في وقت يكافح خلاله المغرب إحدى أسوء موجة جفاف منذ أكثر من 40 عاما إذ سجلت الدولة عجزا بلغت نسبته 64 في المائة مقارنة بموسم عادي، ما أثر بصفة خاصة على الزراعات وتوفير الكلأ للماشية، ورغم المحاولات الحثيثة لوضع استراتيجيات تستهدف إدارة المياه ومساعدة المزارعين والتأمين الزراعي وتمويل عمليات تزويد السوق بالقمح وعلف الماشية، بيد أن خبراء يؤكدون على ضرورة تجاوز الاقتصاد الوطني حالة الاترباط بما تجود به السماء والاتجاه نحو اقتصاد منتج أساسياته لا تتوقف عند التغيرات المناخية. وماتزال تداعيات الجفاف الذي تشهده بلادنا تجثم على صدور الفلاحين، وعن تداعياتها يقول الخبير الاقتصادي أحمد بالعايدي في اتصال مع "الأيام 24" إن للجفاف اثار خطيرة وكارثية على القيمة الاقتصادية، خاصة وأنه يتزامن مع معوقات داخلية وخارجية، سيجتر الاقتصاد الوطني مخلفاتها خلال السنوات المقبلة، لاسيما على مستوى الميزانية.
هذا الوضع بحسب الخبير الاقتصادي، سينجم عنه تداعيات اجتماعية صعبة سواء على مستوى خلق مناصب الشغل أو ارتفاع معدلات البطالة، المرتفعة أساسا، على اعتبار أن القطاع الفلاحي يشغل أعداد مهم من اليد العاملة وحتى في ارتباطه مع قطاعات انتاجية أخرى، وتماشيا مع هذه المعطيات سبق للمندوبية السامية للتخطيط في أرقام رسمية للسنة الماضية، حيث بلغت البطالة معدل 11.8 في المائة، مايعني أن حوالي مليون ونصف مليون شخص بدون عمل منهم 60 في المائة بالوسط القروي و25 بالوسط الحضري.
الاقتصاد الوطني، لن يحقق، وفق المتحدث الطفرة أو النقلة المرجوة في انعكاسها على الوضع المعيشي على المواطن ويساهم في تحقيق عدالة مجالية واجتماعية، إلأا إذا تحول من اقتصاد يخضع لرحمة السماء إلى اقتصاد بخطوط واضحة ومرتكزات صلبة تساهم في تحديد أولويات السياسات الحكومية وترسم استراتيجياتها على المدى المتسوط والبعيد.
قلة التساقطات المطرية ستفقد الانتاج الفلاحي في نهاية الموسم حوالي مبياري دولار بمعنى فقاد 50 في المائة من الإنتاج، وضع يقول عنه أحمد بالعايدي إنه "سيدفع الفاعل الحكومي إلى ضخ ميزانية مهمة في القطاع الفلاحي والاقتصادي بصفة كاملة، لكن نتساءل هنا إلى متى؟".
الأولوية تتطلب رسم سياسات اقتصادية في علاقتها بالنظام الاجتماعي، وبالتالي إعادة النظر في كيفية تدبير القطاع الفلاحي بالمغرب بما يستوجب استحضار تغير الظروف المناخية وانتقال العالم إلأى مرحلة مهمة من التقدم التكنولوجي.
ويواجه المغرب تحدي ندرة المياه، إذ تشير أرقام رسمية إلى تراجع مقلق في حصة الفرد السنوية من المياه في المغرب، إلى أقل من 650 متراً مكعباً سنوياً، مقابل 2500 عام 1960، ومن المتوقع أن تقل هذه الكمية عن 500 متر مكعب بحلول سنة 2030، بحسب تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وما عقّد مشكلة ندرة المياه في البلد، تشجيع الزراعات التي تستهلك الماء بشكل كبير، خصوصا البطيخ الأحمر، إذ انتقلت المساحة المزروعة من 2000 هكتار عام 2008 إلى 10 آلاف هكتار حاليا.
وكانت الحكومة أقرت في وقت سابق برنامجاً وطنياً للتزود بالمياه لأغراض الشرب والري للفترة 2020 2027، باستثمارات تبلغ 115 مليار درهم.