظاهرة ذات الآثار الخطيرة على الاقتصاد الوطني والبنية الاجتماعية.